الوحدة : 6-12-2020
للمصطلحات علم حاضر في كل حقل من حقول العلوم البشرية، ازدهر مؤخراً في البلاد العربية، وزادت أهميته زمن الصراعات والتحديات الهائلة التي يواجهها الوطن العربي عموما وسورية خاصة…
ثقافة المرونة النفسية اتجاه التحديات المتواصلة عنوان المحاضرة التي ألقتها الدكتورة مرسيلينا حسن في المركز الثقافي العربي في طرطوس ظهرية يوم الأربعاء وكانت ختام مهرجان أم الربيعين وأقيم هذه السنة- تحت عنوان (متعبون ولكن) إحياء للذكرى 21 لرحيل الأديب الصحفي والشاعر إبراهيم عبد الهادي..
ثقافة المرونة النفسية عنوان يحمل في مضمونه مصطلح تربوي ثقافي وفكري أسقطته الدكتورة الحسن على الارتدادات النفسية المنبعثة من ردات الأفعال المختلفة لأشخاص واقعين تحت وطأة اجتياح وباء كورونا للعالم بأسره… وما سببه من تجميد للأعمال، وتغيير إيقاع الحياة وصل حد شلل الدول العظمى في ضبطه والتكيف معه…
اليوم، والتساؤل طرحته المحاضرة، لكي يكون أي منا قادراً على مواجهة التحديات المفروضة عليه بمن سيثق أمام سرعة المعلومة وتدفقها؟
فسرعة المعلومة يستطيع أحدنا ضبطها، أما تدفقها فلا يمكن إيقافها كونها سلاحاً ذا حدين غير وغير محددة المعالم والمصادر، من هنا نشأت ثقافة جديدة هي ثقافة المرونة في تجلياتها العاطفية والذاتية والثقافية والسياسية لتغير من طبيعة الحياة المعاشة، وتكسر الجمود الناشئ من الصدمات النفسية ليعيش حينها الفرد اللحظة بفرحها ومرارتها، وبنظرة تفاؤلية وتأملية، وهذا هو البعد العاطفي والجوهري لثقافة المرونة، فلا شيء مثالي ودائم وبالتالي إعادة الأولويات وترتيبها حسب المتغيرات المطروحة هو إنجاز بحد ذاته..
تتابع الدكتورة الحسن لتعطي تعريفا أكثر شمولية عن ثقافة المرونة بأنها ثقافة القيم العالم يتواصلون مع بعضهم البعض على حامل القيم وكثير من المفردات النفسية تتداخل فيها المرونة، فالمهارات العامة للأفراد تتقاطع مع مهارات الذكاء العاطفي والذي يتميز بالإحساس العالي بالآخر ومبادلة الأدوار، بينما نجد الأحكام المتسرعة والتقييم المجحف في العموم هو سيد الموقف…
ومؤخراً عرفت ثقافة المرونة على أنها ثقافة إبداع ينتج عنه التجدد والنظر إلى القضايا نظرة مختلفة، فالشخص المبدع هو المرن الذي يعرف مقاربة الأمور والخلافات ويضع البدائل والحلول لها، وهذا بحد ذاته أبداع أشبه ما يكون للسحر حيث يحفز أذهان الآخرين بثقافته هذه لفعل أمور خلاقة ويبدل بذلك نمطية الحلول ويوظف المعارف التي راكمتها البشرية في كل نتاج أدبي وفكري وبطرائق مختلفة ومنوعة…
تتابع الدكتورة الحسن لتستخلص العبرة من وجوب نشر ثقافة المرونة لما لها عظيم الدور في قدرتنا على مواصلة الحياة بشكل سليم، معتبرة الجائحة المحنة الشديدة (منحة) وفرصة للعيش في سلام داخلي ورضا وانتماء يتجلى بالتواصل مع الأسرة والأصدقاء والآخرين بانتماءاتهم العقائدية المتعددة..
في علم الفلسفة يقال (هناك عين، وهناك إدراك) وعام 2020 حمل معه – ولم يزل- كبرى التحديات والمفاجآت للعالم عامة وللشعب السوري خاصة لذا اقتضى التحلي بالمرونة الذهنية والعاطفية اتجاه التحديات والمصاعب المتواصلة التي تشهدها الساحة السورية، ومهرجان أم الربيعين بعنوانه الكبير (متعبون ولكن) فتح تساؤلات جمة، وجبهات عمل واسعة كل من موقعه ،لعل أهمها العمل الثقافي والفكري لكن ليس آخرها.
نعمى كلتوم