الوحدة 2-12-2020
إدمان.. أم مجاراة لأحداث العصر تدخلت وسائل التكنولوجيا الحديثة في تغيير أنماط الحياة وأساليب العيش والعادات اليومية في مجتمعاتنا على مر السنين عبر العديد من الاختراعات، تأتي في مقدمتها ألعاب الأطفال الالكترونية، أو ما تعرف بالألعاب الرقمية، والتي كان لها أبلغ الأثر والتأثير على حياتنا، خاصة على الأطفال والمراهقين، ولا يمكننا إخفاء قلق الأهل الدائم من خطر إدمان أطفالهم على هذه الألعاب، مع سهولة الوصول إليها عبر الهواتف النقالة أو الحواسيب أو أجهزة رقمية خاصة بها، فقد وصلت هذه الألعاب الالكترونية إلى مستوى متقدم من التطور التقني الهائل، وأصبحت أقرب إلى العالم الحقيقي بسبب أنظمة المحاكاة والتفاعل والتأثيرات البصرية والصوتية والحركية التي تتميز بها، وعلى الرغم من توفيرها للتسلية والمرح، إلّا أن أضرارها تتمدد على المجتمع إن تمت ممارستها بشكلٍ خاطئ.
صحيح أنه لا أحد ينكر فضل الانترنت والتكنولوجيا، والآفاق الواسعة التي وفّرتها هذه التقنية للجميع، لكن في المقابل، فإن لهذه التقنية أيضاً سلبياتها ومخاطرها، فماذا عن إدمان الأطفال لهذه الألعاب؟
(جريدة الوحدة) رصدت تداعيات هذا السلوك الخاطئ من خلال اللقاءات الآتية: الصديق سومر محمود – 14 سنة – قال: الهدف من اللعب هو الترفيه فقط وتحدي الأصدقاء، وفي أيام العطلة أحياناً استغرق في اللعب من ست إلى ثماني ساعات يومياً، وأقضي أوقاتي أمام الشاشات غارقاً في اللعب حتى الطعام أتناوله وأنا ألعب طبعاً الوضع يتغير في المدرسة حيث تنظيم الوقت كفيل بالابتعاد عن هذه الألعاب وتخصيص الوقت للدراسة فقط.
الصديق يزن سلامة – 12 سنة قال: بدأت بلعبة الأتاري وصولاً إلى الألعاب الالكترونية، وأقضي ساعات طويلة في اللعب فهي ألعاب جميلة، وأستطيع ممارستها وحدي دون الحاجة إلى أحد كي يلعب معي، وهي وسيلة للتسلية موضحاً أن لديه خبرة واسعة في هذا المجال وأنه يستطيع التوقف عن اللعب في اللحظة التي يرى أنها مؤذية وغير مناسبة له.
الصديق عماد حنا– 13 سنة قال: أبتعد كلياً عن هذه الألعاب فهي تستهلك الوقت والعقل بالتفكير بأشكال العنف ورؤية مشاهد مؤذية وأنا أستفيد من الانترنت في مجالات أخرى كتعلم اللغات أو الموسيقا ومشاهدة أفلام عن مشاهير أحبهم وأتابع أخبارهم عبر الشبكة.
السيدة نورما حسن– مرشدة اجتماعية قالت: المسؤولية تقع أولاً على أولياء الأمور بعدم السماح لأطفالهم بممارسة الألعاب التي تحتوي على العنف بأشكاله كافة، فهناك ألعاب جيدة حسب عمر الطفل هدفها المرح بعيداً عن الأشياء المبالغ فيها، ويأتي دور الجهات الرقابية ثانياً بالتشديد على محلات بيع هذه الألعاب والصالات التي تفتح أبوابها للأطفال الهاربين من السلطة الأسرية لممارسة الألعاب الخطيرة التي تعلمهم العنف وعادات سيئة تغرس في عقولهم وتصبح عادة مكتسبة لديهم من خلال كثرة المتابعة للألعاب المحببة لهم.
السيد زياد توما– مهندس وأب لطفلين قال: إننا وللأسف نحن أولياء الأمور من نعلم أطفالنا العنف والانحراف بتلبية رغباتهم من خلال السماح لهم بمتابعة ولعب الألعاب الالكترونية السلبية، ويمكننا بقليل من المتابعة منعهم من ذلك فعندما طلب أطفالي لعبة تدعى (حرب الشوارع) طلبت من البائع مشاهدة مقطع بسيط واستغربت كيف تباع ألعاب بهذا الشكل في العدوانية فالأحداث فيها لا يتحملها الكبير فكيف الأطفال الذين ﻻ يدركون الأهداف السامة فيها؟.
بقي للقول : تُعَرِّف منظمة الصحة العالمية، اضطراب الألعاب الالكترونية على أنه (إعطاء أولوية زائدة لهذه الألعاب على باقي الأنشطة اليومية الأخرى)، وقد دعا القلق المتزايد بهذا الخصوص لإدراج ما أسمته (اضطرابات الألعاب الرقمية) على لائحة اضطرابات السلوك والصحة العقلية لعام 2018، فقد اعتدنا في الآونة الأخيرة أن نجد أطفالاً حاضرين بأجسادهم وسط أفراد العائلة، لكنهم شاردون بذهنهم متجاوزون ما يدور حولهم من أحداث في الإطار الاجتماعي إذ تحولت الألعاب الالكترونية لدى قطاع كبير من الأطفال إلى إدمان، يكسبهم العديد من سلوكيات العنف مع المحيطين بهم حيث باتت تتحكم بالفعل في حياتهم, فهل تلقى هذه الظاهرة الاهتمام الكافي من قبل الجهات المعنية كافة – أسرة وتربويين وجهات رقابية – والتضافر معاً للخروج من سيطرة هذه الوسائل المدمرة على أطفالنا بأقل الخسائر الممكنة، مع التأكيد على أهمية الرعاية لأطفالنا فهي الوسيلة الكفيلة بأن نبعدهم عن آثار مشاهد العنف التي تفرضها هذه الأدوات التي تحارب كل ما هو إنساني وجميل في عالمنا.
فدوى مقوص