التراث في دار الأسد للثقافة

الوحدة: 30- 11- 2020

 

كيف لنا أن نختزل مخزون أمة من التراث المادي والشفهي الذي تشهد له أمم وبلاد بساعة في ندوة أقيمت بدار الأسد للثقافة في مهرجان اللاذقية للتراث؟ ونحن كمؤسسات ومجتمع وأفراد حافظنا عليه حتى في الحرب من يد التشويه والنهب والدمار، فهل استطعنا ؟

الدكتور إبراهيم خير بك، مدير الآثار والمتاحف في اللاذقية، أشار في محور حديثه إلى الأذى الذي تعرضت له آثارنا في كل المحافظات خلال الحرب ومدى الجور والتظلم الذي طالها، فقال : كان من الوزارة أن أغلقت أبواب المتاحف لحمايتها، وهي 36متحفاً متنوعاً حيث كان لدينا عام 2011 أكثر من 100 بعثة أجنبية و2500 موظف.

ومن التدابير التي اتخذتها المديرية العامة للآثار والمتاحف والتي شملت رواتب الموظفين، رفع الوعي، التوثيق والهوية لكل منطقة، حماية المتاحف، التعاون مع السلطات المحلية والمنظمات الدولية، فقد تم إطلاق الحملة الوطنية لتوعية المواطنين (تراثنا هويتنا، مستقبلنا مرتبط بماضينا، يجب علينا حماية تراثنا) وكان قد تم توثيق كل موقع والمعالم التاريخية والأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية واستخدام نظم المعلومات الجغرافية مع التحديث اليومي للمعلومات، والتعاون مع السلطات المحلية والجيش والشرطة وإعادة أكثر من 30 ألف قطعة وأكثرها من تدمر، والمجتمع المحلي ساهم في حماية لوحة برهليا في وادي بردى و..

أشار في حديثه إلى توزع المتاحف في سورية (الوطنية، الأثرية، التقاليد الشعبية) وتحدث عن بعض إجراءات حماية المتاحف ومنها متحف حلب ببناء جدران ضخمة وقوية لتجميع القطع ووضعها في أماكن أخرى، أما ما جاء في حديثه عن حماية وحفظ القطع الأثرية : في الدوائر تم إخلاء القطع من المتحف .

وعرض بعض صور المتاحف بعد السرقة والدمار الذي طالها وصور عن الأغراض التي سرقت منها في (حمص، دير عطية، تدمر، المعالم التاريخية في معلولا والأذى الذي لحق بها، الجامع الأموي، مدرسة الغسانية، البلدة القديمة، حمص قلعة الحصن، إيبلا، القديس سمعان، ..) كما عرض صوراً بالأقمار الصناعية للنهب والحفر والتنقيب غير الشرعي بأفاميا، والقطع المصادرة، ومعبد بيل ومنطقة تدمر، وادي المقابر بتدمر، تل الأشعري بدرعا ..واستعرض بعض أعمال التنقيبات التي أجريت في موقع أوغاريت عمريت، تل النحاس حماة، بحر الميدان تل بالغاب، السويداء .. ثم عرض صور شهداء الآثار .

واختتم حديثه قائلاً : رغم كل الأذى كان فيه إنتاج فكري ومنشورات ضرورية لتكون بأيدي الناس بالمكتبات، وقد أعيد افتتاح أبواب المتاحف اليوم لتوضع في خدمة الزوار الأجانب والعرب، ولتعود الحياة فيها .

الباحث برهان حيدر_ تناول في محور حديثه الأغنية الشعبية التي جاءت في كل وقت ومناسبة لتعبر عن حياة الناس بأفراحهم وأحزانهم وحتى معاناتهم في حياتهم اليومية وعاداتهم وتقاليدهم، وقد رحب بالسادة الحضور كما كان يرحب بقدوم العروس، كما تحدث عن الجدلية في منبت أغنية (ع الروزانا ) حيث انشطرت الآراء ما بين أن تكون نسبة للروزانا التي هي فتحت في سقف بيت التبن أو الروزانا اسم السفينة التي أتت محملة بالتفاح من بلاد الغرب إلى لبنان وكانوا قد طلبوا فيها الحبوب وهو ما قلب موازيين الاقتصاد فيه، والتي قالت هنا : (ع الروزانا ع الروزانا كل الحلا فيها ,شو عملت الروزانا الله يجازيها ) والتجار الحلبيين أنقذوا الاقتصاد اللبناني وأخدوا البضاعة وبادلوها بالعنب وقالوا : يارايحين ع حلب ..حبي معكم راح يا محملين العنب .. بدل العنب تفاح، أما في الروزانا الأولى والتي تؤكد أصلها حيث الحب والعشق بين فتاة وشاب يأتيها عن طريق سطح البناء ويناديها من الروزانا وهي في الأسفل تنصت(ع الروزانا ع الروزانا كل الحلا فيا ع الروزانا ع الروزانا كل الهنا فيا ) وتسمع الأم وتصحو على ابنتها لتطلع على السطح وتردمها فتنوح الفتاة بقولها :

ع الروزانا ع الروزانا كل الهنا فيا .. ويش عملت الروزانا حتى سديتيا .. ويش عملت الروزانا حتى طينتيا

الأغنية ليس لها حدود وحواجز انتقلت لكل البلاد مثل لبنان وفلسطين و..غيرها

لبنان لا تسكني ..لبنان فيا شوك .. والشام يا مهجتي ..ساكن فيا المحبوب

في فلسطين قال : يا رايحين ع صفد ..صفولي نيتكم ..تلتين عقلي شرد ..بهوى بنيتكم

وأغان في العسكرية وسفر برلك و… والحصاد (تا غنيلك قصيدة وعلى شهر الحصيدة.. شحار المرتو حبلي ..)تحكي عن الواقع بكل تفاصيله والأغنية الشعبية مع برهان حيدر تطول ولا مجال لحصرها فهي عنده إلى ما لا نهاية .

الباحث حيدر نعيسة _ تمحور حديثه حول أهمية التراث الريفي فأشار بأن

التراث الريفي ذو بعد وطني كبير، فالجميع من سائر الأطياف والطوائف، من الأحزاب والمنظمات، من مختلف الانتماءات والتوجهات، يمارسون العادات والتقاليد نفسها ويستخدمون الآداب والأمثال والتعابير والقيم الشفوية الشعبية نفسها، فضلاً عن أسر الحرف والصناعات اليدوية الشعبية هي إحدى الملامح التراثية الوطنية وهي ذات فوائد ومنافع اقتصادية وسياحية كبيرة .. وقد افتقدنا اليوم أكثر من ألف عادة من الأعوام الماضية، العادات والتقاليد في قرانا انضمرت والتعاون الذي كانت تسمو به افتقدته ،

التراث الشعبي ينقسم إلى : مادي وشفهي منطوق وليسا منفصلين، والتراث هو الموروث وذو جانب وطني وروحي، فإنتاج اليوم هو تراث الغد،إن التراث فضلاً عن كونه هوية وطنية تعبر عن ذات الشعب أو الأمة، كذلك فإنه إنتاج شعبي عام، وتتجاوز حدود الملكيات الفردية إلى حد كونها كالثروات الكبرى والبحار والأنهار والغابات وما مثلها .

إن من الواجب الحفاظ على تراثنا إذ يشكل التراث هدفاً أساسياً للأعداء، يشوهونه ويطمسونه ويلغونه، فهناك تحديان داخلي يتساوى مع التحدي الخارجي المتمثل بالغزو الثقافي الأجنبي وإحلال البديل الهزيل محل الأصيل والجديد محل التليد، إن أخطر ما يهدد التراث هو التشبه بالأجنبي وتقليده تقليداً أعمى على حساب ما هو أصيل عميق الجذور وعريق التاريخ.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار