محبرة الغيم التشرينية

الوحدة: 30- 11- 2020

 

نهارات تشرين دلفت مسرعة، ولجت روزنامة الخريف مسرعة، تأبطت ذراع الأيام، ركضت على الأرصفة، زينتها بحمرة الأزاهير وذهب الأوراق الراحلة عن أمهاتها، الأشجار عريت من خضرة وبنية داكنتين ذات عاصفة بكر شرعت للمدى أبوابها.. وحدهما العاشقان يقفان في وجه العاصفة التشرينية..

قال لها: دعيني اكتب اسمك من محبرة الغيم ككلام سري لا يعرفه سوانا وسحابة أمطرت منذ قليل، كي تمطريني غيثا أزرق في بحر دمي، ألون في البال رسمك  فترمحين فرساً أصيلة في الروح لا تعرف التعب، دعيني أرحل معك غيمة تشرينية نهطل في براري العطش، لا تجف نشوتنا إذ يتفتح أقحوان أول ديمة، ويعلن مهرجانه الزهر.. يسرقني مني إليك، أعدك، وفي العرف الوعد دين، أن تكوني أنا، وأن أكون أنت، أعدك يضج بينا الحنين، ويرحل الألم، أعدك ووعدي يطوقني، يشوقني إليك، إليك مني والجميع والوقت يسرقني..

×××

في تشرين يهل المساء باكراً، تغادر الشمس دوحة النهار، ويعلن الليل سطوته الطويلة على القلوب والأجساد والأرواح، وحده العاشق، وحين يبدأ القمر سفره نحو المدائن البعيدة، يخبرها: ها يسدل الليل ستائره، وعن عيون قطاع طرق الحب يحجبنا، يغطينا برداء حريره الأسود، يكاد في جوى الآهات يردينا، تمضي بنا الساعات مسرعة، ونحن في همس الروح يشعلنا، يذكي عذاب عمر قد عشناه في شوق.. كلانا يخاف ضرام النار تحرقنا.. يا بنت الروح يوشك الصبح ينبلج، وتعلو في السماء الشمس، تعالي نطلق أسراب فرحتنا، ونبل رغبتنا، لانكتم الهمسات والضحكات ترهقنا، إذ لا خوف علينا بعد لقائنا هذا في حضرة تشرين ولا وجل..

خالد عارف حاج عثمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار