التجارب.. وسيلة لتعليم أطفالنا خبرات الحياة

الوحدة 18-11-2020 

 

مهما تعددت المهارات والقدرات الذاتية للفرد وتنوعت الشخصيات التي تميز الناس بأنماط معينة من السلوك والتصرفات ، فإن المكانة الاجتماعية والمهام الرئيسية التي يقومون بها في المجتمع تعتمد بشكل أساسي على مدى التجارب والخبرات التي يكتسبونها من المواقف الحياتية على اختلاف أنواعها ومجالاتها . ومن هنا علينا كمربين وكأهل الانطلاق في التعامل مع أطفالنا من أولوية تربوية تقول بأن المستقبل الزاهر والمهنة الجيدة والسعادة في الحياة التي نريدها لأطفالنا إنما هي حصيلة العمل والجد والاجتهاد, وأنها تقتضي أحياناً أن يتذوقوا طعم الفشل!! والأهم من ذلك كله هو الطريقة التي علينا اتباعها مع أبنائنا لنفهمهم بأنه في العالم الذي نعيش فيه لابد من أن نتعلم كيفية التعامل مع الإحباط والقسوة والعمل الشاق من أجل حياة أفضل, ونحن كآباء لا بد أن نساعد أبناءنا على تطوير مهاراتهم للقيام بهذه الأمور ومقاومة تلك المعوقات. فكثير من الأسر يدفعها حب أطفالها إلى الإفراط في العناية بهم, وإسعادهم حتى لو أصبحوا من فرط عنايتهم عديمي الجدوى. ولذلك فإنه من الحكمة التربوية أن نؤكد أنه كلما أظهر الأبناء نضجاً ؛ يجب منحهم المزيد من التسامح والحرية في اختيار أفعالهم ونشاطاتهم، بل وتشجيعهم على القيام بما يتعلق بتدبير أمورهم , و هذا يشعرهم بقدرتهم على تحمل المسؤولية, ويعطيهم ثقة في أنفسهم, ولا يجب أبداً زرع الآراء المسبقة والجاهزة في اطفالنا أو حرمانهم من الشعور بعواقب أفعالهم، والاستفادة من الخبرات, ولو سببت لهم بعض الألم, فهم بحاجة للشعور بالحياة لكي يتعلموا منها, وليس من الحرص على الأبناء أن نحرمهم من التحاور مع الآخرين أو البقاء بلا أصدقاء، فإن ذلك لا يحميهم من المواقف الصعبة أو الحرجة , بل لا نبالغ إن قلنا أن هذا قد يكون من أكبر عوامل الخروج عن السيطرة أو التمرد على سلطة الآباء , ومن ثم مصادقة أي كان دون ضوابط أوقيود. ومن هنا وجب علينا تدريب الأبناء على اختيار أفضل الأصدقاء، ولا يعني هذا إجبارهم على أصدقاء بعينهم, وإنما توضيح أهمية الدور الذي يلعبه الأصدقاء في حياة الإنسان، وكذلك لابد من التأكيد على أنه يجب أن نحتفظ بمشاعرنا نحو أصدقاء أبنائنا, ونتجنب إبداء النصائح المباشرة بهذا الخصوص, وإذا أراد الابن قطع علاقته بصديقه؛ فيجب أن يكون هذا قراراً خاصاً به وحده, ذلك لأن أي اختيار خاطئ من غيره قد يدفعه إلى تجنب الأصدقاء جميعاً , والميل إلى العزلة عن المجتمع. ويؤكد أخصائيو علم النفس أن إحدى الأخطاء التربوية الكبرى التي نقع فيها , أننا نريد أن ندخل حكمتنا وتجاربنا إلى رؤوس أطفالنا سريعاً، وعلى الرغم من أن هذه الأمنية جميلة, إلا أننا يجب أن ندرك أن أبناءنا لا يمكن أن يكتسبوا التصرف السليم أو الحكمة بهذه الطريقة، ذلك أن هناك طريقة واحدة ناجحة ألا وهي المرور بالتجربة والخطأ على مدى فترة طويلة من الوقت. قد تؤلمنا تجاربهم أكثر مما تؤلمهم، ولكننا لا بد أن نوقن أن هناك طريقة وحيدة ليصبحوا أسوياء ؛ بل ومبدعين، وهي أن يكتشفوا بأنفسهم حقيقة الحياة بالجهد والمحاولة، ودون وصاية من أحد فهل نجعل شعارنا جميعاً : دعهم يكتشفون الحياة ! فالطفل لكي ينمو نمواً نفسياً طبيعياً لا بد له من الشعور بالحرية والاستقلال, والإحساس بأنه قادر على تسيير أموره بنفسه دون معاونة الآخرين، وهذه الأمور هي المقدمة الصحيحة لثقته بنفسه, ومن ثم قدرته على تحمل المسؤوليات في مستقبل حياته.

فدوى مقوص

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار