نقـــاط القـــوّة ترجـــح علـــى الضعـــف فيهـــا ..11 مصرفاً خاصاً تقليديـّاً بـ 143 فرعاً و3إسلاميـّة
العـــدد 9304
الإثنـــــــين 4 آذار 2019
يلعب القطاع المصرفي دوراً مهمّاً على صعيد تكوين بنية الاقتصاد الوطني وتمويل القطاعات الاقتصادية الأخرى وتنميتها وقد ظلّ هذا القطاع مقتصراً على المصارف الحكومية ذات الطبيعة التخصصية حتى صدر القانون 28لعام 2001 الذي سمح بتأسيس مصارف خاصة تمارس نشاطها تحت إشراف مصرف سورية المركزي، حيث دخل وبناء على هذا القانون إلى السوق المصرفية السورية عدد من المصارف الخاصة لتمارس نشاطها جنباً إلى جنب مع المصارف العامة، وبات النظام المصرفي السوري مؤلفاً اليوم من مصرف سورية المركزي و6 مصارف حكومية و14 مصرفاً خاصاً، 11 منها مصارف تقليدية و 3 إسلامية.
ليست منافسة إنّما داعمة للسوق المصرفيّة
وفيما تعددت الدراسات التي تناولت دور المصارف العامة في التنمية الاقتصادية، فإنّ دراسة جامعية أعدتها الباحثة نغم إبراهيم لنيل شهادة الماجستير في الاقتصاد تناولت دور المصارف الخاصة التقليدية في الاقتصاد السوري، مؤكّدة أنّ هذه المصارف التي باتت تقدّم اليوم العديد من الخدمات المتنوعة والكثيرة لم توجد لمنافسة المصارف العامة بل لكي تكون داعمة ورديفة لها من خلال ما تتمتع به من قدرة على التعاون مع الزبائن على اختلاف أنواعهم وما تقدّمه من خدمات مالية وتسهيلات ائتمانية لكافة القطاعات الاقتصادية وذلك وفقاً للإمكانيات المتاحة لها ولاسيما بعد أن توسّعت مجالات عملها لتشمل العديد من الخدمات المصرفية كقبول الودائع بالليرة السورية والعملات الأجنبية وفتح الحسابات الجارية وحسابات التوفير ومنح القروض والتسهيلات التجارية وخدمات توطين الرواتب وفواتير الهاتف لمشتركي الخليوي وتقديم مختلف أنواع القروض حيث شمل قائمة المصارف الخاصة التقليدية اليوم 11 مصرفاً هم بنك بيمو وبنك سورية والمهجر والبنك الدولي للتجارة والتمويل وبنك بيبلوس والبنك العربي وعودة وبنك سورية والخليج إضافة لبنوك الأردن والشرق وقطر الوطني السوري وفرنسبنك والتي يصل عدد فروعها العاملة إلى 143 فرعاً.
وتشير إبراهيم إلى أنّ استراتيجية هذه المصارف تكمن في السعي لأن تكون مؤسسات مالية ومصرفية متميزة ورائدة ومساهمة في تقديم الخدمات الملائمة لحاجات العملاء ومساهمة في عملية البناء والتنمية ومواكبة للتطور التكنولوجي في العمل المصرفي إلى جانب السعي لزيادة حصتها في السوق وتقديم الخدمات المالية والمصرفية بالجودة والأداء الأمثل لافتة إلى أنّ مصادر تمويل هذه المصارف إما داخلية من رأس المال المدفوع والاحتياطات والأرباح غير الموزعة أو خارجية من الودائع بأنواعها الجارية والاستثمارية والتوفير وأيضاً من القروض أو غير ذلك من المصارف المعروفة.
الادّخار اكتناز غير منتج ما لم..! وتستعرض إبراهيم أهم المعايير والمؤشّرات الخاصة بقياس دور المصارف في التنمية ولاسيما من النواحي المتعلقة بالادّخار وتعبئة الموارد المالية وجذب المدخرات من خلال دور الوساطة المالية، لافتة إلى أنّ عدم نجاح المصارف في جذب الودائع لن يمكّنها من النجاح في دورها الاقتصادي القائم على منح الائتمان وهو الأمر الذي سيتحول الادّخار معه إلى اكتناز غير منتج وهو ما ينتج عنه ضعف الاستثمار وتفشي ظاهرة الفقر والبطالة التي تعاني منها الدول النامية، مشيرة إلى أنّ قياس دور المصارف في جذب الادّخار يمكن أن يتم من خلال عدّة معايير أهمها حجم الموارد الإجمالية ومصادر التمويل والأهمية النسبية لأنواع الودائع مشيرة في الجانب المتعلق بمصادر الموارد إلى استمرار نمو حجم الودائع لدى المصارف الخاصة التقليدية السورية بعد سنوات من الأزمة ليصل في نهاية 2016 إلى 806 مليارات ليرة وهو يمثل نمو قدره 442 مليار أي ما نسبة 121,4% عما كان عليه الوضع في نهاية 2011، لافتة إلى أن تتبع حركة الودائع خلال الفترة الواقعة ما بين 2011-2016 بينت انخفاضاً في 2011 وعودتها للارتفاع عام 2013 مفسرة ذلك بالوعي المصرفي وبعودة ثقة العملاء بالمصارف الخاصة نتيجة لأدائها الجيد وخدماتها المتميزة.
أما بالنسبة لمعيار الأهمية النسبية لأنواع الودائع بينت الدراسة بأن حجم الودائع الاستثمارية لعام 2016 قد وصل إلى 385992 مليون ليرة سورية في حين وصل حجم الودائع الائتمانية 420075 مليون ليرة.
تخوّفات من منح الائتمان
في الجانب المتعلق بمؤشرات قياس دور المصارف الخاصة في الاستثمار قالت إبراهيم بأنّ هدف النشاط المصرفي لا يقتصر على جذب الودائع بل إعادة استثمارها في عمليات الإقراض والتسليف بغية دعم الاقتصاد الوطني والمستثمرين باعتبار أنّ المصارف هي المنصّة التمويلية الأولى للأنشطة الاستثمارية للدول والتي تساعد على البناء والنمو وتراكم رأس المال الذي يساعد بدوره على رفع الإنتاج مشيرة إلى أنّ لحظ دور المصارف في الاستثمار يمكن من خلال عدّة معايير مثل حجم التوظيفات في المصارف وجهات التوظيف ومجالاته مؤكّدة أن زيادة حجم التوظيفات تدل على كفاءة المصرف وأن انخفاضها يدل عدم الاستفادة من جزء من الموارد المتاحة وانخفاض الأرباح وهو ما يؤدي إلى انخفاض إقبال أصحاب الودائع مع المصرف وإلى انكماش حجم ودائعه، وهو ما يؤثّر بالتالي على مساهمة المصرف في التنمية ومن الملاحظ في هذا الجانب انخفاض التسهيلات الائتمانية المباشرة للمصارف الخاصة والتي وصل حجمها في نهاية 2016 إلى 139197 مليون ليرة سورية وهو ما يمثل انخفاضاً عما كانت عليه في 2011 بمقدار 63427 مليون ليرة سورية مرجعة الأمر إلى تخوّف المصارف من منح الائتمان في ظل الظروف الراهنة وإلى ارتفاع قيمة المؤونات المخصصة لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها وارتفاع نسبة الديون المتعثرة.
تحسن في الربحية
أما بالنسبة لجهات التوظيف فأكدت الدراسة على أهمية الاستثمار المحلي لدى المصارف لما له من دور على صعيد التنمية الاقتصادية، لافتة وفي الجانب المتعلق ببعض مؤشرات الربحية لدى المصارف الخاصة التقليدية السورية إلى وجود تحسّن في تلك المؤشرات حيث ارتفع معدل العائد على حقوق الملكية من 6,97% عام 2011 إلى 36,5% في 2016 وتحسن معدل العائد على الأصول من 02/1% عام 2011 إلى 8,70% عام 2016، مؤكّدة بأنّه وعلى الرغم من انخفاض نسبة التوظيف في المصارف الخاصة فإن أغلب المصارف الخاصة السورية قد حققت ربحاً وهو الأمر الذي يعود برأيها إلى ربحية القروض المقدمة والدراسة الجيدة لها وانخفاض الديون المعدومة وارتفاع الأصول بالإضافة إلى كون أغلب المصارف ذات طبيعة ائتمانية لا يدفع المصرف عليها أية فوائد ناهيك عن ارتفاع العمولات المصرفية وغير ذلك من الأسباب الأخرى.
وعرضت الدراسة لدور المصارف الخاصة في نشر وتيسير الخدمة المصرفية وفي توفير فرص العمل والحد من البطالة وهو الدور الذي يمكن أن تقوم به المصارف من خلال عدد العاملين فيها وفي فروعها أو من خلال المشاريع المملوكة أو الممولة عن طريقها.
نقاط القوة ترجح على الضعف
وفي الجانب المتعلق بنقاط القوة والضعف لدى المصارف الخاصة التقليدية والتي استندت على الدراسة الميدانية قالت الدراسة بأن نقاط القوة كثيرة ومنها قيام المصارف الخاصة بتقويم أدائها المالي بشكل مستمر مع وجود رقابة فعّالة على السيولة والملاءة المالية والربحية وتزايد نسبة الودائع في هذه المصارف وامتلاكها لنسبة جيّدة من العاملين الذين يمتلكون خبرات علمية خاصة ومفيدة ومساهمتها في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تسهم في زيادة دخل الأفراد وتركيز تلك المصارف على الحصول على رضا الزبائن وتطوير عمليات التشغيل والبرامج والتقنيات وتدريب وتأهيل العاملين قبل الاهتمام بتحقيق الربحية.
أما نقاط الضعف فمنها عدم اهتمام تلك المصارف بالحملات التسويقية الترويجية للخدمات والمنتجات التي تقدمها وانخفاض عدد القروض المقدمة من خلالها والتأخر في تنفيذ الخطط الموضوعة لها وعدم وجود نظام حوافز يكافئ المبدعين فيها وعدم قيامها بتقديم خدمات مصرفية مخصصة للفقراء وكذلك عدم مساهمتها في توفير فرص عمل عن طريق المشاريع المملوكة أو الممولة بالشكل المطلوب.
«بطاقة الأداء المتوازن» وسيلة لترشيد القرارات
وقدمت إبراهيم بعد هذا العرض لواقع المصارف الخاصة مجموعة من التوصيات التي من شأنها زيادة مساهمة هذه المصارف في الاقتصاد الوطني وقد تضمنت تلك التوصيات على ضرورة عمل تلك المصارف على تطوير أساليب تقويم الأداء لديها من خلال اعتماد بطاقة الأداء المتوازن باعتبارها نظاماً متكاملاً للإدارة الاستراتيجية ووسيلة لترشيد القرارات وإقامة الدورات التدريبية المتخصصة للعاملين لتعزيز معرفتهم بأهمية هذا النوع من الأداء وكيفية تطبيقه.
إلى جانب دعوة تلك المصارف للاهتمام بمفهوم الجودة في الخدمة المصرفية من جميع جوانبها والعمل على تقديمها للعميل بأسرع وقت ممكن بالتوازي مع التأكيد على استفادة هذه المصارف من التكنولوجيا الحديثة في المصارف من أجل تطوير وتحسين الاتصال ما بين الموظفين ومع العملاء لإبلاغهم بالخدمات المصرفية الجديدة والعمل على تقويم أداء فروع تلك المصارف وفتح مكاتب عمل وفروع جديدة لها وغير ذلك من التوصيات التي قدمتها الدراسة للارتقاء بأداء تلك المصارف نحو الأفضل.
نعمان أصلان