العدد: 9303
الأحد: 3-3-2019
في حين تتوزع هموم الناس هذه الأيام ما بين الظروف الاقتصادية الصعبة وإمكانية توفير أبسط الحاجيات والحقوق الطبيعية للإنسان والتي يبدو توفيرها في هذا الزمان وكأنه من المستحيلات، تطفو على مساحة حياة البعض إشكالات أخرى لم تكن على بال أحد لتضيف هموماً أكبر ولتزيد مصاعب الحياة تأزماً. من هذه الاشكالات كما نقل إلينا الأهالي في قرية بسين مسألة التحديد والتحرير الذي عانى ويعاني منها معظم العائلات في القرية منذ أكثر من ثلاثين عاماً وتتجدد بشكل دائم، وهم الذين نشؤوا كما كل أبناء الريف السوري على مقولة: الأرض لمن يزرعها ويعمل بها، فكيف إذا كانت هذه الأرض أصلاً ملكهم الشخصي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم ليجيء البعض ويلغي هذه الملكية بحجة إنها حراجية.
وللاطلاع على واقع الأمر زرنا القرية والتقينا فيها العديد من أهلها والذين باحوا عما سبّبه لهم هذا الأمر من آلام وأوجاع.
* السيد يوسف خلوف أمين الفرقة الحزبية في قرية بسين قال: بدأت إشكالات التحديد والتحرير التي قامت بها مديرية المصالح العقارية باللاذقية منذ نحو ثلاثة عقود في ريف القرداحة، وتجلت المعضلة عند الفلاحين عندما أصدرت المخططات والخرائط البعلية من المصالح العقارية وأغلب الناس خارج القرية يبحثون عن لقمة عيشهم، وفي ذلك الوقت كانت الغالبية من رجال هذا الريف يعملون في لبنان وغيرها من البلاد المجاورة لصعوبة الظروف الاقتصادية آنذاك، وقد أظهرت تلك المخططات والخرائط اليأس والغبن والحرمان لأكثر الناس في ريف القرداحة وخاصة في جبل النواصرة وحرف المسيترة مع العلم أن أغلب هذه الأراضي داخل تنظيم البلديات وبني عليها الكثير من المنازل وتوجد فيها غراس مثمرة من زيتون وتفاح ولوز وجوز، عمرها ما بين 30 و40 سنة، ولكن الأهالي استيقظوا ذات يوم على خبر إن أراضيهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم ليست أراضيهم وإنما هي أللجمهورية العربية السورية بصفة (حراجية) حيث جاءت اللجان وعملت على تطويب الأرض بطريقة التضليل وترهيب الأهالي الباقين في القرية وتخويفهم من عملية (الطابو) قائلين لهم إن عملية (الطابو) لها مساوئ وفيها فرض ضرائب ونفقات تفوق طاقة الأهالي، والجميع يعلم إن ثقافة المواطنين بهذا المجال شبه معدومة فصار الناس يطوبون دونماً مثلاً من غالبية أراضهم خوفاً من الضرائب التي لم يكن بمقدورهم دفع رسومها، وقامت هذه اللجان لتختصر على نفسها الوقت والجهد وبدل أن (تطوب) عشرات العقارات للأهالي والتي هي حقهم وملكهم صاروا يجمعونها بعقار واحد (مطوب) باسم أملاك الجمهورية العربية السورية حتى الأراضي في مدخل القرية سجلت حراجية، وسجل كل الشجر المثمر الموجود فيها شجراً حراجياً، وأضاف: تحدثنا كثيراً عن مشكلتنا وخاطبنا كافة الجهات المعنية دون جدوى، والكثير من الناس قدموا المعروضات واستنكروا عملية (الطابو) ولم يستفيدوا شيئاً، وأكد: نحن بحاجة صوت مسؤول جريء يتحمل هذا العبء وقال: تشكل مساحة هذه العقارات والأراضي المطوبة أملاك دولة أكثر من نصف مساحة بسين، وأنا من هؤلاء الناس وعندي ثلاث دونمات زيتون مشجرة من العام 1979 وعمر بعض أشجار الزيتون فيها أكثر من 40 عاماً بالإضافة لأشجار مثمرة أخرى ولا يوجد فيها أشجار حراجية نهائياً ومع ذلك فهي مطوبة أملاك دولة بصفة حراجية، مؤكداً إنه لم يتعد أي أحد منا على أرض ليست أرضه بل هي أرضنا توارثناها عن آبائنا وأجدادنا، وقرية بسين من أكثر القرى المظلومة بحيازة المواطنين للأراضي الزراعية ولذلك نتمنى إعادة تحديد وتحرير عقارات هذه القرية وإعادة الأملاك من أملاك الجمهورية العربية السورية (صفة حراجية) إلى أملاك الجمهورية العربية السورية صفة أملاك دولة لكي تتمكن البلدية من نقلها إلى أملاك البلدية وبيعها أو تأجيرها للفلاحين وهذا ما يضيف إلى وارداتها وموازنتها، علماً إن قرية بسين ليست القرية الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة ولكنها الأكثر ضرراً من بين جميع القرى المجاورة كونها تجمع سكاني كبير ولا توجد لديهم أراض زراعية من مساحة العقارات المطوبة، علماً أن أغلبهم وفي ظل هذا الغلاء اتجهوا للزراعة لتقيهم الحاجة والغلاء ومارسوها عملاً رئيسياً لهم.
* السيد هشام صقر قال: ورثت عائلتنا أكثر من 50 دونماً عن جدي الذي كان يزرعها ويستثمرها ولكنها الآن لا تتجاوز ال 4 دونمات لأنهم عندما بدؤوا عمليات التطويب والدي كان في الجيش في 1973 ولم يستطيع أثناءها المجيء لتطويب الأراضي ونحن كنا أطفالاً لا حول لنا ولا قوة فطوبت كل عقاراتنا (أملاك حراجية) وحتى هذه ال 4 دونمات التي نستخدمها أيضاً مطوبة أملاك حراجية وهذا ما أدى إلى أني وإخوتي وأولاد عمي لا نملك شبراً واحداً باسمنا بعد أن كنا في السابق نملك 50 دونماً.
ومثلي تماماً أغلب شباب القرية يعانون من هذه المشكلة فأين نذهب إذا ما قرروا تطبيق القانون ونزع هذه الأرض منا وهذا ما يلوحون دائماً به، ولذلك نرجو النظر بإعادة التحديد والتحرير لهذه العقارات ذات المساحات الكبيرة وإعادة الحق إلى أصحابه. وأشار أخيراً السيد هشام إلى مسألة غلاء سعر متر البناء حتى بات يتفوق على أسعار المدينة بسبب ضيق المساحة السكنية والأراضي المطوبة في القرية.
* السيد أسعد محمد قال: لدينا أكثر من 20 دونماً كنا نزرعها في السابق وزرعها قبلي أبي وجدي ومع ذلك سجلت أملاك حراجية أثناء عمليات التطويب، وأضاف نحن في منطقة كثيرة الأمطار والأراضي متاخمة للحراج ومن الطبيعي أن يظهر فيها بعض الشجيرات الصغيرة في السنوات التي نريّح الأرض فيها ولا نحرثها، حيث كنا في السابق نزرعها عاماً ونريحها في العام الثاني، وهذا غير مبرر لتؤخذ الأرض منا وتسجل لصالح الحراج ونمنع من العمل فيها، وبسبب هذا التشديد وصلت الحراج إلى جانب بيوتنا وتداخلت معها.
* السيد على أحمد سلامة قال: بالأصل الأرض جميعها ملك للقرية ولكن جاءت لجان التطويب وسجلت الأراضي أملاكاً حراجية عندما كنا نعمل خارج القرية وعندما عندنا رجعنا واستصلحنا الأراضي وزرعناها وبنينا فيها منذ العام 1980 ولا علم لنا إنها طوبت أملاك حراجية إلى أن جاء رجال الحراج وبدؤوا يخالفون الناس ويكتبون الضبوط في ذلك الوقت فماذا نفعل وهذا أرضي وأرض إخوتي وهذه منازلنا التي لا نملك سواها صارت أملاكاً حراجية فإلى ماذا سيؤول مصيرنا نحن وعائلاتنا؟
* السيد إسماعيل كامل سالم قال: نحن عائلة مؤلفة من 70 شخصاً وفي فترة السبعينيات كان أبي وجدي يعملان في لبنان واستمروا لغاية 1979 وأثناء هذه الفترة جاءت لجنة التحديد والتحرير إلى القرية ما أدى إلى وضع أرضنا في قائمة الأراضي الحراجية ومساحتها أكثر من ثمانية دونمات وهي أرض من آبائنا وأجدادنا ويعلم المختار ورئيس الجمعية، ولذلك نرجو من المعنيين النظر في حالنا وإعطائنا الحق في امتلاك أرضنا التي يفوق عمر أشجار زيتونها ال 40 عاماً.
* السيد عادل فاضل قال: ظلمت قرية بسين وأهالي القرية أكثر من أي قرية أخرى في تحديد وتحرير الأراضي، فهل يعقل إن الأراضي من أعلى الجبل وصولاً إلى النهر في أسفله لا يوجد فيها متر واحد مطوب للأهالي، علماً إنها كلها كانت أراضي زراعية وفيها العديد من المنازل، وكل فترة وفترة يأتي موظفو العقارات أو الحراج ليقولوا لنا سنخرجكم من بيوتكم وأراضيكم، وأنا أحد الناس التي طوبت أكثر من نصف أرضه أملاكاً حراجية والباقي منها طوب باسم جد الجد وما زلت إلى الآن أعاني الأمرين في معاملة نقلها إلى اسمي.
إننا في أمس الحاجة إلى تحديث القوانين التي تمنع الفلاح من العمل والاهتمام بأرضه وتعيد الحق إلى أصحابه.
* أما السيد حكمت أحمد رئيس البلدية فقد قال: حاولت البلدية مراراً ومنذ أكثر من 15 سنة نقل صفة هذه العقارات وتغييرها من أملاك الدولة للبلدية ولكن كان يتم الاصطدام دائماً بعقبة وحيدة أمام البلدية هي تسمية هذه الأراضي بصفة حراجية، وهذا ما يحتاج إلى تضافر جهود الكثير من الجهات المعنية لحل هذه المشكلة بما يعود بالنفع على جميع الأطراف.
وفي الختام: ناشد جميع الأهالي في القرية والتي نظم بحق الكثيرين منهم ضبوط حراجية أصولاً وصادر بموجبها قرارات نزع يد لأنها أرض حراجية حسب لجان التحديد والتحرير ومعظمها مستعمل من قبل الأهالي . حيث إن اتخاذ الاجراءات اللازمة يقضي إخلاء تلك المنازل والأراضي ومصادرتها حسب القانون رقم 25 تاريخ 2007 ولذلك يرجى النظر بحالة هؤلاء الناس الفقراء.
سناء ديب