الحقيبة المدرسية بحمل وأحمال على الأهل والأولاد

الوحدة 24-9-2020 

 

من أجمل الأماكن التي تزخر بها ذاكرتنا وترسخ في أعماقنا هي مدرستنا ولطالما وضبنا لها حقائب سفر بأسفارها، وما إن نتذكرها حتى تجتاحنا قشعريرة دفء وحنين لكل مفردة وتفصيل فيها، كنا طلاباً نحمل كتبنا وحقائبنا ولم تكن بهذا الوزن أو على هذا الشكل والحجم، ولا حتى السعر في أسواق اليوم  الذي يفوق العشرة آلاف ليرة ويصل إلى 25 ألفاً ويضاف عليها في بعض المحلات والماركات، وإن أثقلت على الأهل بالشراء وقطع ماء العيش لشهر كامل فإن الأمر لم يكن ليقف عند ذلك فهي تثقل على الأولاد بحمل يفوق الهم الذي يستوطن الأهل أيام بدء عام دراسي في تأمين مستلزماتها من اللباس والقرطاسية وحتى اختيار الحقيبة المدرسية وما بينهما من أجور لمعلمي الدروس الخصوصية، فلماذا يحمل أولادنا كل هذا الهم والوجع والتعب، أليس من حلّ للتخفيف عنهم ودرء المصاب؟

كنت قد استقبلت ابنة أختي صف سادس لأخذ منها حقيبتها فإذا بها تفلت من يدي لثقلها ولم أكن أعلم بوزنها وأقسم أني لعاجزة عن حملها الذي يتجاوز عشرة كيلو غرام هذا ما نطقت بها مها وتابعت بقولها: وقد تعجبت للأمر ألا يكفينا أتعاب، لماذا يحملون الطلاب ما يفوق قدراتهم ووزنهم، تحتاج حقيبة أي طالب لسيارة نقل وأجرة وأهله عاجزين اليوم عن ذلك من غلاء المشتريات، وقد علمت من الجيران أن جميعهم انقطعوا اليوم عن التعاقد مع سيارات الأجرة والتكسي التي كانوا يتعاملون معها سابقاً لأجل ارتفاع الأجرة والتي وصلت أضعافاً مضاعفة ل20ألفاً وباتوا عنها عاجزين وأرجحوا السبب لأزمة البنزين وامتناع صاحب التكسي عن العمل وتسيير مركبته كما يقول ببلاش، بينما يمكنه بيع مخصصاته من البنزين بأضعاف الربح الذي يمكن أن يجنيه ودون تعب وعمل تحت وطأة الشمس الحارقة ، مع العلم أن السيارة يحشر الأولاد فيها فوق بعضهم على أنهم صغار وأجسادهم نحيلة ويتسع لأكثر من عشرة في المقعد الأمامي والخلفي حتى تكاد تلفظهم من الشباك، وبات الخوف عليهم من مغبة حمل الحقيبة وخطر الطرقات

 السيدة أمل تشفق على طفلتها، صف ثالث ابتدائي من حمل الحقيبة بعد أن شاهدتها تسرع في دخول البيت لترمي بها على الأرض، وترمي بجسدها على الأريكة يعتريها التعب وقد خارت قواها، فكان منها أن حملتها باستهجان واستهجاء لتجدها أثقل من أكياس الفاكهة والخضار التي تحملها كل صباح، كما وصلت بها إلى الدكان لتتأكد مما شعرت به فكان أن تجاوز وزنها التسع كيلوات، وطفلتها النحيلة المسكينة لا يتجاوز وزنها  27 كيلو فقط، وقتها قررت أن تعود إلى المدرسة وتداوم معها كل يوم لأجل أن تحمل الحقيبة عنها، وإذا ما استطاعت الجري على هذه الحال والمنوال، فعلى الأب أن يتدبر له أمر.

 السيدة علا – أكدت أن الحقيبة ذات العجلات مريحة وأخف وطأة عليه، فقد اشترت لولدها صف رابع حقيبة بعجلات وسعرها 25ألفاً ، وهي تتسع للمزيد من الكتب والدفاتر كما يمكنه أن يستخدمها في تنقلاته أيام العطل والنزهات، لكن ما يقلقها أن ابنها ينزل على الطريق ويجرها، ليبقى هاجس الخطر من الحوادث يقلقها. وتسأل ماذا تفعل ؟ فقد غيرت له الكثير من الحقائب خلال سنواته الأربع في الدراسة، بحثاً عن راحته وتخفيف وزر ثقلها على جسده الضعيف، لكن ما باليد حيلة الخوف والقلق ما زالا يلازمانها، وترى أنه لا حل لمشكلة الحقيبة المدرسية بغير أن يخفف المعلمون عنهم وزر حمل كتاب ودفتر لكل مادة فلماذا والكتاب يتضمن الأسئلة التي يجاوب ويكتب الطالب عليها الحل، ألا يستوي الأمر؟

وضعت الهيئة الألمانية لمراقبة الجودة مجموعة من المواصفات الهامة التي يجب أن تتوافر بالحقيبة المدرسية تجنباً للآلام وتشوهات العمود الفقري :

يجب أن تشتمل الحقيبة على أحزمة كتف مبطنة ولينة ولا يقل عرضها عن 30مليمتراً، إمكانية تعديل طول أحزمة الحقيبة لتتناسب مع طول قامته ولضمان أن تكون الحقيبة منخفضة للغاية لا تتجاوز الأكتاف، ولا تتارجح لإتجاه معين وتحمل على الظهر، اختيار موديلات تحتوي على أسطح أمامية وخلفية ويدخل في صناعتها خامات عاكسة للضوء، واختيار الألوان الغامقة مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر لتسهل من رؤية الطفل أثناء مسيره في الطريق أو نزوله من سيارة النقل، مراقبة الآباء لما يوضع داخل الحقيبة فلا ينبغي أن يزيد وزنها الأقصى عن 10% إلى 12% من وزنه.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار