«التخديــم» ضحك على اللحى…هل ستجري رياح المنطقة الصناعية باتجاه إعادة تأهيلها؟

العدد:9302

الخميس:28 شباط 2019

عندما تزور المنطقة الصناعية وتتجوّل في شوارعها تشعر ببعض معاناة أصحاب المحال هناك، ولكن عندما تجلس معهم وتسمع حديثهم تشعر بكل المعاناة التي يتحملونها ويكابدونها كل لحظة في الصيف والشتاء, مطالبٌ محقة لأصحاب تلك المحلات طُرحت منذ سنواتٍ طويلة لكنها لم تجد طريقاً إلى أذن الجهات المسؤولة، وبالتالي لم تجد سبيلاً إلى تطبيقها على أرض الواقع مطالبٌ ذهبت أدراج الرياح ولم تبق سوى في ذهن أصحاب المحلات والورش في تلك المنطقة البائسة– كما أطلق عليها أصحابها- عبارةٌ رددها أحد أصحاب ورش السيارات بحرقة وحزن وهو يحدّثنا بصوت يائس من أيّ إصلاح في منطقة منسية من أصحاب القرار (شو بدو يطلع من هالحكي ما في أمل طالبنا وحكينا كتير بس المسؤولين قاعدين ورا مكاتبٍ عم يشربوا قهوة وناسينا).
تجولنا في أرجاء المنطقة الصناعية ودخلنا المحلات سألنا أصحابها عن مشاكل المنطقة الصناعية فاستفاضوا في الحديث عن وجعهم وطالبوا بحلٍ سريعٍ وجذريًّ لمشاكلهم الكثيرة.

 

صاحبة ورشة إصلاح سيارات تشكو
والبداية كانت من ورشة جوزيف لإصلاح السيارات حيث التقينا صاحبة الورشة المهندسة ريما الأشقر والتي تحدثت قائلة: مشاكل المنطقة الصناعية لاتعدُّ ولا تحصى فالإنارة الشارعية داخل حرمها غير موجودة, ونحن نبقى في محلاتنا لوقت متأخر من الليل. أما مياه الشرب فهي غير متوفرة إطلاقاً ما يضطرنا لشراء المياه وإحضارها معنا في سياراتنا فالمياه في المنطقة الصناعية إن توفرت غير صالحة للشرب فهي غير مفلترة وغير معقمة لذلك نستخدمها لأغراض غسيل السيارات وما شابه ذلك.
أما الهواتف فهي الأخرى غير موضوعة في الخدمة وإذا وجد هاتف في إحدى المحال, فأعطاله كثيرة ولا سبيل إلى الإصلاح فوراً هذا عداك عن تداخل الخطوط الدائم والذي لم نجد حلاً له.
أما شبكة الانترنت فهي غير مفعّلة في المنطقة الصناعية ولكم أن تقدروا مدى حاجتنا الماسّة لها في عملنا سواءً كانت الحاجة لها في التواصل مع شركات الدولة أو مع الزبائن الذين نتعامل معهم أما الحفر والجور فهي تملأ شوارع المنطقة الصناعية كما بقية شوارع اللاذقية، إنّه القاسم المشترك الأكبر في الشوارع والحارات وقد كانت الوعود بالتزفيت والتعبيد وردم تلك الحفر والجور كبيرة وكثيرة ولكنها أُبرُ تخدير ووعود كاذبة لم نجد تطبيقاً لها على أرض الواقع.

العتمة تملأ أرجاء المكان
السيد علي حسن زعرور صاحب ورشة حدادة:
نطالب الجهات المعنية بإنارة شوارع المنطقة الصناعية فالإنارة الشارعية معدومة تماماً والعتمة تملأ أرجاء المكان مسببة إزعاجاً وإرباكاً لأصحاب المحلات فهل يعقل منطقة صناعية دون إنارة شارعية؟!، علماً أنّ الكثير من أصحاب المحلات يضطر لإغلاق محله في وقتٍ مبكرٍ بسبب عدم توفر الإنارة الشارعية.
كما نطالب مؤسسة المياه بتوفير مياه الشرب فهي غير متوفرة وأصحاب المحلات يشترون مياه الشرب ويحضرونها في سياراتهم فالمياه إن وجدت في المنطقة الصناعية غير صالحة للشرب وإنما تستخدم في غسل السيارات وغيرها.

 

في الشتاء لايسمح التعبيد
وبالصيف لا يتوفّر الزفت
السيد رزق جبيلي صاحب ورشة إصلاح سيارات: النظافة ضمن وجائب وشوارع المنطقة الصناعية معدومة فالحاويات تبقى دائماً مليئة بالقمامة ولا يتم ترحيلها سواءً من البلدية أو المحافظة والفصل الآن شتاءً أما صيفاً فستكون تلك الحاويات مرتعاً خصباً للجراثيم والأوبئة والحشرات التي تسبب الأمراض.
أما الطريق المؤدية من سوق الهال حتى مجبل الدولة فتملؤه الحفر والجور العميقة والتي تصل إلى نصف متر وبمجرد هطول الأمطار تمتلئ تلك الحفر بالماء والوحل وعندها لا نستطيع الوصول إلى مستودعاتنا التي تحوي مواد بمئات الملايين، وبالتالي تتوقف محلاتنا عن العمل ولا نتمكن من إصلاح وخدمة سيارات الزبائن، لأننا لو حاولنا الوصول إلى مستودعاتنا فسنعرّض سيارتنا لأعطال كبيرة بسبب تلك الجور وقد طالبنا بتعبيد وتزفيت الطريق فيأتي الجواب «الفصل شتاء» ولا يمكن التعبيد، وفي الصيف تكون الحجة عدم توفّر مادة الزفت والأعذار دائماً موجودة والمواطن هو الضحية. حتى سيّارات الشحن الكبيرة والقاطرات تضطر إلى تغيير طريقها بسبب الحفر والجور المليئة بالوحل والأمطار.
أما الهواتف الأرضية فهي الأخرى غير متوفرة وعندما نطالب بتركيب الهواتف يأتينا الجواب بعدم توفر خطوط أو علب الهاتف ونحن بأمس الحاجة للهواتف في محلاتنا.
وماذا سنتحدث عن مياه الشرب التي نشتريها ونحضرها معنا في المنطقة الصناعية ما يزيد عن /5000/ نسمة الجميع يشتري مياه الشرب لعدم توافرها في المنطقة الصناعية فتخيلوا المعاناة اليومية في ذلك علماً أنهم مدّوا خراطيماً بلاستيكية ولكن المشكلة أنها غير قادرة على ضخ المياه بشكل كبير ومياه الشرب من الخط القديم لا تصلح للشرب لأنه تمّ أخذ عينة منها للتحليل فتبيّن أنها لا تصلح للاستهلاك البشري لوجود الجراثيم فيها لذلك نستخدمها لأغراض الغسيل فقط.
بالنسبة للفوهات المطرية يتم تعزيلها بشكل دوري ولا مشكلة فيها. وهنا لابد أن أشير أيضاً إلى مشكلة غاية في الأهمية نعاني منها جميعاً في المنطقة الصناعية وهي ضعف التيار الكهربائي في أوقات الذروة بين الساعة الثانية عشرة والواحدة ظهراً حيث نتوقف عن العمل تماماً، فموتورات الهواء ورافعات السيارات لا تعمل إطلاقاً بسبب الضعف الحاصل في التيار الكهربائي.

معاناة تنوف عن 15عاماً
تركنا المنطقة الصناعية القديمة وتوجّهنا إلى المحلات في المنطقة الصناعية القريبة من مجبل الدولة التابع لمؤسسة الإسكان العسكري سألنا أصحاب المحلات عن المشاكل التي يعانون منها والتقينا السيد جوزيف سكيف صاحب محمصة البحر حيث قال:
لا يوجد أسوأ من المنطقة الصناعية وخدماتها وبنيتها التحتية منذ خمسة عشر عاماً ونحن في المنطقة الصناعية المشاكل «هي هي» لا حل لها عندما تتساقط الأمطار نضطر إلى إغلاق محلنا لأننا ببساطة لا نستطيع الوصول إليه فالحفر والجور تملأ أرض المنطقة الصناعية وهي تمتلئ بالماء والوحل عند هطول المطر.
أما الكهرباء فهي غير متوفرة إطلاقاً لذلك قمنا بشراء المحولات الكهربائية الصناعية وركّبنا الأعمدة على نفقتنا الخاصة حيث اشترينا المحولة منذ ست سنوات بقيمة /7/ ملايين ليرة سورية.
أما الهواتف الأرضية فهي غير متوفرة فقد تم تركيب الخطوط الهاتفية ولكنّها لم تفعّل حتى الآن ومياه الشرب غير صالحة للاستهلاك لتلوثها بالجراثيم، علماً أنّ البلدية تكرّمت منذ خمسة أشهر وقامت بتعبيد الطريق المؤدي من محمصة البحر إلى المخفر واليوم عاد الطريق كما كان مليئاً بالحفر والجور لسوء التنفيذ وغياب الضمير والشعور بالمسؤولية تجاه المواطن ومطالبه وبالفعل شاهدنا الطريق حيث تحوّل الزفت إلى إثرٍ بعد عين ولم يبق منه شيء وعاد الطريق لوضعه السابق.
حاولنا الدخول إلى معامل الرخام والخفّان والبلاط ولكنّ ذلك كان مستحيلاً بسبب الحفر والجور المليئة بالوحل والمياه فالأمر يتطلب آليات ثقيلة.

لماذا .. ولماذا؟
السيد عمر عزاقير «مهنة غيار زيت» تغيّر لماذا لا تقوم البلدية بترحيل أنقاض السيارات والآليات القديمة والموجودة ضمن حرم المنطقة الصناعية ولماذا لا يتم إغلاق جور الصرف الصحي فهي مكشوفة بشكل دائم حيث تُبعث منها الروائح الكريهة وتتجمع فيها الحشرات والبعوض مسببة الأمراض الجلدية وغيرها لأصحاب المحلات؟
هذا بالإضافة إلى أنّ أرض المنطقة الصناعية مليئة ببقايا الحجارة التي تم وضعها من قبل البلدية بحجّة أنّها ستردم الطريق منذ ما يقارب السنة أو ربما أكثر وإلى الآن الحجارة تنتظر من يفرشها والجور تنتظر من يردمها ويعبدها والبلدية لم تحرك ساكناً.
«صالحة للشرب ومراقبة من قبلنا»
اتصلنا مع مدير فرع المؤسسة العامة لمياه الشرب السيد منذر دويبة ونقلنا له وجع أصحاب المحال في المنطقة الصناعية وسألناه عن مدى صلاحية مياه الشرب التي تغذي المنطقة الصناعية للاستهلاك البشري فأجاب قائلاً: لا يمكن للمؤسسة العامة للمياه أن تضخ المياه في أي مصدر من مصادرها وشبكاتها في محافظة اللاذقية إلا بعد التأكّد مئة بالمئة من أنّ هذه المياه مطابقة للمواصفات القياسية السورية بالمطلق ويومياً تقوم المؤسسة العامة لمياه الشرب بإجراء اختبارات على كافة مصادر مياه الشرب.
ومياه الشرب في المنطقة الصناعية يتم استجرارها من آبار الجنديرية وهي مياه صالحة للشرب بالمطلق حيث يتم تحليلها يومياً لمعرفة الكلور المتبقي فيها وهناك تحليلٌ دوري يتم كل أسبوع تقريباً لمعرفة الخصائص الفيزيائية والكيميائية لهذه المياه وطبعاً هذه التحاليل لا تقتصر على المياه التي تغذّي المنطقة الصناعية وإنما تتم على كافة مصادر المياه في اللاذقية وهنا لابد أن أشير إلى أنّ آبار الجنديرية تعرضت للغمر مرتين هذا العام وتم تأهيلها فنياً وحتى تتخلص المؤسسة العامة لمياه الشرب من هذه المشكلة حيث تقع آبار الجنديرية على مجرى نهر الكبير الشمالي تم الإعلان عن تأهيل (11) بئراً في منطقة الصفصاف ووضع آبار الجنديرية كاحتياط ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ مياه الصفصاف من أفضل المياه الصالحة للشرب وهذه الآبار ستغذي المناطق الآتية:
سقوبين – سنجوان – جب حسن – روضو والمنطقة الصناعية وبالعودة إلى مياه الشرب في المنطقة الصناعية أؤكد لكم أنّها مياه صالحة للشرب قد يخرج عند فتح صنبور الماء بعض الأتربة والأوساخ نتيجة وجودها في القساطل ولكن بعد دقيقتين تصبح الماء صافية تماماً.

أسئلة مشروعة
أصحاب الورش والمحال التجارية في المنطقة الصناعية أفرغوا ما بجعبتهم من هموم ومشاكل تعاني منها المنطقة الصناعية والكرة الآن أصبحت في ملعب الجهات المسؤولة عن إيجاد الحلول والتنفيذ فهل ستجري الرياح بما تشتهي سفن أصحاب المحال التجارية في المنطقة الصناعية؟ وتبادر الجهات المعنية إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للمنطقة الصناعية وتخديمها بالشكل الذي يخدّم الورش والمحلات هناك؟ أم أن رياح الجهات المعنية ستوقف تلك السفن بوعودها الخلبية كما هي العادة دائماً وبالتالي سيدخل أصحاب المحال في غيبوبة طويلة الأمد, الأيام القادمة كفيلة بإيجاد الجواب على هذه الأسئلة وغيرها وإن غداً لناظره قريب.

تحقيق: ربا صقر– حليم قاسم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار