الوحدة 3-9-2020
على الرغم من الظروف الصعبة التي أرخت بظلالها على جميع المجتمعات في ظل الانتشار غير المسبوق لجائحة كورونا والتي طالت جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية، وخاصة فيما يتعلق باحتياجات الأطفال مادياً ومعنوياً، إلا أن الجهود المبذولة لمواجهة هذه الصعوبات وتذليلها كانت محط إعجاب وموضع ثقة بأن تكاتف الأعمال الجماعية هو السبيل الوحيد والمنهج الكفيل بتفادي الآثار والأخطار الناجمة عن هذه الظروف الاستثنائية التي تجتاح العالم بأسره، ففي فترة الحجر الصحي وتعطيل المدارس ورياض الأطفال بسبب انتشار فيروس كورونا، حملت وسائل التقنية الحديثة وشبكات الانترنت العبء الأكبر في تقديم أدوات الترفيه والمعلومات لأطفالنا وتشاركت مع الأهل في تخفيف المسؤولية التعليمية والتربوية إزاء أطفالهم وساهمت بجزء كبير في تعبئة أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالمتعة والفائدة، فمنذ الإعلان عن ظهور هذه الجائحة في العالم وضرورة اتخاذ الخطوات الإجرائية والاحترازية لتفادي هذا الوباء، انبرت بعض الجهات الحكومية والمجتمعية مشكورة للاتجاه نحو بعض التدابير البديلة عن أنشطتها وفعالياتها المتعددة والتي كانت تعتمد على التواصل الاجتماعي والتشاركية في أدائها، فقامت بعض الجهات باعتماد منصات التواصل الاجتماعي لتعويض الفاقد التعليمي والتربوي الاجتماعي ودمج الأطفال بأنشطة وفعاليات بقصد الترفيه والتسلية والفائدة من خلال مبادرات فردية وجماعية أثبتت جدارتها وجدواها وأسهمت بشكل أساسي في رفد البرنامج الأسري والاجتماعي المتبع في ملء أوقات الفراغ واستثماره بالشكل الأمثل, وفي تعداد لهذه المبادرات – على سبيل الاعتراف بجهودها وتقديراً لعملها – نستطيع القول بأن أولها كانت مبادرة المكتبة العمومية للأطفال والتي حرصت على تواصلها مع روادها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي متمثلة بصفحتها على فيس بوك، حيث قامت بداية بنشر دليل توعوي للأطفال تشرح فيه أهمية النظافة الشخصية وطرق الحفاظ عليها لتجنب الإصابة والحفاظ على السلامة العامة، كما عملت على نشر مقاطع مصورة لقراءة قصص مختلفة وبطرق متعددة لمساعدة الأطفال بأن يمضوا وقتهم بطريقة ممتعة ومفيدة، كما شجعت المكتبة على مشاركة أصدقائها أنشطتهم اليومية التي يقومون بتنفيذها بمفردهم أو بمساعدة ذويهم سواء كانت أشغالاً يدوية أو قراءة قصص أو كتابات أدبية من خلال تصويرها عبر مقاطع فيديو أو عبر إرسال صورة إلى بريد الصفحة ثم قامت بنشر هذه المشاركات على صفحتها تشجيعاً للأطفال على المزيد من الأنشطة الهادفة خلال فترة الحجر، أما المبادرة الثانية فكانت من المجلات المتخصصة بالأطفال كمجلة أسامة التي وضعت على صفحتها على الفيس بوك أعدادها الصادرة في السنوات الأخيرة مع الرسوم أو الصور الخاصة بها، كذلك أطلقت مجلة شامة مبادرتها – صديقتي شامة – التي هدفت إلى تشجيع الفئات العمرية الصغيرة للقيام بأعمال مفيدة تنمي فكرهم وإبداعهم حيث قام الأطفال بإرسال صور وفيديوهات لهم لتشاركها – شامة – على صفحتها بغية تحفيزهم على القراءة والاكتشاف والإبداع والمشاركة ولا سيما خلال فترة تعطيل المدارس.
ختاماً نقول: في ظل غياب النشاطات الميدانية التي افتقدها معظم أطفالنا في الفترة السابقة فقد كانت هذه المبادرات الالكترونية خياراً مثالياً في ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا ولتثقيف أطفالنا وتنمية فكرهم وتوعيتهم وكذلك لاستثمار أوقات فراغهم والوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم في المنازل، وكذلك للتخفيف عن الأهل وتضافر الجهود معهم في احتواء الطاقات والامكانات لأطفالهم ومساعدتهم في تقديم الرعاية والاهتمام بأسلوب محبب ومحفز ومع عودة افتتاح أبواب المدارس أمام تلامذتنا وطلبتنا، نتمنى رؤية العديد من المبادرات الأهلية والرسمية التي تسهم في رفد العملية التعليمية والتربوية بمزيد من الأفكار والنشاطات الخلاقة لتتكامل الجهود وتشكل إطاراً متيناً نستطيع من خلاله حماية أطفالنا وبيئتنا التربوية من تبعات انتشار فيروس كورونا والوصول معاً إلى نهاية آمنة لهذه الفترة الصعبة التي تركت آثارها على العالم بأسره.
فدوى مقوص