الوحدة 14-7-2020
فتحنا أعيننا على حبّك.. انتمينا إلى عشقك.. طهّرنا أرواحنا بصخب حسنك, ونمنا قريري العين فوق أراجيح أغانيك.. حاولنا أن نكون نقطة في سفر مجدك, أن نهدهد النور في جفنيك, وعندما اشتّد عودنا حزمنا حقائبنا, وفتشّنا في الجهات عن عنوان..
رجمناك يا وطن, عندما فكّرنا أن نحجّ إلا إليك, عندما اعتقدنا لوهلة أن هناك جنة سواك.
عن جهلٍ, أو عن غيره, أصبحت وجبة (الهامبرغر) أشهى من (البسبوسة) أو منقوشة الزعتر, وعندما لم تعد أمامنا سوى العودة, نسينا كيف نضع (البسبوسة) أو لم نجد في الحاكورة بعض السلق لتجهيزها..
عن جهلٍ, وفي أحيان كثيرة عن غيره, مزقنا مراويل طفولتنا ونسينا أشعار (سليمان العيسى), وأصبحت جلسات (اليوغا) ودروس الرقص أهم من دروس الأم في المطبخ فاهنؤوا يا (عرسان اليوم) بالوجبات الجاهزة, هذا إن استطعتم إليها سبيلاً!
عن غير جهلٍ, أضرمنا الفوضى بكلّ ما حولنا, حاصرنا أنفسنا بعويل الريح في (الخارج) وبتنا نغفو على سعر, ونصحو على سعر و(الدولار اللعين) يحكم حتى علاقاتنا الحميمية!
عن غير جهلٍ, وبكثير من الوعي الخبيث, اعتدنا طوابير الانتظار, وأصبح الحصول على علبة دخان وطنية باباً لقهرنا و(إذلالنا) فقط لأن شركاء الفساد لا يريدون أن يعلّقوا (مشنقة) أحد أتباعهم, ممن يجاهر بالمتاجرة بكل تفاصيل حياتنا في الطرقات وعلى الأرصفة ودون أن يدفع ولو ليرة (ضريبة) لخزينة الدولة, أما تقارير مديريات (حماية المستهلك) عن الضبوط التي تنظمها, فأنا سأنفعها ولن أشرب (مياهها) لأنها سيناريو فجّ ومراهق لم يعد ابن العاشرة يقتنع بجدواها!
بالأمس كان المشهد مهيباً (حسين ومصطفى) الجنديان في الجيش العربي السوري يؤديان التحية لأخيهما (حسن) الذي استشهد في البوكمال قبل يومين, إنه الفخار الذي لا يعرف معناه إلا من (أتى الله بقلب سليم)!
ستنتهي إجازة (حسين ومصطفى) بعد أسبوع تهنئة بأخيهما الشهيد, والعبرة (الموجعة) أن كثيرين لا يكترثون بما يتعرّض له الوطن, وكل همهم كيف (ستفقس بيوضهم) ويكدّسون المزيد..
هناك أشياء تؤخذ ولا يجب أن ننتظر أن تعطى, ومنها حق ذوي الشهداء في مال من أثرى بفضل دماء الشهداء.
ليس من الصعب وضع آلية (قسرية) كخطوة على طريق العلاج, لكن الأهم أن نعيد تكوين بنائنا (الأخلاقي والمجتمعي) وأن تتفتح مثل هذه الورود تلقائياً ومن حالات رائعة كنا نعيشها قبل هذه الأزمة, فما الذي غيّرنا, وهل من سبيل للعودة؟
لن نخرج عن سياق انتخابات مجلس الشعب, لأن هذه الانتخابات هي الحدث الآن, ولأننا نعول على نتائجها ما تبقى من أحلامنا, نحمّلها الألم والأمل, وندججها بكل ما عانيناه وبكل ما تمنيناه.. ونريد البداية، نبحث عن خطوة أولى حقيقية, عن نضج نيّة طيبة, عن صوت يكسر القنوط, ويبدد اليأس عن صفحة محاسبة تفتح فنستعيد الشعور بالأمان.
أولادنا أمانتنا, ولن تكون (الغربة) مخرجاً لأمانيهم وتطلعاتهم, وعَوا على تفاصيل قاسية, لم يقصّروا بأي شيء, ومن الطبيعي أن يسألوا عما ينتظرهم..
أبناؤنا العائدون إلينا من قداسة الحرب التي خاضوها ويخوضونها, لا تكفيهم برامج دعم المسرّحين, هم وقود المستقبل.. ويريدون أن يشاركوا في بنائه, وواجبنا كآباء, وكدولة من خلال دورها (الأبوي) أن يكون لهم ذلك..
الحصة الأكبر يجب أن تكون للشباب في كل شيء, ولو اضطررنا إلى إحالة 50% من الموظفين الحاليين إلى التقاعد..
على مجلس الشعب أن يكرّس جهده في هذا الإطار, وإن لم يفعل ذلك فهذا يعني أنه لا يريد الانتقال إلى الغد, ولكننا متفائلون إلى حدّ ما بأن صوتاً جديداً ومختلفاً سنسمعه في مجلس الشعب, وهذا هو الأمل.
غانم محمد