في طرطوس: مخابز أكل الزمان عليها وشرب

العدد: 9300

الثلاثاء: 26-2-2019

 

 

مخبز الرمل عمره 33 عاماً  وآخـــر تحديـــث عــــام 2000و

مخبز الجولان متصدّع ..  وخطان منسـّقان وبيت نار يهرّب المازوت

المياومون بدل الأصلاء  وعاملــة نظافــة واحــدة في مخبـز صافيتــا

بــين العــام والخاص 112 مخبـــزاً عامـــلاً فـــي المحافظــــة

يترقب المواطن السوري ما ستؤول إليه الأمور في حال صدور قرار إلغاء معتمدي الخبز الذي أثير مؤخراً، متسائلاً هل سيتحمّل الوقوف في طوابير انتظار الرغيف ،إضافة لوقوفه على طوابير الغاز والمازوت وغيرها، فيما يعاني هذا القطاع من نقص كوادر العاملين والفنيين حيث يجري سد ذلك النقص بالمياومين الذين يتسرّب معظمهم بعد تجريب ظروف العمل القاسية وقلّة المردود، وبهذا الخصوص بيّن اتّحاد عمال طرطوس أنّه رفع كتاباً بتاريخ 10 /2/2019 للاتّحاد العام للعمّال يتضمّن المطالبة بعودة ساعات الطوارئ والعمل الإضافي بغض النظر عن نسبة التنفيذ والتوسّط لدى الوزير المختص للعودة عن القرار الذي حرم كافة العاملين في مخابز المحافظة منها، فيما نرصد لكم اليوم واقع بعض الأفران بمحافظة طرطوس والتي تمكّنا من زيارتها برفقة أمين الثقافة والإعلام باتحاد عمال طرطوس فادية ديب، ورئيس نقابة عمّال قطاع المخابز.

بدء الأعمال الإنشائية لثلاثة أفران جديدة

بقي الإقبال قوياً على الأفران العامة رغم كل الصعوبات التي واجهت هذا القطاع خلال الأزمة من تأمين الطحين والخميرة وانقطاع الكهرباء والمحروقات وغيرها، وفي طرطوس يبلغ عدد المخابز الموزّعة على أرجاء المحافظة  12 مخبزاً منهم 8 تعمل بنظام الإدارة و4 بنظام الإشراف وهي: الجولان- طرطوس- بانياس- الدريكيش- صافيتا- الشيخ بدر-القدموس- المشتى- البرانية- مار الياس- الاحتياطي الجديد- الصفصافة) أما الزحمة فمقبولة حالياً عند كوى البيع ،حيث تم تخصيص واحدة للعسكريين وأخرى للنساء وثالثة للرجال فيما يوجد أكثر من 100 فرن خاص تقريباً في المحافظة، مع متابعة تنفيذ خطّة المخابز المتضمنة توسيع قاعدة انتشار المخابز الآلية في المناطق الريفية، حيث بدأ مخبز الصفصافة الاحتياطي بالإنتاج منذ عدّة أشهر لتأمين حاجة المنطقة وقرى سهل عكّار ،كما بدأت الأعمال الإنشائية لثلاثة أفران أخرى في ريف الشيخ بدر والدريكيش والقدموس، هي: حيلاتا والحاطرية وبرمّانة المشايخ.

تجهيزات مخبز الرمل تجاوزت عمرها الزمني

يشير علي حسن مدير مخبز الرمل إلى أنّ العمل يسير بشكل جيد والعمّال يبذلون كل جهدهم لإنتاج الرغيف بأعلى جودة رغم الخطوط القديمة والحاجة لكوادر فنيّة إضافية. والصعوبات كافّة يجري تذليلها بالتعاون بين الإدارة والكوادر العاملة، وأشار مدير المخبز إلى أنّه جرى افتتاحه بعام 1975وبعد ربع قرن بالـ 2000 جرى تحديث خطين فيه، وهو بحاجة لصيانة يومية لأن تجهيزاته تجاوزت عمرها الزمني، أما مخصصات الفرن حالياً فـهي 15 طنّاً يومياً، علماً أن طاقته الإنتاجية 18 طناً وملاكه العددي 70 عاملاً و عاملة، ومن ضمنهم المدير يوجد منهم حالياً 64 عاملاً وعاملة فقط.

شروط تعجيزية للضمان الصحّي

 فيما يشير أحمد عدرا رئيس اللجنة النقابية إلى أنّ إعادة ساعات الطوارئ مطلب ملح للعمّال الذين يعملون بظروف قاسية حيث يتجاوز دوامهم ساعات العمل دون أي تقدير وبرواتب ضعيفة لا تكفي أحداً هذه الأيّام، إضافة لرفع سقف الحوافز التي تعطى حسب نسبة التنفيذ، وإعادة النظر بملف الضمان الصحّي الذي زاد من صعوبات الطبابة ضمن شروطه التعجيزية بعدم صرف العديد من الوصفات تارة، وبحجة انتهاء الكتلة المخصصة والتشرّط على العامل وإرهاقه وزيادة متاعبه بدل حلها طوراً.

تسرّب عمّال مخبز الرمل

  أمّا عمّال مخبز الرمل فأشاروا إلى حاجة الفرن لفنيين ومستخدمين، مشيرين إلى أنّ الرغبة بالعمل تضاءلت والكثير من العمّال الجدد ينسحبون بعد التجريب نظراً للظروف القاسية وعدم وجود مردود مجزٍ يضمن حياة كريمة للعامل، بالإضافة لتغريم الفنيين في حال حدوث أي هدر بمادّة المازوت يفوق المحدّد وهي نسبة من الصعب التحكّم بها خاصة مع قدم بيت النار والاضطرار لزيادة كمية المازوت حيث هناك منافذ تهريب للحرارة والأفران ليست بأفضل أحوالها .

مشاهد صادمة في مخبز الجولان

المشهد في مخبز الجولان كان محزناً وصادماً، فالمبنى الذي كان يضم إدارة المخابز سابقاً ،إضافة لفرن الجولان متصدّع، وهناك حالة نش كبيرة فوق صالة الفرن الذي يعمل فيه خط واحد بمخصصات يومية تصل لـ 7 أطنان طحين مع وجود خطين متوقفين ومنسّقين أمّا عدد العمال فحالياً 45 عاملاً- اثنان زيادة على الملاك- ويعملون ضمن ورديتين صباحية ومسائية، وقد تم استئجار سيّارة مبيت لضمان حركتهم خاصة الليلية بسلام.

لجنة الهلال الأحمر.. زارت ورحلت

 وأشار علي أحمد مدير المخبز والذي لم يمض على استلامه أكثر من شهر أنّهم يعملون ضمن ظروف قاسية ووقت طويل منوهاً بأنّ لجنة من الهلال الأحمر كانت قد زارت سابقاً المخبز، وأعدّت دراسات من أجل ترميمه وتحسين واقعه لكن لم يحدث شيئاً بهذا الصدد حتى تاريخه ونوه أحمد بأنّ النش والتسرب حاصلان بسبب خزان مياه ملاصق للمخبز.

تسريباتّ لا يدّ للعمّال فيها

 أمّا العمّال فأشاروا إلى أنّه لهذا المخبز تاريخاً قديماً مميزاً، حيث كان الخبز يستجر منه للجيش وللبنان الشقيق، أمّا اليوم فواقعه متردٍ ومؤسف رغم حرص جميع العاملين فيه على بقائه واستمراريته، فكثير منهم لا يعرفون الإجازات.

وهناك قسم للفّ المحركات تعمل فيه سيدات أيضاً، ويشتكي العمال من واقع بيت النار الذي جرى تأكيد تهريبه للمازوت بعد إرسال لجنة مختصة لدراسة واقعه حيث تبين حدوث تهريب المازوت منه وتفسّخ الآجر فيه وعدم مسؤولية العاملين عن الهدر الحاصل، حيث أشار العمّال إلى أنّه من غير المعقول أن تغرمهم الدولة وتحملهم مسؤولية أي هدر رغم فقر حالهم وحال المخبز الواضح للعيان، منوهين بأنه بعد إلغاء ساعات الطوارئ ازدادت ظروفهم سوءاً، فيما تعتبر الوظيفة بهذا القطاع حجزاً مؤبداً، فلا استقالاتهم تقبل وإذا تركوا لوحدهم تجري مساءلتهم ومحاسبتهم بقوانين قاسية.

غابت عمرة ست السنوات عن المخبز

 وحول العمر الفني للخطوط والأفران قال رئيس وردية وفني في المخبز علي الشاتيلي: إنّه من الطبيعي إجراء عمرة  كل 6 سنوات، فيما استمرت الخطوط بالعمل على مدى 18 سنة دون أي عمرة، وأضاف: يعاني العاملون جراء تكسر نوافذ الصالة وحالة النش والرطوبة المستمرة، وهم بانتظار إصلاح الحال، كما يطالبون بتعويض بدل الإجازات حيث إنّ أغلبهم يداوم بلا انقطاع طيلة العام منوهين بأن النش الحاصل وحالة البناء قد تشكل خطورة على حياتهم في حال حدوث أي ماس كهربائي.

3 خطوط إنتاجية و28 طنّاً في مخبز صافيتا

ختام الجولة كان في مخبز صافيتا ذي الإنتاج الأضخم والخبز الألذ على مستوى المحافظة حيث يعمل بـ3 خطوط إنتاجية وتصل مخصصاته اليومية لـ 28 طنّاً من الطحين، كما أشار مديره نصر الدين محسن، فيما تتلخص معاناة العاملين فيه بطول الدوام واضطرارهم للبقاء أغلب الأيام من السابعة صباحاً وحتى السابعة مساءً بدون أي مقابل ومع قلّة الكوادر العاملة والفنية فيه والاضطرار للاستعانة أحياناً بالفنيين المتقاعدين لإجراء الإصلاحات السريعة ومتابعة العمل، وأشارت العاملات للحاجة لعاملات نظافة حيث لا يوجد سوى واحدة، وكرروا المطالب التي ذكرناها أعلاه وهي واحدة في جميع المخابز ونذكرها على لسان محمد عيسى رئيس نقابة المواد الغذائية والتبغ بطرطوس والتي تتلخص بعودة ساعات الطوارئ ورفع قيمة اللباس العمالي أسوة ببقية القطاعات كالمطاحن وكافة العاملين في وزارة الصناعة وبمنح الوجبة الغذائية للجميع وتشميلهم بالمهن الشاقة والخطرة ورفد المخابز بمزيد من الفنيين والعمّال والمستخدمين وتأمين باصات المبيت لكافة المخابز في المحافظة.

رنا الحمدان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار