خريجو الهندسة البحرية .. وحتمية خضوعهم لمزيد من الدورات للحصول على فرصة عمل بحرية

الوحدة 5-7-2020

 

يعتبر خريجو الهندسة البحرية في جامعة تشرين أنفسهم مغبونين في الحياة العملية وتحديداً في مجال تخصصهم على ظهر السفن، حيث يقول أحدهم: يبدو أن الدراسة النظرية لا تفيد البحار على ظهر السفينة بقدر الخبرة العملية ويشعر بالأسف على سنوات الدراسة وهو يرى نفسه مضطراً للحصول على شهادة خبرة عملية من المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري ودورات تدريبية على ظهر السفينة ومع ذلك هناك من يجد لنفسه موطأ قدم أفضل منه على ظهر السفينة وهو لا يحمل شهادة جامعية أو حتى ثانوية عامة.

ومن هنا لا بد من نظرة تقييمية لنتائج الدراسة في قسم الهندسة البحرية بعد عشرين عاماً على إحداثه في جامعة تشرين، وما هو حجم وجود خريجيه في قطاع النقل البحري السوري؟ وهل قسم الهندسة البحرية يرفد سوق العمل بمهندسين بحريين أكفاء يحققون قيمة مضافة للعمل البحري والملاحي؟

 ولكن بادئ ذي بدء لا بد من إلقاء الضوء على هذا القسم من الهندسة الذي يعتبر حديثاً نوعاً ما في بلد بحري بامتياز له تاريخه الموغل في القدم في العمل الملاحي.

 يقول الدكتور غالب أحمد رئيس قسم الهندسة البحرية في جامعة تشرين: أحدث هذا القسم في العام الدراسي 2000/2001، حيث وضعت خطة درسية حديثة شملت مقررات اختصاصية في علوم الهندسة البحرية من السنة الأولى وحتى الخامسة، وبموجب هذه الخطة يكون المهندسون خريجو هذا القسم قادرين على التعامل مع مختلف العلوم البحرية وبناء السفن واستثمارها واستثمار الآلات.

يدرّس في القسم حالياً مجموعة من المدرسين من حملة شهادة الدكتوراه من ذوي الخبرة في التدريس والبحث العلمي، كما يدرّس فيه عدد من أعضاء الهيئة الفنية، الذين يهتمون بالجانب العملي والمخبري من المقررات.

تخرجت الدفعة الأولى من القسم عام 2005، ويبلغ عدد طلاب قسم الهندسة البحرية  في العام الحالي وفق سنوات الدراسة: في السنة الأولى  ١٣١ طالباً، وفي السنة الثانية ١٢٤ طالباً، وفي السنة الثالثة ١٢٢ طالباً، وفي السنة الرابعة  ٩٥ طالباً، أما في السنة الخامسة  ٨٤ طالباً، كما يوجد ١٤ من  طلاب الماجستير سنة أولى (دراسة مقررات) إضافة إلى  ٢١ طالباً في مرحلة البحث.

 وقد تم افتتاح درجة الماجستير اعتباراً من العام الدراسي 2010-2011

ولدى سؤال الدكتور غالب رئيس قسم الهندسة البحرية بجامعة تشرين عن الخبرة العملية التي يكتسبها خريجو هذا القسم ومدى قبول شهاداتهم على ظهر السفينة أوضح أنه بعد أن أصبحت بنما تعترف بالشهادات التي تمنحها السلطة البحرية السورية، بات وضع الخريجين أفضل.

 وأما اذا كانوا مهيئين للعمل البحري فور تخرجهم أكد على ضرورة اكتسابهم الخبرة العملية وأوضح أن هذه المواضيع خارج صلاحيات القسم، وأردف للقسم خطة درسية يتم تنفيذها وسنطلب موافاتنا بالآليات اللازمة لاعتماد مناهج قسم الهندسة البحرية لتوائم متطلبات الاتفاقية الدولية، ليصار العمل عليها.

 وأضاف الدكتور غالب أنه تم إعداد كتاب سيتم تقديمه للمدير العام للموانئ عن طريق رئيس الجامعة مع الخطة الدرسية للقسم نطلب فيه اعتماد الخطة الدرسية كجزء من البرنامج التدريبي المعتمد لطلاب ضباط النوبة ودورات الترقية اللاحقة (مهندس ثانٍ، كبير مهندسين)، بحيث يتم إخضاعهم لدورة مختصرة تغطي باقي متطلبات الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والتأهيل البحري، كي يتم تسهيل انخراط خريجي الهندسة البحرية بسوق العمل بزمن أقل من خلال الأخذ بالاعتبار المقررات الدراسية لخمس سنوات.

غصة  ضياع الوقت

 من جهة أخرى ومن خلال لقاءات مع عدد من الخريجين كانت معظم الإجابات تحمل غصة الغبن وتصر على ضرورة الاهتمام أكثر بالجانب العملي لهذه الدراسة لأنها بالأساس عمل يكتسب بالخبرة أكثر منه بالتلقين والدراسة النظرية، حيث اوضح المهندس البحري يزن أن شهادة الهندسة البحرية لا تقل قيمتها عن أي شهادة من الجامعات السورية وأيضاً المدرسون بهذه الجامعة كفاءتهم لا تقل عن المدرسين بجامعات سورية بشتى فروعها كما أن شروط الدخول عليها لم تكن سهله أبداً، ورأى أن المشكلة تكمن بالتسويق لهذه الشهادة وحامليها أما من يعتقد بأن هذه الشهادة تخوّل حاملها السفر والعمل على متن السفن فهي الطريق الخطأ وكما قال أحدهم إن المهندس البحري يلزمه عدت سنوات في غرف المحركات وعليه أن أن يتدرج من مسّاح إلى زيات وأن يخضع بعدها لدورات حتى يصبح (ضابط ثالث)، هذا تسخيف للشهادة وحامليها، علماً أن حاملي هذه الشهادات هم أكثر كفاءة من كثير من طواقم السفن وأكثر علماً وهذه الشهادة لو كان حاملوها من جامعات أخرى كاليونان أو بريطانيا أو إيطاليا أو غيرها من الدول لما واجهوا نفس المشاكل لإيجاد العمل والجامعة التي تخرج المهندسين البحريين عليها قسم من المسؤولية بتسويقهم وتعريف المجتمع البحري عن علمهم، ولفت أن غرفة الملاحة لا تعمل على هذا الجانب وكل ما تقوم  جمع  الأموال والسفر وحضور المؤتمرات أما المديرية العامة للموانئ فقد كان لها  مبادرة بتوظيف الراغبين من حملة هذه الشهادة أما مكاتب التصنيف وأندية الحماية والمرافئ السورية فلم تحرك ساكنا بهذا الاتجاه.

القبطان أمجد ربان سفينة يقول: شهادات قسم الهندسة البحرية لا تمت إلى العمل البحري بصلة لأن خريجيها ليس لديهم أي خبرة عملية وكل من يحمل هذه الشهادة عليه بالعمل على ظهر السفن لمدة لا تقل عن ستة أشهر وبعدها يصار إلى اشتراكه بدورة تدريبية بإحدى الأكاديميات البحرية لمدة سنة وبعدها يصبح مهندس درجة ثالثة صالح للعمل على متن السفن، واعتبر شهادة الهندسة البحرية الجامعية السورية عبارة عن برستيج اجتماعي لا تساوي شيئاً في سوق العمل.

 البحار نور الدين  يقول: كيف نقول هندسة بحرية ولا يوجد في سورية حوض جاف واحد ناهيك عن أحواض بناء وصيانة السفن، ثانياً أين يذهب المتخرجون لتكملة دراستهم العملية في البحر وسورية تملك ثلاث سفن شحن صغيرة فقط ؟

خريج الهندسة البحرية عبد الله يقول: كون القسم ليس الجهة المخول لها بإصدار الشهادات البحرية التي تمنح صاحبها فرصة العمل البحري على السفن بعد التخرج مباشرة، وفي ظل غياب التدريب العملي على متن السفن و التنسيق مع الاكاديمية السورية او الموانئ، فإن الشهادة الممنوحة من هذا القسم لا تخول صاحبها العمل مباشرة على متن السفن، ويحتاج الخريج للسفر والعمل لتحقيق خدمة بحرية بالإضافة بالتأكيد للحتميات ودورة المهندس الثالث بعد ذلك، ومع ذلك هناك الكثير من الزملاء والأساتذة والبحارة المتميزون جداً في قطاع النقل البحري وهم خريجو هذا القسم، (والمشكلة هنا مشابهة لجميع الفروع الجامعية في سورية تقريباً)، أما بالنسبة للعمل في مجال بناء السفن وهندسة الميكانيك والمجالات المشابهة، يمكن إلقاء نظرة على خريجي هذا القسم لتعلم أنهم في مواقع ممتازة عالمياً من الناحيتين الأكاديمية والعملية.

المهندس البحري عبد القادر خريج جامعة تشرين يقول: أنا الآن مسافر على سفينة مواشي برتبة زيات لأحصل على خدمة وخبرة.

الجامعة تعطي أساساً نظرياً فيه الكثير من الحشو وعدم الاختصاص وهذا طبيعي كونها ليست أكاديمية، لكن خريجي الهندسة البحرية مؤهلون للعمل في المرافئ والمديريات والعكس غير صحيح، وينقص الجامعة التطبيق العملي لطلابها ولن يصقلوا معرفتهم إلا بالسفر.

 والدة أحد الطلاب تقول: فرع حلو لكن صارت الهندسة البحرية شبه منسية بمجال العمل البحري بعد ما صارت سورية دولة مانحة للشهادات البحرية.

هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار