بلاد وعباد

الوحدة 5-7-2020

 

عندما نقرأ عبارة (أوصت اللجنة الاقتصادية) نشعر بالرعب، ونتلمس جيوبنا المهترئة، فما يصدر من توصيات عن هذه اللجنة يصيبنا بدوار دهليزي في أغلب الأحيان، لأن معظم التوصيات تلك، تحمل معها زيادة في أسعار المواد المتداولة بشكل يومي، أو رفع الدعم وتخفيفه عن مواد أخرى، وفي أفضل الأحيان، عندما تصدر توصية جيدة عن اللجنة إياها، لا نفهمها، وإن فهمناه، ستكون مفاعليها بعيدة المدى إلى حد قد تتغير معه هذه اللجنة، وتأتي غيرها لتنسف مدة الانتظار.

قبل أيام، كان المواطنون بانتظار أول شهر تموز، ليهرعوا إلى منافذ السورية للتجارة بغية الحصول على السكر والأرز المدعومين، وما أن انتهى اليوم الأول من التوزيع، حتى باغتتنا السورية للتجارة برفع سعر المادتين إلى أكثر من الضعف، والسبب المعلب الجاهز لهذا الرفع كان مذيلاً بعبارة الشؤم إياها (أوصت اللجنة الاقتصادية).

بعد هذا الرفع غير المعلل، سارع وزير التجارة الداخلية و(حماية) المستهلك إلى عقد اجتماع عاجل لأركان وزارته كرمى لعيون المواطن المصدوم برفع الأسعار، فتمخض عن الاجتماع خفض للأسعار التي رُفعت قبل يوم، وكان المطلوب من المواطنين أن يعلنوا الأفراح، ويطلقوا عنان ضحكاتهم إلى السماء، وكأن الأسعار خُفضت فعلاً، والوزارة حققت إنجازاً، والقصة معروفة عند الجميع، ولا داع للدخول في الأرقام.

شر البلية ما يضحك!

من رفع الأسعار؟، ومن عاد وخفضها؟، أليست الوزارة بعينها هي من اتخذت القرارين؟ وهل هناك منطق في الكون يقول باتخاذ قرار وإعادة مناقشته بعد يوم؟ أم أن العلم والمنطق يقولان بضرورة مناقشة ودراسة أي قرار قبل اتخاذه.

لقد اتفق المواطنون السوريون هذه المرة على رأي واحد مفاده:

إن ما حصل هو ذر للرماد في العيون، وحركة بهلوانية من وزارة (الحماية)، ليظهر في المشهد أبطال وهميون يسارعون لإنقاذ المواطن عندما تجور عليه الأسعار، وليعذرنا معالي الوزير وفريقه، فليس بإمكاننا تبرير ما قاموا به، ولا نملك أدلة على حسن النوايا، لأن النتيجة جاءت كما لا يشتهيها المستهلك، ورفع الأسعار أخذ حيز التنفيذ، ولا عزاء للمتضررين.

متى سنعرف أن مجابهة الواقع بوضوح وشفافية يوفر علينا زمن التأقلم مع المستجدات؟ ومتى سنمتلك الجرأة الكافية لمصارحة المواطن الجالس على الجمر؟ صدقاً لو خرج الوزير أو أحد مندوبيه لشرح حيثيات الرفع والخفض وما بينهما، لما تكلم متكلم، ولربما صفقنا جميعاً لحنكة الوزارة في إدارة شؤون العباد، ولكننا للأسف، نقع دائماً في شباك التمويه، والالتفاف على عقل المتلقي، ونتجاهل أن الصغير يعرف قبل الكبير أهداف القرارات الصادرة بحقنا، ولأجلنا، وضدنا، وهذا ما يعزز حالة فقدان الثقة بالمسؤول، والنظر إليه بعين الغضب، لأن عين الرضى أعماها الواقع الأليم، ووضع مخرزاً فيها.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار