الوحدة: 2- 7- 2020
في طرطوس، حين تطلب الـ160 لمعرفة قيمة فاتورة هاتفك الأرضي, تخرج من سماعة الهاتف سيدة مهذبة تقول بثقة: إن قيمة هذه المكالمة أربع ليرات, وتتابع بشرح التعليمات:
– لمعرفة قيمة فاتورة الهاتف الذي تتصل منه اضغط على الرقم 1.
– لمعرفة قيمة فاتورة هاتف آخر اضغط على الرقم 2.
– للغة العربية اضغط … و..
وبما أنك مواطن مواظب, وحريص على المعرفة, ومتابعة التقنيات الحديثة, والتطور التقني، تكون قد حذفت من دماغك الرقم القديم لهاتفك وقمت بالتحديث..
فتكتب رقم هاتفك الجديد مع الضغط على زر المربع.
تجيبك السيدة الواثقة بنفسها جداً: إن الرقم خطأ.
تغلق الهاتف وتعيد الكرة مرات.. في المرة الأولى تقر, وتعترف لنفسك أنك مخطئ, وهي على صواب، في المرة التالية تشك بقدراتك.. وتراجع عمل الدماغ، في المرة الثالثة تتأكد.. فتعود إلى دفتر الهواتف, وإلى رقمك القديم قبل التغيير, وإضافة رقم إلى الستة أرقام القديمة.. وتعيد الاتصال وتستمع إلى المقدمة العجيبة.. ويبتسم لك طالعك, وتخطئ الأبراج.. حيث تقول السيدة ذاتها إن قيمة فاتورتك صفر!..
تشكر الله على نعمه, لكن تتذكر أن لا خط هاتف لديك, ولا خط أنترنت منذ 24 ساعة!
تذهب بقدميك إلى مركز الهاتف لتجد طابوراً من الواقفين في عز مرض (الكورونا)، ومخاوفه, وتحذيرات الجهات المختصة..
تنتظر حتى يأتي دورك، ولأن طالعك طالع هذا اليوم، تتعطل الشبكة قبل الوصول إلى نافذة الموظف الوحيد خلف الزجاج, والزملاء من حوله غائبون.. تنتظر نصف ساعة لتعود الشبكة, ولا تعود.. فتعود إلى بيتك بخفي حنين.. لتعيد الكرة في الصباح التالي.. باكراً وقبل الآخرين.. وتدفع عشرة آلاف قيمة فاتورتين – كنت قد نسيت أنك متأخر بالدفع – وتكتشف أن الصفر دعابة من دعابات الحياة، لكن بكل جدية هذه المرة.
سؤال لمديرية الهاتف بطرطوس:
– هل نستيقظ قبل فوات الأوان؟ ولا نمنع الأنترنت عن متأخر بالدفع لأسباب أنتم سببها, حين تقول سيدتكم: صفر .
هل نعطي المواطن فرصة أخيرة حتى لا يستعيض عنكم بالبدائل, وهي كثيرة؟
هل نعمل بمحبة فلا غنى لنا عنكم أيها الإخوة في الوطن والحياة.
سعاد سليمان