الوحدة 30-6-2020
وأنتَ أنتَ أيّهُا الإنسان وما كنتَ لتكون سواك, ولا الكون بقادر أنْ يكون لولاك, فأنتَ السّبب والمحور, وأنتَ البدء والمنتهى, ولن تكون الحياة قائمة إلاّ بك أنتَ, أنتَ الّذي استطاع أنْ يُترجم وجودَه بوجوده على الأرض في محيط يُحيط به ولا يُقيّده, فليس كلّ ما يحيط بنا قد يكون من الحواجز والموانع والقيود, وهذا ليس بالاحتمال أو الافتراض بل هو الحقيقة الّتي علينا أنْ نؤمن بها إيماناً كاملاً ومطلقاً, ذا الإيمان الّذي يجعلنا قادرين على فعل ما يسميّه البعض (ممّن عجز) مستحيلاً, فما مِن مستحيلٍ أمام إرادة الإنسان إذا أراد, وما مِن قيودٍ أو موانعَ إذا ما ابتغى, أو إلى الغاية والهدف مشى وسَعَى.
ولكي يكون ما تُريد أنْ يكون لكَ, ما عليكَ أيُّها الإنسان إلاّ أنْ تسأل وتستعلم السّؤال الصّحيح والاستعلام الحقيقيّ عن الطّريق المؤدّي إلى داخلك حيث النّبع الحقيقيّ لكلّ شيءٍ جميلٍ مفيدٍ وممتعٍ, ففي قلبك يكمن كلّ مِن الحقّ والخير والجمال كما يكمن مفهوم السّعادة النّابعة من الرّضا بأنّك إنّما تقوم بما يجب أنْ تقوم, وما يُمليه عليك هذا القلب النّابض بالحبّ والحياة, حيث ثنائيّة الجملة ووحدة المعنى ما بين حبّ الحياة والحياة حبٌّ, الحياة التي تهبها للآخرين لأنّك تحبّهم, الحبّ الّذي يمنحك الحياة لأنّهم يحبّونك, وكلّ إنسانٍ لا يعيش ذه الثنائيّة لا يمكن أنْ يتخطّى الحواجز ويكسر القيود ويحطّمها لا لشيءٍ إلاّ لأنّه لا يملك الطّاقة الإيجابيّة والقوّة النّاعمة الّتي تجعله يسير دون أنْ يُثير الغبار في محيطه, بل إنّه القادر حينها على أنْ يكون أرقّ من ورق الورد وألطف مِن النّسمة, وأطيب مِن الشّذا, وللنّفس أروح وللعالمين أملح.
أيُّها الإنسان الحقيقيّ في الوجود الكلّيّ بسببك أنتَ لا غيرك تصبح الحياة حياةً ويصبح الكون حقيقةً لا وهم الخيال, فما الفرديّة والأنانيّة سوى وهم الخيال والخيال الوهميّ الذي لا وجود له ولا أساس, وهل مِن المعقول أنْ يكون الظّلّ في العتمة, لذا عليك أيُّها الإنسان أنْ تَخرج مِن عتمة نفسك وسوادها إلى نور الحياة حيث الآخر الّذي يُبادلك الحياة وتُبادله العطاء بالعطاء والحبّ بالحبّ, كما قطرة النّدى الّتي تُلامس أوراق الزّهرة في الصّباح فتأتي أشعة الشّمس لتجعل الزّهرة تبوح بالسّرّ الذي أودعته قطرة النّدى ويفوح العطر والشّذا, ونحن كذلك نبحث عن الأسباب والفرص لنكون قطرة النّدى ونسأل هل مِنْ فرصةٍ أخرى؟
نعيم علي ميّا