الطلاق.. السؤال اللغز: لماذا تنجح زيجات وتفشل أخرى؟

الوحدة 30-6-2020

 

هل مرت عليك أوقات غرقت فيها في دوامة من اليأس والإحباط واسودت الدنيا أمام ناظريك وأنت تنظر وراءك وأمامك فلا ترى غير الفشل، هل جربت كيف يلقي الإخفاق الزوجي بظلاله على شعورك بطعم الحياة نفسها؟ ربما يكون طبيعياً تسمية الفشل الزوجي بأبي الإخفاقات جميعاً لأن العلاقة الزوجية عندما تصل إلى درجة مستفحلة من التأزم فإن كل شيء في الدنيا يغدو بلا طعم ولا لون ولا قيمة.

عند تلك اللحظة تسيطر على المرء مشاعر انعدام الوزن والعزلة وهي الأسوأ بجدارة من بين لحظات الفشل هي تلك اللحظة التي تشعر فيها بأنك تعرضت للخذلان من أعز الناس إليك بأنك طعنت في الظهر وتركت تنزف وحيداً لتموت على يد كان من المفترض أن تكون ممدودة لانتشالك.

هل تريد ما هو أسوأ؟ يمكنك الاستغراق في خيالاتك إلى ما هو أعمق من ذلك ولكن مهما كان الحد الذي ستصل إليه فلك أن تتأكد من أنك لست وحيداً في هذا العالم كما أن وضعك ليس هو الأسوأ.

كثيرون من الناس وصلوا إلى ذلك الدرك لكنهم عاودوا النهوض وأصلحوا العطب في علاقاتهم وعادت الدنيا في أعينهم بألوانها الطبيعية البراقة..

 النبأ الطيب هو أنه مهما بلغت العلاقة الزوجية من السوء والتوتر بالإمكان انتشالها من الحضيض.. النبأ الطيب هو أنه إذا كانت المشكلة الزوجية تحتاج إلى اثنين لكي تحدث وتتأزم فإن الإصلاح الزوجي يحتاج إلى شخص واحد هو أنت على الأغلب.

فهلا بادرت بالعمل على الإصلاح؟ أتسأل من أين البداية؟ حسناً البداية تكمن في سؤالك نفسه، وبمجرد سؤالك عن البداية هذا يعني أنك ابتدأت عملية الإصلاح التي ستفضي بالتأكيد إلى حبل الشمس تشرق من الجهة المعتادة (الشرق) وليس من الغرب.

فكّر لثوانٍ في هذا الأمر لقد أمضيت سنوات طويلة على مقاعد الدراسة منذ طفولتك وتعلمت خلال تلك المدة الكثير من العلوم كالرياضيات والكيمياء.. وفي حياتك الاجتماعية جالست آلاف البشر وتعلمت منهم كيف يكون المرء صديقاً جيداً وابناً مطيعاً وجاراً ودوداً وشخصاً محسناً ولكن هل علمك أحد ما كيف تكون زوجاً جيداً؟

على الأرجح أن أحداً لم يفعل وإن فعل فإنه يكون قد أعطاك ذرات متفرقة من المعلومات غير ؟ وغير المنهجية ما تحتاج إليه إذاً هو التعلم بمنهجية كيفية الحفاظ على العلاقة الزوجية التي تعيش في كنفها.

لابد أن كلاً منا تعرض لموقف استمع فيه إلى دقيقتين أو ثلاث من النصائح الكثيفة عن كيفية التصرف إزاء الطرف الآخر وكيفية حل المشكلات التي تحدث في البيت وما إلى ذلك.

غير أن تلك النصائح المتفرقة نادراً ما تلامس جوهر المشكلة الجارية داخل جدران البيت. فالعلاقة الزوجية عميقة وذات أبعاد كثيرة وبها من الحساسيات الخفية  أكثر ما بها من التفصيلات السطحية وعليه فالمطلوب هو التعلم بصورة موجهة والتدرب على كل المواقف ذات الصلة شرط أن يكون ذلك التعلم مستنداً إلى العلوم والنظريات والتجارب الإنسانية.

 إحدى أهم القواعد المنهجية في التعامل مع الخلافات الزوجية تتمثل في تجاوز عملية ( تطيب الخواطر) التي يتم فيها مسح كل شيء والانتقال إلى وضع جديد من دون نبش المواقف السابقة التي قام الخلاف عليها.

 إن كل ما يفعله تطيب الخواطر هو أنه ينقل أسباب الخلاف من السطح إلى ما تحت السطح إنه يحوله من جمر متوهج إلى ناء كامنة تحت الرماد وفي أول عاصفة قوية سينجلي الرماد وستشتعل النار  على نحو أشد من ذي قبل.

 الخلافات في كل بيت : هناك معلومة ربما تكون مفيدة أن صاحب المشكلة يتطلع حوله فيرى أصدقاءه وأقاربه هانئين بعلاقاتهم الزوجية ويستمع كل منهم برفقة شريكة عمره فيعتقد أنه هو الوحيد التعس في هذا الكون  إن ما يتعين إدراكه هو أن الآخرين ينظرون إليك على النمر نفسه والكل يعقد المقارنات بالطريقة نفسها تقريباً ومن الخطأ الكبير أن يعتقد المرء أن البيوت تخلو من الخلافات بمستوياته المتعددة العبرة ليست في ما إذا كانت هناك خلافات أم لا وإنما في فنون مواجهة تلك الخلافات وفي قناعة كل شخص بأن علاقته بالآخر تستحق منه الجهد المطلوب لتعلم قواعد  اللعبة.

 هذا لا يعني ان العلاقة المضطربة هي أمر شائع بشكل مطلق فهنالك بالفعل علاقات هانئة وسعيدة ولو امعنت النظر في تلك العلاقات  لوجدت انها تمتلك عناصر لو توافرت في جميع العلاقات الزوجية لعاشت الأسر في سعادة ونعيم تلك العناصر هي الحب والاحترام والاهتمام والتخلي عن الأنانية واللجوء إلى طاولة الحوار.

 وعدم إغفال الرومانسية التي تميز العلاقة الزوجية عن سواها من العلاقات الانسانية القاعدة هنا هي ان العلاقة الزوجية لا تستقيم  بكبسة..

 ثمة شيء مشترك بين كل من الموت والضريبة والزواج وهو أن كلاً منها يمثل ضرورة غير أن الزواج يختلف عن الموت والضريبة في أنه من  المفترض أن يكون من مسرات الحياة ومباهجها .

 الزواج وجد لكي يجعلك تشعر بأن هناك من يحبك في هذا العالم وبأن هناك من يرغب في وجودك إلى جانبه وبأن هناك من يتفهمك ويصغي إليك باهتمام.

إن الإنسان مفطور على العيش ضمن علاقات اجتماعية: أبوة, بنوة, صداقة, زواج, أمومة, أخوة وإذا لم نتعلم كيفية الحفاظ على علاقاتنا عموماً وعلاقتنا الزوجية خصوصاً فإن العزلة والكآبة هما مصير كل منا.

 صحيح أن نسبة الخلاف والطلاق تختلف من مجتمع إلى آخر ولكن الاتجاه العام  لأرقام الطلاب ما ينفك يصعد من مستوى إلى آخر وليس أمامنا والحالة تلك أن نبدأ بأنفسنا لكي لا نصل إلى كارثة اجتماعية جماعية والنصيحة إلى كل من يعيش علاقة زوجية متعثرة إن المشكلة الكبرى الأنانية المتطرفة وعندما يكون المرء جزءاً من معادلة زوجية فإن الاستمرار بالدوران حول محور الأنا فقط يمثل وصفة أكيدة للكارثة.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار