المنيزلة… لم تتخل عن تراثها القروي فمتى تحظى بخدمات تليق بأصالتها؟

الوحدة 10-6-2020

 

المنيزلة، قرية حالمة في أعالي جبال ريف جبلة، منازلها القديمة التراثية تنثر عبق الماضي الجميل حيث الأصالة الريفية التي نفتقدها في أيامنا هذه.

هذه القرية الجبلية تثير دهشة الزائر المشتاق إلى زيارة ريفية بكل أبعادها وجوانبها ومعانيها وجمالياتها بعيداً عن صلف وغرور أجواء المدن التي ابتعدت آلاف الأميال عما عاشه الأجداد.

تشتهر المنيزلة بنبع مياه فائق الجمال يُسمى (عين أم الصبايا) وهناك حكايات تاريخية  كثيرة كان يرويها الأجداد عن هذه العين بالتحديد التي تأخذك إلى الماضي البعيد والتي قد يخالها البعض أنها أسطورية.

عين أم الصبايا وجوانب الحياة كافةً في قرية المنيزلة  حاضرها وماضيها كانت محور اللقاء مع الباحث بالتراث الشعبي السيد نبيل عجمية الذي حدثنا بدايةً:

المنيزلة، تتميز بجوها الشتوي البارد والطويل إذ يمتد حتى سبعة أشهر، وفيها ينابيع مياه مشهورة منها عين الضيعة وعين الرمان وعين البارد وأشهرها عين أم الصبايا التي تروى عنها أجمل الحكايات، ففي  الحكاية الشعبية اكتشفت هذه العين عن طريق المصادفة عندما وصل بنو هلال في تغريبتهم إلى المنطقة ومرّوا في هذا المكان وهم  عطاش يتضرعون للسماء من أجل الحصول على الماء فاستجاب الله لهم وكشف عن نبع الماء، عندما داست فرس الأميرة الهلالية في منطقة منخفضة قليلاً عن الأرض فإذا بالمياه تخرج من باطنها وتٌعرف حالياً بعين أم الصبايا، وفي الحقيقة هي عين رومانية غالباً قد أعاد بنو هلال اكتشافها…

و تابع السيد عجمية: من أشهر معالم قرية المنيزلة المبنى القديم لمدرسة القرية  ومزار الشيخ أحمد مؤسس القرية والناغوص الحجري المحفور في قمة جبل النسر إضافة إلى جبل الأمير مرسل الذي يبعد 4 كم شمال المنيزلة، ومسار صف البلاط وهو مسار مرصوف بالحجارة يصل مزرعة بيت صبيح التابعة لقرية المنيزلة  بسهل الغاب عبر القمم الجبلية.

تتصل القرية مع ناحية عين الشرقية بطريق ومع ناحية بيت ياشوط  بطريق آخر إضافةً إلى طريق القرية الذي ينتهي بها حيث تعد آخر القرى جغرافياً في تلك المنطقة.

تشتهر المنيزلة بأجود أنواع الكرز وكروم التفاح والتبغ وتربية الأبقار والماعز وإنتاج أجود أنواع (الشنكليش) والزبدة البلدية والسمن البلدي.

وعن معنى اسم القرية فإنه وحسب تفسير السيد عجمية أن المنيزلة تصغير لكلمة منزلة ذلك إن القرية  تعد محطة استراحة على طريق الغاب الساحل (رصيف البلاط الأثري).

تعلو قرية المنيزلة قمة جبل يتراوح ارتفاعه  بين 1200 و1300 متر عن سطح البحر على قمم الشعرة وإطلالتها الساحرة على وادي بيت ياشوط جنوباً ووادي قرن حلية غرباً إضافة إلى مجاورتها للعديد من القرى الجبلية حلبكو – الشيخ مبارك، حرف متور, قرن حلية، بترياس، القرندح.

وهي قرية محاطة بعدة جبال من كافة الاتجاهات وتغطي أراضيها الغابات والحراج والكروم، وتطل على الريف المترامي على مد النظر.

ماذا عن مطالب أهل القرية؟

أهالي قرية المنيزلة نقلوا لصحيفة الوحدة معاناتهم ومطالبهم، فعلى صعيد الكهرباء فإن الشبكة الكهربائية قديمة ومهترئة وهي تحتاج إلى الاستبدال نظراً لكثرة تعرضها للأعطال و ذلك ضماناً للاستقرار الكهربائي في الأيام القادمة. 

فيما يتعلق بالمياه فإنها تصل القرية كل عشرة أيام فقط ، علماً أن الحاجة  للمياه تزداد صيفاً نظراً لضعف مياه الينابيع وزيادة عدد سكان القرية بقصد الاصطياف.

وأما مزرعة بيت صبيح التابعة للقرية فهي غير مخدمة نهائياً بشبكة مياه علماً أن تمديد الشبكة إليها لا يحتاج سوى مسافة    700 متر، إضافةً إلى ذلك أن مزرعة بيت صبيح لم تصلها بعد خدمات الشبكة الهاتفية .

وفي لقاء مع  مختار القرية عبد البصير حسام الدين أفادنا أن عدد سكان المنيزلة يبلغ حوالي 3417 نسمة, وهي قرية معطاءة لم تبخل في تقديم التضحية في سبيل الدفاع عن الوطن، فقد قدمت 70 شهيداً خلال الحرب على سورية، وأقل ما يمكن المطالبة به إنشاء نقطة طبية من أجل تخديم الأهالي نظراً لبعد المسافة عن  مدينة جبلة  30 كم و عن مدينة  اللاذقية  55  كم.

وطالب مختار القرية بتأمين وسيلة نقل واحدة تخدم القرية نظراً لانعدام وسائط النقل مطلقاً عن القرية، كما تفتقد شوارع المنيزلة إلى الإنارة علماً أن بعض المصابيح تحتاج فقط بعض الصيانة.

يذكر أخيراً أن  مدرسة  القرية الابتدائية شهدت تراجعاً بعدد الطلاب نظراً لتراجع الاستقرار فيها لاسيما شتاءً حيث تنعدم متطلبات الحياة الضرورية، فقد كانت قرية المنيزلة سابقاً تشهد استقراراً سكانياً أكبر، وكانت مدرسة القرية الابتدائية تستقبل عشرات الطلاب، كما كان طلاب القرية يقصدون المدارس الإعدادية والثانوية  لمتابعة التحصيل الدراسي في القرى المجاورة مشياً على الأقدام ويتحملون مشقات التنقل، لكن مع الأيام أصبح من الصعب على هذه الأجيال الناشئة متابعة دراستهم وتحصيلهم العلمي على منوال أبناء القرية سابقاً وقصد القرى المجاورة مشياً على الأقدام لمسافات طويلة، ولهذا السبب إضافةً  إلى عدم توفر واسطة نقل واحدة على الأقل ومتطلبات الحياة اليومية شهدت القرية تراجعاً ملحوظاً في نسبة السكان القاطنين بها لاسيما شتاءً لكن صيفاً تزدحم القرية بأبنائها بقصد الاصطياف وتنسم هوائها الجبلي العليل.

 

ازدهار علي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار