أفخاخ مرورية على متحلق جبلة تهدد حياة المواطنين

رقم العدد: 9299

25 شباط 2019

 

قلما نرى تفاعلاً من الدوائر الرسمية عند طرح أي مشكلة خدمية، وإن سمعنا رداً أو تعاطياً مع المشكلة المطروحة، تكون في معرض التبرير والتسويف، وربما ينحو البعض إلى نفي وجود المشكلة، ويحيل الشاكي إلى خانة المبالغة والتجني والجهل بطبيعة العمل أحياناً، فما يراه المواطن مشكلة حياتية قد يراه المسؤول نعمة أو مكرمة تستلزم أن يُطلق لها الأفراح حتى لو شكلت خطراً على حياته وممتلكاته كما يحصل تماماً عند العقد الطرقية لمتحلق مدينة جبلة!
ليست المرة الأولى التي نتناول فيها الخطر الداهم على حياة المواطنين العابرين لمتحلق مدينة جبلة، وعلى ما يبدو لن تكون الأخيرة، فهم يديرون لنا الآذان الصماء، ويتجاهلون مئات الشكاوى بشأن عقد الطرق المتداخلة مع المتحلق.
نسمع دائماً من المسؤولين بأن لقمة عيش المواطن هي الخط الأحمر الأول، والمساس بها من أكبر الكبائر، ولكن الحقيقة أن حياة المواطن خط أكثر احمراراً، والاستهتار بها من أكبر الجرائم، فالنفس البشرية (كما تعلمنا) هي أغلى ما وجد على هذه الأرض، والحفاظ عليها واجب مفروض في القوانين السماوية والوضعية، وبالتالي لا نستطيع أن نصمت عندما نرى حياتنا معرضة للخطر اليومي، في حين أن إزالة هذا الخطر يحتاج فقط إلى مسؤول يشعر بالمسؤولية، ويعرف أن واجبه معالجة أوجاع الناس، ومقابلة صراخهم بحلول عاجلة تزيل هواجسهم، وتدخل الطمأنينة إلى قلوبهم، فالثقة المفقودة بين المواطن والمسؤول تزداد يوماً بعد يوم، والبحث عن استعادتها غير مطروح لدى القائمين على مفاصل العمل، وهذه هي الطامة الكبرى.
في الصورة تقاطع معقد لمدخل متحلق مدينة جبلة جهة حي الرميلة، وكما ترون، يعجز المرء عن تحليل كيفية الدخول والخروج منه، فهذه العقدة تحتاج إلى تكتيك وعمل فكري عظيم قبل أن يهم المواطن بعبورها، لأن الطريق للكل، وأي عابر بأي اتجاه سيكون صاحب حق في العبور، ولا يستطيع أحد إجباره على انتظار الآخرين، فالعقدة (سايبة)، ولا قانون يحكمها، وهي أقرب إلى فخ مروري قادر على اصطياد عابريه بكل سهولة وسلاسة.
وقفنا أمام هذه العقدة، وأمعنا التفكير بكيفية تنفيذها، وتساءلنا عن هوية المهندس (المبدع) الذي تكرم علينا بفكرتها، ووضع توقيعه على تنفيذها، ولكننا عجزنا عن إيجاد جواب شاف، وانتابنا شعور بأن صاحب الفكرة ليس مهندساً ولا فنياً، بل صانع أفخاخ لا يكترث لحياة الناس، فلو أعطينا رسم هذه العقدة لطفل صغير، لضحك وبانت نواجذه، وحلف يميناً بألا يقرب كلية الهندسة إن أتيحت له في المستقبل.
قد يستغرب القارئ من لغة التعبير عن هذه العقدة القاتلة، ولكنه سيتهمنا بالتقصير وضعف العبارة عندما يعاينها على الواقع، ويرى بأم عينه أننا لا نبالغ، ولا نجافي الحقيقة، فأهل المدينة حتما يعرفون ما معنى أن تغامر وتعبر هذه العقدة، ويعرفون أيضاً عدد الحوادث المفترضة يومياً عندها، وأن ما يمنع وقوعها هو الحذر الشديد للسائقين، وأي شرود منهم سيجعل الحادث أمراً واقعاً.
لانعرف إن كنا نملك الحق في دعوة السيد محافظ اللاذقية لزيارة سريعة إلى هذه العقدة، فنحن على ثقة بأنه عندما يقف أمامها ويتمعن في حركة السير حولها، سيطلب محاسبة من نفذها، وسيوصي بإزالتها في أسرع وقت ممكن، وربما يطالب بسحب شهادات الجهة الدارسة.
في السياق ذاته لا ننسى أن نذكر بأن العقدة التي تلي كراج الانطلاق لا تقل خطراً عن سابقتها وخاصة عندما ينقطع التيار الكهربائي عن شارات المرور، فعند هذه اللحظة لن تعرف الداخل من الخارج، والمشهد يصبح قريباً إلى لوحة فن تشكيلي (بالمقلوب) يعجز عن شرح معانيها أفضل رسامي العالم.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار