الوحدة : 25-4-2020
لا أحب من الماضي سوى طفولتي البسيطة، وهتافات كنا نرددها في المدرسة عن الوطن، وقول أبي ( لكل ظالم نهاية)، وحكاية أمي كيف أحبت أبي، وعاشت له ومن أجله بنقاء.
عفواً، نسيت أن أضيف أنني أحببت قريتنا الصغيرة (قريطو) التي ظلت صامدة في وجه نهر يغضب في كل شتاء مرات، يدور حولها وفي نيته أن يحملها معه إلى البحر، وصامدة في وجه ظلم إقطاعي كان يقول لأهلي: سأقتلعكم من هذه القرية، مع مرور الوقت، توقف النهر عن الفيضان، ومات الآغا وزمنه، عندما قالوا لأبي (العين لا تقاوم المخرز)، قال: بل تقاومه وتكسر رأسه.
ولأنني أؤمن بمقولات أبي وآرائه ومواقفه، بقيت طوال عمري وما زلت أؤمن بأن العين تقاوم المخرز.
تابعت برنامجاً تلفزيونياً على الفضائية السورية تقدمه مذيعة من سوق اللحوم الحمراء بدمشق، بدا المشهد موجعاً، ليس لأن أسعار اللحوم مرتفعة، وإنما لأن الحوار مع الجزارين، يقدم مشهداً عن الفساد في العلاقة بين هؤلاء القصابين وجهات حماية المستهلك، التسعيرة على الجدران منذ الشهر السابع عام 2019 كيلو اللحمة كان بحوالي ألفين وخمسمائة ليرة، ويباع الكيلو الآن بين عشرة آلاف ليرات وخمسة عشرة ألف ليرة.
جاء رجال التموين بناء على طلب المذيعة، وضعوا أنفسهم خارج دائرة السؤال والجواب، تعبت المذيعة لتحديد من هو المسؤول، أهو تاجر اللحوم بالجملة، أم تاجر اللحوم للمستهلك أم الجهات التموينية، أو ثمة جهات أخرى نائمة على ما يجري، والبرنامج يبث، أغلق أغلب التجار محلاتهم كما حصل في سوق الخضار قبل أسبوع.
في حوار على الهاتف بين المذيعة ومسؤول تمويني على الهاتف، يمكن للمستمع أن يفهم تماماً، أن علاقة ما ليست في مصلحة المواطن الفقير تقوم بين التاجر والمسؤول، وانتهى الحوار، وأظن أن الحكاية انتهت.. كما هو حال كل حكاية.
سليم عبود