الوحدة : 12-4-2020
ردت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشدة على من انتقدوا خطوة توزيع الخبز على البطاقة الذكية، واعتبرت الوزارة في بيانها أن المنتقدين يهدفون إلى التشويش على الإجراء الجديد، وأنها ماضية في تنفيذه رغم كل ما يقوله المواطنون.
بالمطلق، لا يمكن محاكمة أي تجربة قبل نفاذها إلى حيز التطبيق، ومن الصعب تحويل الاتهام إلى صك إدانة قبل أن نرى مفاعيل هذا الإجراء على أرض الواقع، ولكن المواطن على حق عندما يتساءل، ويضع القرائن لاستشراف ما هو آت، وعلى الوزارة المعنية أن تتحلى بسعة الصدر أمام مواطن فقد الثقة كلياً بأي إجراء جديد، وهو محق بنسبة كبيرة نظراً لتجاربه السابقة مع وزارة حمايته.
لا يستطيع السيد الوزير وفريق عمله تكذيب مواطن يعاني على باب صالات التجارة، وعند أكشاك الخبز، ومع رسائل تكامل، فهذه التجارب الثلاث على الأقل، تعطي المواطن كامل الحق بالتوجس من الإجراء الجديد، سيما أن التجربة ستشهد ثغرات بحكم العادة، ولا داعي للتذكير بثغرات عدة لم تجد حتى الآن طريقها إلى الحل في أكثر من تجربة.
لن نخوض في الكميات المحددة من الخبز لكل فرد مع علمنا بأن هذه الجزئية تشغل بال نسبة كبيرة من المواطنين، فكل من سمعنا أصواتهم يؤكدون أن الكمية غير كافية لأغلب الأسر التي تعتمد على الخبز كعنصر أساسي في طعامها.
ما يجب أن نبحث فيه اليوم هو النوعية والوزن، وجودة الرغيف، كما يردد مسؤولو وزارة الحماية على أسماعنا ليلاً نهاراً، فهل سيساهم هذا الإجراء في تقديم ربطة خبز صحيحة الوزن، كاملة المواصفات؟، أم سنكون أمام ربطة خبز ممسوخة الوزن، متهالكة الجودة، كما اعتدنا سابقاً؟.
في الحالة المستجدة، سيكون المستهلك بحاجة لكل كسرة خبز من مخصصاته، فهو لن يمتلك ترف المناورة برغيفه المسجل باسمه على البطاقة الذكية، ولن يسمح له الشركاء في المنزل بانتقاء رغيف من (الربطة)، فالسعيد من سيضع يده على الرغيف الجيد إن بقي الخبز بعد البطاقة كما كان قبلها.
إذاً، أمام الواقع الجديد، يجب أن نشهد رغيف خبز مميز، وربطة خبز بوزنها الحقيقي، ووصول آمن إلى يد المستهلك قبل أن تبيت على الطريق، وعندها سنعود لمحاكمة التجربة، وإطلاق صكوك البراءة أو الإدانة، وسنكون أمام موقف أدبي وأخلاقي، يستوجب اعتذاراً ممن هاجم التجربة (المواطن)، أو ممن أقرها (الوزارة)، فلندعو جميعاً لهذا الإجراء بالتوفيق،لأن نجاحه سيشكل حالة مريحة على طريق فض الازدحامات في زمن الكورونا، في حين سيشكل فشله ضربة جديدة لعمل وزارة التجارة وحماية المستهلك.
غيث حسن