الوحدة : 31-3-2020
على أبواب المصارف والمعتمدين، تجلى مشهد صاعق لآلاف المواطنين المتكدسين فوق بعضهم البعض للحصول على معاشاتهم، فضرب المشهد المأساوي كل دراهم الوقاية، وصفق الفايروس اللعين لمن هيأ له بيئة خصبة للتكاثر والانتشار.
لا نعرف إن كانت الصور قد وضعت أمام السيد وزير المالية، ولا نعرف إن لام نفسه عندما أصدر قراره بضرورة قبض المعاشات قبل ظهر التاسع والعشرين من آذار، ولن نخمن ما سينتج من مصائب (لا سمح الله) في صفوف المتجمهرين أمام كوات المصارف، ولكننا على يقين لا يقبل الشك بأن خطأ كبيراً قد ارتكب، سيعرض حياة الآلاف للخطر.
لن نطالب بالمساءلة، ولن نرجو المحاسبة، فنحن على ما يبدو أمام حالة مستعصية، يعمل فيها الفرد على ضرب عوامل قوة الجماعة من خلال قرارات غير محسوبة، وأوامر مستهجنة من قبل العارف والجاهل، والعتب مرفوع عن عقل الجماعة، لأنهم أصحاب حاجة، وصاحب الحاجة أرعن.
كل وسائل الإعلام تجندت لنشر حملات التوعية، ولم يبق منبر واحد إلا ونادى بضرورة فض التجمعات، والابتعاد عن الازدحامات، وغالبية الشعب استوعبت الفكرة، وباتت مدركة للمخاطر الجمة، وفجأة يستنفرهم قرار رسمي، ويدعوهم للتجمهر والاشتباك، ووضع حياتهم وحياة أبنائهم في مهب الريح، لنأتي بعدها ونوبخهم على ما فعلوه، فيرددون على مسامعنا بيت الشعر القائل:
رماه في اليم مكتوفا وقال له:
إياك إياك أن تبتل بالماء.
وما يثير الاستغراب ويؤكد أن بعض القرارات تتخذ على عجالة، هو ما صدر من قرارات لاحقة لقرار قبض الرواتب، إذ تم الإيعاز إلى معتمدي بعض الجهات، بالسفر إلى الأرياف لإيصال المعاشات إلى الموظفين من سكان الريف، أي أننا نملك الوسيلة، وبإمكاننا اتخاذ قرار سليم بقليل من توسيع الأفق الفكري، فنصبح بغنى عن إدخال المجتمع في دوامة لا حاجة له بها، وننسجم مع أنفسنا لتحقيق الهدف الأسمى في هذه المرحلة الحرجة.
ليس أمامنا إلا تسليم أمرنا لله، والدعاء بإلهام المسؤولين على إصدار قرارات تلائم الحالة المستجدة، وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، نستودعكم حفظه ورعايته، ونرجوكم أن تبقوا في منازلكم!!!!.
غيث حسن