أفواه نهمة وبطون خاوية فهل من مسعف أو مجيب؟

الوحدة 29-3-2020

بتنا اليوم في غيث شتاء، أفواه نهمة لا تعرف السكون وبطون خاوية لا تعرف غير الجوع، من نفوس خاوية لا تعرف غير الفتور، الكل جائع طوال الوقت ونحن في حجرنا داخل جحورنا وسط الملل والحبس، وليس أمامنا غير (التفشش) بالأكل، نأكل ولا نعرف الشبع، نلزم أماكن جلوسنا من الصباح وحتى ملاقاة وجه الصباح وفي أحضاننا صحون مغمورة بأصناف من المنكهات والمقرمشات ونصيح كل حين (نحن ما شبعنا ولكن مللنا) لقد زادت أوزاننا في وقت قصير ولا نظن أن  تتسع أبوابنا لأحجامنا بعد مدة لا نعرف حدودها، فماذا نفعل لأطفالنا التي ستنالهم السخرية عما قريب؟ إذ لم يكن بأيدينا أن نحبسهم داخل البيت بغير أن نصنع لهم كل ما يشتهون، وما إن ينتهي الطعام من أيديهم حتى يصيحوا بأمهم المناوبة في المطبخ ماذا لديك إنا جائعون؟

نحن منهزمون اليوم هذا ما تقوله لمياء العكش وقد جلست في البيت بهذا الحجر، فليس لديها صنعة غير الاهتمام بوجبات صغارها الغذائية والزيادة فيها دون حسبان لغير ثمنها، وتتابع بقولها: لقد انفتحت شهيتهم وكأن لهم دهراً لم يأكلوا، فلم يكونوا قبل هذه الأيام بهذا النهم، وكنت أتحايل عليهم وأجري وراءهم ليضعوا لقمة في حلقهم، أما اليوم فلا أكاد  أنتهي من عمل أو شغل حتى ينادوا بي أنهم يريدون الطعام، فأقف محتارة بأمري ماذا أعد لهم من أكلات وحلويات ونقرشات، وهم يشيرون علي بقولهم كلما تلفظت باسم أكلة (مبارح أكلناها أو ما طيبة أو غيريها لكذا أطيب) وبتنا نصرف بالأضعاف لأجل طعامهم وضبط جلوسهم في البيت.

إن الضريبة كبيرة على الأبوين لدفع أولادهم على الجلوس في البيت والتزامه، وهو ما ردت به السيدة سمر ديب، فأولادها كبار بالجامعة سنة أولى الكبير معلوماتية، والفتاة بكالوريا، ولهذا لا تعجبهما الأكلات العادية مثل المجدرة أو الخضار المطبوخة ويحبذون الأكلات الدسمة والوجبات السريعة والسندويش التي يحتل فيها الفروج الطبق الرئيسي، لهذا أطلع على النت لكيفية إعدادها، وهنا قد أفشل فأعيدها مرة واثنتين حتى أنال الاستحسان، فلدي الوقت الكافي للإعادة والاستفادة وقد زادت خبرتي بالطبخ وبت أجيد صنع الكثير من الوجبات التي لم يكن لدي الوقت لصنعها حينها كان الولدان يشترونها من المطاعم والمحلات ويوصون عليها بوجبات وأنا في الوظيفة والدوام ولم نكن بهذا الحسبان، لكن الضريبة زادت بتكاليفها وتكلفتها علينا ولم يعد المال وحده ينجينا فقد بدت عليهما السمنة واضحة وكأن معدتهما توسعت وضجروا من البيت لنصرف بأضعاف مضاعفة ثمناً للمشتريات ولوازم الطبخ والجلوس في المطبخ معظم ساعات النهار، عداك عن المساء حيث يحضرون الشيبس والبذورات وكلها تسبب السمنة مع السهر لطلوع الفجر، ورمضان قادم فماذا نحن فاعلون؟ 

السيد رامز يخرج من بيته كل وقت  وهو تحت طلب الزوجة والأولاد ذاهب للدكان، ليأتي لهم بالطيبات وهم محجوزون بالبيت دون خروج، وبذلك يتفادى هروبهم للطرقات لملاقاة أولاد الجيران وأصدقاء الحي، لكن لم يعد عندهم ضوابط لنهمهم وجوعهم، فهم يطالبون بقائمة الطعام كل ساعة، وقد فرغت خزائن البيت من المونة والمواد والتشكيلات كافة التي كانت في الاحتياط، وكأن الأولاد ليس لديهم شغل غير الأكل، فهم إن جلسوا على شاشات التلفاز يريدون السندويش، وإن حصلوا على (موبايلاتنا) في أيديهم يريدون الشيبس وقطع الشوكولا، وإن سمعوا الكلام وجاء وقت الفطور أو الغذاء كانوا أول الجالسين في مقاعدهم ودون استئذان، وقد يدخلون المطبخ خلسة أو عنوة ليكملوا ما فاتهم من نكهات إذا ما انشغلوا بأمر ما مثل دردشة مع الرفاق على الماسنجر أو شدهم فيديو وفيلم، لم نعد نضبط مشترياتنا والأسعار نار، كما لا نستطيع لشهيتهم طلبات الزوجة رداً (كرمال عين تكرم مرج عيون) وهي التي تريدهم أن يكونوا بصحة ومناعة قوية لدرء المرض.

لودا خبيرة تغذية: إنه أمر لا يجب التهاون به، حيث قلة الحركة والجلوس أغلب الوقت على ألعاب الكمبيوتر وشاشات التلفاز تولد لديهم الكسل، وعلى الأم اتباع الطرق الصحيحة والسليمة لتغذية أطفالهم دون الإفراط في تناولهم الوجبات العديدة والتعامل معهم دون إهانة أو تجريح أو حتى حرج، فالسمنة لا تأت إلا من عدم الاهتمام بغذائهم وعدم وضع ضوابط لكميات الوجبات التي يستهلكها كل يوم، تركهم للنوم ساعات طوال وعدم تشجيعهم على ممارسة الرياضة، الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والبسكويت والحلويات والمشروبات الغازية، الانكباب على الطبخ وصنع الحلويات.

ولتجنيبهم السمنة: تغيير نمط حياتهم ونشاطهم وأسلوبهم اليومي، تجنبي إعطاءهم الطعام كل حين ظناً منك أنهم سيكونون أكثر صحة، ووضع خطة لحساب الحريرات عدم السماح لهم بتناول الشيبس والبسكويت والشوكولا واستبدالها بالفاكهة والخضار ووضعها بصحون وأوان بألوان وأشكال تجذب الأنظار، والتركيز على تناول الطعام مع أفراد العائلة، ترطيب جوفه كل حين وشرب السوائل والمياه التي تأخذ حيزاً ومكاناً في معدته فتضيق على الأكل، تحميلهم بعض المسؤوليات والواجبات مثل تحضير الطاولة لتناول الوجبات وترتيب سرائرهم وتوضيب ألعابهم، القيام ببعض التمارين واللعب والرقص وزيادة حركتهم، استغلال الوقت في القراءة وتنمية مواهبهم، ادفعيهم للنوم باكراً ليخفف عنهم من وطأة الشهية والغوص في الأكل.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار