الكورونا… في عيـــونٍ سورية

العدد: 9557

الأربعاء: 25 آذار 2020

فيروس الكورونا المستجد ملأ الدنيا وشغل البشر، نوبات هستيرية من الخوف والهلع اجتاحت العالم دولاً وشعوباً ومجتمعات، طاعون العصر الذي اصطكت على وقع انتشاره أرجل العمالقة قبل الأقزام، كارثة القرن التي خار في مواجهتها الجبابرة قبل الضعفاء، ناقوس الخطر الذي ألزم الناس منازلها في مشارق الأرض ومغاربها، جرثومة الموت التي أخذت تضرب خبط عشواء فلم تفرق بين الأمير والخفير ولا بين غني وفقير، استنفر العالم أجمع لمواجهتها بكل قواه العلمية والطبية والمدنية والعسكرية والسياسية والشعبية والنخبوية والاقتصادية والدينية والإعلامية فالخطب جلل والمصاب عظيم والعزائم يجب أن ترقى مراقي الحدث، وكما هي العادة في كل كارثة انبرى المحللون الاستراتيجيون والخبراء الجيوسياسيون في كل أنحاء العالم ليشبعوا الحدث تحليلاً وأخذوا يؤصلون لكيفية نشوء هذا الفيروس ويبنون على التأصيل نظريات وقناعات أشعلت حرب الاتهامات بين الشرق والغرب ونالت الجميع ابتداءً بخفاش صيني مسكين هرب من المخبر في يوهان وهام في أسواقها وانتهاءً بالخفاش ترامب تاجر العقارات والأسلحة والفيروسات والعقاقير.
مهما يكن من الحدث ومسبباته وتداعياته واقع الأمر يقول أن انتشار الفيروس وصل إلى مستوى الوباء العالمي وبناء على ذلك يتوجب على كامل البشرية تحمل الأعباء والمسؤولية في مواجهته.
في سورية واقع آخر يختلف عن نظرائه في بقية الدول فالمواطن السوري يقف في ساحة الميدان منذ تسع سنوات يواجه آلة الحرب الجبارة المتكالبة تارة بالسيف وأخرى بالدم حتى تكسرت بين أورابه النصالُ على النصال وتزاحمت على الجراحِ الجراحُ واليوم يباغته وحش الكورونا يريد أن يقتات من فتات روحه قبل الجسد.
الفيروس التاجي المستجد يتوافق كل السوريين الذين أضحوا هذه الأيام أنصاف علماء بيولوجيين على أنه ليس له من التاج إلا الاسم والشكل وذلك بعد أن أشبعوا الشكل المجهري للفيروس دراسةً، أما بالنسبة لصفة الفيروس أي (المستجد) يؤيد السوريون هذه الصفة لكن لهم فيها دراسة مختلفة وتأصيل متفرد، ففيروس كورونا-١٩- بالنسبة للسوريين هو فيروس متطور في التشكل عن فيروسات سابقة اجتاحت البلاد تعود في أصلها إلى الفيروس ربيعنا-١١- والذي ضرب البلاد عام ٢٠١١ مستخدماً في تشكيله الجيني أحماضاً نووية خادعة توحي بأنه كائن مسالم يريد بالسوريين سلماً وخيراً حتى إذا تمكن وتثبت بدأ بضخ ذيفانه القاتل ومحاولة الاستيلاء على خلايا الأعضاء في الجسم السوري عضواً إثر عضو ليقوم بعد ذلك بإعادة التشكل والتطور مخلّقاً سلالات من فيروسات متتابعة أشد فتكاً وتدميراً إذ واجه السوريون من الفيروسات ما لم يواجهه شعب آخر بدءً بفيروس ضللونا مروراً بفيروس شيطنونا وفيروس غررونا وفيروس فتنونا وفيروس قسّمونا وفيروس دعدشونا وفيروس قتلونا وفيروس خطفونا وفيروس ابتزونا وفيروس ذبحونا وفيروس شردونا وفيروس خانونا وفيروس قاطعونا وفيروس عزلونا وفيروس فقّرونا وفيروس حاصرونا وفيروس عثمنونا وانتهاءً اليوم بفيروس كورونا.
أيها الفيروس التاجي ما أنت في عيون السوريين إلا محارب مستجد لفيروسات محاربة تقدمتك في صفوف آلة الحرب على سورية وكما نجح السوري في تحدي مواجهة أقرانك السابقين من الفيروسات سينجح بإذن الله وإذن الوعي الجمعي في تحدي مواجهتك وليس لك في النهاية من السوريين إلا نصيب التعقيم والتطهير تماماً كنصيب أسلافك.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار