الفحم الحيوي يحسن التربة ويقلل من تأثير التغير المناخي

العدد: 9556
الثلاثاء : 24 آذار 2020

 

الفحم الحيوي هو منتج غني بالكربون يتم الحصول عليه عندما تعرض الكتلة الحيوية مثل الخشب والبقايا العضوية أو بقايا المحاصيل أي حرارة عالية في مكان مغلق بعيداً عن الهواء.
لمعرفة أهمية الفحم الحيوي ودوره كمحسن للتربة وفي إدارة النفايات ومبررات الاهتمام به
البقية ص7
وأهم المشاريع البحثية التي تناولت هذا الموضوع أكد الدكتور علي زيدان أستاذ كيمياء وخصوبة التربة في كلية الزراعة بجامعة تشرين على أن الفحم الحيوي يتم إنتاجه من الناحية الفنية عن طريق ما يسمى التحلل الحراري للمواد العضوية في درجات حرارة أقل من (700 مْ) وفي ظروف معدومة أو قليلة الأوكسجين.
هذه العملية غالباً ما تعكس إنتاج الفحم، كأحد أقدم التكنولوجيا الصناعية التي طورها الإنسان ومع ذلك فإن عملية تصنيع الفحم الحيوي التي تتميز عن صناعة الفحم التقليدية بأنه ينتج بقصد الإضافة للتربة كمادة محسنة وتخزين الكربون وفلتر للماء الراشح، فالعملية الإنتاجية إلى جانب الهدف من استخدامه يشكلان الأساس في تصنيفها وتسميتها.
وقد أكد الباحثون في الآونة الأخيرة إن الاهتمام الكبير بموضوع استخدام الفحم الحيوي في المجال الزراعي يستند إلى أمرين أساسيين:
الأول: اكتشاف أن مصادر الفحم الحيوي من بقايا المحاصيل والخضار والأشجار وفضلات الحيوانات وغيرها من أشكال الكتلة الحيوية التي تحتوي على كميات عالية من الكربون العضوي (Or. C) كمصدر أساسي للفحم الحيوي.
الثاني: تم التوصل منذ عدة سنوات إلى أن الفحم الحيوي هو الأكثر ثباتاً من المحسنات التربة الأخرى، إلى جانب قدرته على الاحتفاظ بالعناصر الغذائية وزيادة إتاحتها في محلول التربة، وتفوقه على المادة العضوية في التربة بهذا الخصوص. مما يعني أن الفحم الحيوي ليس مجرد نوع آخر من الكومبوست أو السماد العضوي الذي يحسن خصائص التربة بل أكثر قدرة وكفاءة في تعزيز جودة التربة.
محسن للتربة
وأشار د. زيدان إلى أن عمليات تحسين التربة لا تعد ترفاً بل ضرورة في العديد من مناطق العالم، خصوصاً المناطق التي تعاني من نقص في الأمن الغذائي وسوء التغذية بسبب محدودية الموارد الطبيعية والمساحات الزراعية وفقر التربة وانخفاض الإنتاجية فيها، وإن ظاهرة انجراف الترب وتدهورها يحدثان بمعدلات غير اعتيادية مترافقة دائماً مع تأثيرات سلبية على خصائص النظام البيئي للتربة، يظهر تأثير ذلك على شكل تراجع في الإنتاجية بالرغم من الاستخدام المكثف للكيماويات الزراعية على مستوى العالم بالتزامن مع الآثار السلبية على البيئة والموارد المائية والأرضية، وبين lehmann في عام 2009 أن الفحم الحيوي قادر على لعب دور رئيسي في الإدارة المستدامة للتربة من خلال الإدارة الأفضل للعمليات الزراعية لتحسين إنتاجية التربة وخفض التأثيرات السلبية على الموارد الطبيعية، ولا بد من الإشارة إلى أن إضافة الفحم الحيوي للتربة يسهم في زيادة سطوح الامتصاص الكيتونية والأنيونية فيها، مما يخفف إلى حد كبير من انغسال الأسمدة المعدنية والشوارد الموجبة والسالبة خارج مستوى الجذور ونحو المياه الجوفية.
إدارة النفايات
أوضح د. زيدان أن إدارة الفضلات العضوية للحيوانات وبقايا المحاصيل والمنتجات الثانوية للصناعات الزراعية والغذائية، تشكل عبئاً كبيراً على البيئة قد تؤدي إلى تلوث الموارد الطبيعية وخصوصاً المياه السطحية والجوفية.
هذه البقايا والفضلات وغيرها من أشكال الكتلة الحيوية تعتبر موارد للفحم الحيوي بفعل التحلل الحراري، كما أن عملية التفحيم لا تعطي طاقة فحسب بل تسهم في خفض حجم وكتلة هذه البقايا العضوية بشكل كبير مما يسهل عمليه التعامل معها من ناحية النقل والتخزين والإضافة وغير ذلك وبنفس الوقت توفر هذه المنتجات العضوية خيارات اقتصادية يمكن الاعتماد عليها محلياً في مواقع إنتاجها، حيث ترتبط تكاليف وإيرادات هذه الخيارات الاقتصادية بتطورات السوق المحلية.
كما أن الإدارة الجيدة للنفايات العضوية نحو تصنيع الفحم الحيوي تسهم في التخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال تثبيت الكربون وإعادة تدوير واختزال النفايات وخفض انبعاثات غاز الميتان من المطامر وتخفيف الطاقة المستخدمة في المسافات الطويلة لنقل هذه النفايات وغير ذلك.
مبررات الاهتمام
ذكر د. زيدان من مبررات الاهتمام بالفحم الحيوي هو ظهور قناعة دولية بأن له تأثيرات إيجابية والحاجة الدورية إلى عمليات تحسين ظروف النمو بالتربة لزيادة الإنتاج والإنتاجية وضمان الاستدامة، ونشر هذه التقانة في الإنتاج الزراعي بين المزارعين وتحسين خصائص التربة الزراعية واستدامة خصوبتها والمساهمة في الحد والتقليل من تأثير التغير المناخي والتخلص من النفايات العضوية و تقليص حجمها.
ومن أهم المشاريع البحثية هي:
دراسات التكامل بين إضافة الفحم الحيوي والتسميد المعدني في التربة، والتكامل بين التسميد العضوي والفحم الحيوي في زيادة النمو والإنتاج وتحسين النوعية للمحصول، وتحسين خلطات المشاتل بإضافته للتربة بنسب مختلفة وانعكاس ذلك على نمو ونوعية الغراس والشتول، وتأثير الفحم الحيوي في بعض خصائص التربة الفيزيائية والمائية وكذلك تأثيره في التنوع والنشاط الحيوي في التربة، وتخفيف التلوث بالعناصر الثقيلة في التربة والمنتجات النباتية، وتأثيره في مستويات مختلفة لحركية العناصر الغذائية الكبرى والصغرى في التربة، وتأثيره في بعض خصائص التربة الكيميائية والخصوبية، بالإضافة إلى دراسة تطوير عملية التصنيع الفحم الحيوي بالطرق التقليدية من بقايا التقليم وعصر الزيتون و نشارة الخشب وبقايا حصاد القمح وقشور الفول السوداني وغيرها.
ويمكن وضع مشاريع بحثية تأخذ مياه الصرف الصحي بعين الاعتبار كما يمكن إدخال الفحم الحيوي في تجارب بحثية حول المحاصيل والترب المتأثرة بالملوحة والقلوية.

 مريم صالحة


تصفح المزيد..
آخر الأخبار