هـــل ينقــــرض الـــزواج !

العدد: 9555
الخميس : 23 آذار 2020

 

لقد تكهن العديد من الناس بأن المؤسسة الزوجية في طريقها إلى زوال، وسرعان ما انتشرت مقولات تشير إلى الرّباط الزوجي بوصفه (موضة قديمة) وغير ضروري وفي بعض الأحيان لا لزوم له، كأن تلك الأرواح الناشئة أرادت أن تدفن تاريخاً كاملاً من الحضارة الإنسانية المتراكمة متسلحة بالرغبة العارمة في التجديد والانفلات من القيود وبالترابط مع تلك النزعة التفكيكية نشأ تصوّر جديد عن الحب يقوم على فك الارتباط الضروري بينه وبين الزواج ولم يعد لكلمة (أحبك) أي بعد غير حسيّ بعد ما اختلطت المشاعر وصار كل منها يعرّف بالآخر وينوب عنه.
وانتشرت صورة نمطية جديدة عن الحبّ لم يألفها البشر على امتداد تاريخهم الحضاري صار للحب سيناريو معياري جديد لسان حال الفرد فيه يقول ولمَ الالتزام وتعقيداته ما دمت أستطيع قطف المسرات من دون التزام أو قيود في تلك الثقافة الناشئة صار حال الرجل كما هو في السيناريو الآتي أحبك يا عزيزتي لكنني لست ملتزماً تجاهك بأي شيء أنا أحبك فعلاً وأمضي معك أوقاتاً جميلة .لكن من يضمن المستقبل لذا دعينا من مقولة الالتزام ولنحتف باللحظة الراهنة مسراتها.
وقد عزز هذا الاتجاه سيل من الروايات والمقالات والأفلام والمواد الإعلامية التي صوّرت ذلك على أنه النمط الحقيقي في الحبّ ومع أن أحداً لم يبحث منهجياً العلاقة ما بين تلك الثقافة الناشئة وارتفاع معدلات الطلاق بوصفها المرحلة التي تصاعد فيها وما زال إلى الآن يحلّق عالياً لكن هذا النمط من الحبّ أقل إنسانية إنه الحبّ في مفهومه الجديد الذي يعلمنا أن علينا ألا نحزن إذا شعر أحدنا بتناقص مخزون الحب لديه تجاه الطرف الآخر.
فإذا كنت غير قادر على الاستمتاع اليوم مع المرأة التي تحبّ فابحث عن امرأة أخرى يمكنك أن تحبها أكثر وإن لم يدم حبك لتلك المرأة أكثر من اللقاء الأول، فلا بأس يمكنك التجوال في عالم زاخر بالنساء وقطف مسراتك مع امرأة أخرى وهكذا.
تفاؤل كبير يساور الداعين إلى إعادة مجد العائلة، لكن ذلك التفاؤل يظلّ رهناً بالصورة القائمة التي تفيد بأن نسبة عالية من النساء يفضلن العيش بلا زوج فإن العديد من العوامل أدت إلى عزوف النساء عن الزواج يأتي من خلال الاستقرار المالي للمرأة وهناك عامل الطلاق الذي ما زال مستشرياً كما أن اجتياح المرأة لمجالات العمل التي كانت حكراً على الرجال عزز فردية المرأة وأضحت حالة من التنافس المهني والمادي بين الجنسين، وفي ظل هذه المعطيات أصبحت كلمة عانس قديمة الطراز، ففي الماضي عند ما كانت المرأة تبلغ أواسط العشرينيات من دون أن تضع خاتم الارتباط في إصبعها، لقد كان فوات الأوان بالنسبة إلى المرأة أمراً خطيراً ومعذباً لكننا اليوم نجد أن معظم النساء العازبات لا يشعرن بأنهن فاشلات ولا يرين أنهن مختلفات عن الأخريات، وإن العزوبية ليست فشلاً بالنسبة لهؤلاء النساء فإن الوظيفة الجيدة تحظى بأهمية أكبر مما هي عليه عند المتزوجات وذلك للوصول إلى رفاهية العيش والحظ يحالف المرأة العازبة التي تشغل مناصب رفيعة المستوى أو أنها تسعى إلى الوصول إلى منصب رفيع. وبالتالي فلا معنى لمسألة الزواج إذا كان سيحدّ من فرصها في الارتقاء المهني أو الوظيفي إضافة إلى ذلك.
تضاءلت قيمة أو صحة العار التي طالما التصقت بالأمهات العازبات وبالنسبة إلى النساء اللواتي يمكنهن أن يكسبن معيشتهن فإن عدم وجود الشريك الزوجي المناسب لا يعني أنهن لن يتمكن أبداً من أن يصبحن أمهات كما كان وضع النساء في الماضي.

لمي معروف 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار