لامرأة تتقن الحياة..

العدد: 9555
الأثنين : 23 آذار 2020

 

لامرأة تقف أمام عربة فول وسط شارع مزدحم، تبيع المارة بأناقة ونظافة، بصمت وهدوء أقول: عيدك مبارك، وعملك.
لامرأة تعجن وتخبز فوق رصيف، في زاوية من شارع، وسط المدينة، على تنور صنع بطريقة خاصة جداً، تصنع خبزاً شهي المنظر والرائحة والطعم، تبيعه لتأكل.
لامرأة تقلي الفلافل، تلف السندويش، تبيعه للجائعين، لأم علي صاحبة دكان صغير كتبت على بابه بخط اليد: سوبرماركت أم علي،
لأم محمد بائعة اللبن والحليب والقريشة من إنتاج بقرتها الغالية، لصاحبة محل خياطة، ورشة تجمع صبايا وماكينات خياطة، يعملن على إصلاح ورتق وإحياء ما يمكن من ملابس لزبائنهن النساء..
لأم تسهر على راحة أولادها، تتابع دروس أطفالها ولا ترسلهم إلى أخرى تقوم بذلك لقاء مال قد تستدينه أو تمنعه من لقمة عيش أسرتها، لهؤلاء يأتي العيد،
لا لتلك تضع طفلها على رصيف، تفترش الأرض وهي الشابة وتطلب من مال الله ولا لتلك وتلك …
في بلد المتناقضات نعيش، وقد ضاعت العدالة الاجتماعية، أو هربت حين هجم التتار الجدد، لم تعد المرأة تلك التي تتقن فن الطبخ وإدارة الأسرة ورعاية الأطفال، لم تعد تلك المعلمة والطبيبة، لم تعد نصف المجتمع التي إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، صارت مجتمعاً بأكمله حين عملت كل الأعمال.
لم تعد امرأة، صارت إنسانا كاملاً، يملك كل المواصفات والصفات، المؤمنون والمؤمنات، ذكر وأنثى، فإن أكرمكم أتقاكم، في المعمل أو المشفى أو في ساحة المعركة، حيث مررت في قرية قريبة، كل الرجال ذهبوا لنداء الواجب، للدفاع عن الوطن، كل الشباب هناك في ساحات القتال، يحمون الوطن بدمائهم، وبقيت النساء.. أم جعفر تحولت من كوافيرة للسيدات إلى بائعة لمواد البناء في ورشة زوجها الذي ذهب وتنتظره، فلم تعد النساء راغبات بتزيين أنفسهن حين غاب الرجال، ومحل الحلاقة النسائية مغلق حتى إشعار آخر.
هنا بائعة خضار، وهناك بائعة دجاج، وتلك في نهاية الشارع بائعة للملابس الجاهزة، كل محلات الحي وسط القرية الكبيرة تديرها النساء!! حتى أنني سمعت عن امرأة تقود سيارة أجرة، تعمل على خطوط القرى القريبة..
في قرانا.. قديماً كما كانت تحكي الجدات، حيث كانت تعمل المرأة بصمت، في الحقل، كانت تنجب وليدها بصمت أيضاً، واليوم تعود المرأة لتمارس دورها الأزلي في صنع الوجود البشري بصمت.
اليوم.. من لم يكن عنده امرأة أغلق محله وكتب بالخط العريض: مغلق بسبب الدفاع عن الوطن، نعود بعد النصر بإذن الله.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار