«محاضـــرات أمـــي» لا محــل لهــا من الإعــراب

العدد: 9555
الأثنين : 23 آذار 2020

 

كم كرهت تلك المحاضرات المسائية التي كانت تلقيها أمي كل يوم، ورغم كرهي لها التزمت الصمت، ومن ثم التطبيق سواء بالامتناع أو الإكراه، محاضرات حول الواجبات وكيفية تقديمها للآخرين والتي جعلتني أرى بها صورة الجنة فأصبحت التزم بها سنين طويلة، وأنا أعتقد أن جميع الناس يتلقون المحاضرات المثالية من أمهاتهم ويطبقونها بحذافيرها، فكانت الصدمة عندما بدأت أعي ذاك الواقع الأسود المخيف المختبئ وراء ستار المجاملات والمصالح فنفذ صبري وكتب حبري:
آسفة وأماه لم أعد أطيق محاضراتك، ولا نهجك المثالي المبالغ به في مجتمع لا تقيده إلا القليل من الأخلاقيات، ولم تتبقَ فيه إلا حفنة من جميل العادات التي اعتدت عليها،
فقد ضاع الكرم، وسرقت القيم، واشتدت النقم وكثرت الفتن فَمَاتَتْ الأطفال بين أصقاع الشوارع بلا رحمة ونام الفقير على أبواب الأغنياء بدون رأفة والتئم الصديق وكثرت النميمة واختفى الإخلاص وقل الاحترام فانقرض الحب في زمن المصالح حاولت أن أمشي مع التيار ولكن يا أستاذة المحاضرات القيمة ردعتني لاء أصبعكِ وهيبة عينيكِ فصممت السير عكس التيار والالتزام بنهجك ولكن نيران المواقف أحرقتني في لحظات وكدت أطفئها بصبري في لحظات أخرى لاتجه نحو المطبخ وأغلي قهوتي قائلة يا أماه لو عاد بي الزمن الآن إلى سن الطفولة وكنتِ تلقيني تلك المحاضرة لقاطعتك ألف مرة قائلة لك (لاء ولاء و لاء) فمواعِظُكِ في زمني أيتها السيدة الفاضلة لا محل لها من الإعراب.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار