العدد : 9552
الثلاثاء : 17 آذار 2020
لم تقصر المؤسسات الرسمية في اتخاذ القرارات والتوصيات لمجابهة كورونا قبل ولوجه إلى مجتمعنا، وبشكل كبير باتت الكرة في ملعب المجتمع، وأصبح لزاماً علينا أن نتماهى مع الإجراءات الوقائية بلا خجل من أحد لعلنا نحافظ على بقاء هذا المرض معزولاً كما تشير كل البيانات الرسمية لوزارة الصحة السورية.
اعتدنا في سنوات الحرب على تكذيب الشائعات والوثوق بالمصادر الرسمية، وكان هذا السلاح فعالاً في مواجهة آلة إعلامية ضخمة حاولت بكل قوتها أن توقع الهزيمة في نفوسنا في أوج انتصاراتنا، وعلى هذا المنوال يجب أن ننسج، وبنفس سوية الوعي يجب أن نثق بدولتنا ومؤسساتنا الرسمية، وأن نستقي المعلومة من مصدرها الصحيح، لا أن نؤجر أسماعنا وعقولنا إلى عديمي الأخلاق، ومروجي الشائعات الهدامة.
من الطبيعي أن يشعر المرء بالخوف والقلق بسبب الحالة الصحية المستجدة، فالأمر ليس عابراً وتجارب الآخرين ماثلة أمامنا وعلينا أن نهتدي بها للخروج بأقل الأضرار، مع فيض من الأمل بأن يبقى هذا العدو الجديد بعيداً عن حدودنا.
اعتدنا قبل كورونا أن نصوب الكلمة نحو المؤسسات المقصرة في أداء واجباتها، ولم نترك هنا على صفحات الجريدة أي تفصيل إلا وتطرقنا له، ولأن النقد ليس هواية، ومن الممكن أن يتحول إلى ثناء وإشادة بعمل هذه المؤسسات، فإننا اليوم نقف باحترام أمام المؤسسات الخدمية لسرعة استجابتها، وحضورها الواضح في مجابهة كورونا، فما شهدناه خلال الأيام الماضية ينم عن حرص واضح على صحة المواطن والوطن، وهذا ما يجب أن يكون في كل الأزمنة وبمختلف الظروف.
نقف باحترام أمام عمال وصلوا النهار بالليل لتعقيم شوارع المدن وأرصفتها، وبذلوا جهوداً مضاعفة للوصول إلى مدن نظيفة قد تشكل حاجزاً أمام الهجمة (الكورنية)، فحملات النظافة الحالية ستعود بالفائدة الكبيرة على المواطنين سواء فيما يخص كورونا أو أشياء أخرى تكره النظافة ولا تعيش في بيئتها.
علينا أن نحافظ على التفاؤل، وأن نؤمن بقدرتنا على دحر هذا الوباء، وعلينا أن نقوي هذه الحالة بمزيد من الالتزام والجدية في اتباع التعليمات الوقائية، فلا تهاون، ولا استسهال في قمع أي حالة قد تخل بأمن المجتمع الصحي، ويجب ألا ننسى بأننا بلد يتعرض لحرب منذ تسع سنوات، ويُفرض علينا أقذر حصار عرفه التاريخ، وبلا شك، لسنا في أفضل أحوالنا من حيث الجاهزية الفنية لمواجهة هكذا وباء، فكما نرى، هناك دول كبيرة تعيش حالة استقرار ونمو اقتصادي، وهي الآن تئن من وطأة هذا الوباء، وخير ما نساعد به أنفسنا ودولتنا هو الوقاية ولا شيء غيرها، وبإمكاننا أن نؤجل الحميمية في العلاقات مع الأقرباء والأصدقاء، وبإمكاننا أيضاً إلزام أبنائنا في المنازل، فما نحن فيه اليوم ليس فسحة للرفاهية والتنزه، بل هو خطر داهم فرض علينا اتخاذ تدابير وإجراءات غير معهودة.
غيث حسن