نســــاء يغلبهن الطمــــوح ..

العدد : 9548
الأربعاء 11 آذار 2020

 

 

للمرأة السورية ذكرها وحضورها كما يتصاعد العطر من قلب وردة مخملية تتخايل في الفضاء، وكما تنبلج أشعة الشمس، وتنسل بين غيوم، تكاثفت وازداد ضبابها لتشق كبد السماء، هي اليوم في جميع مفاصل الحياة، ولا تنفك تسعى للتميز والتفرد بشتى المجالات التي تدخل ميادينها، وخارطة الأيام وتضاريسها توضح أعمالها وطموحها الذي ليس له حدود بروحها المتفانية، ولو كان رجلها على قدم المساواة ولن يكون (لا يمكن للرجل أبداً أن يكون على قدم المساواة مع المرأة في الروح المتفانية التي وهبتها لها الطبيعة-المهاتما غاندي) فأي طموح هذا؟

* الدكتورة فتاة صقر، علم اجتماع قالت: بدأت مسيرة حياتي مثل أي فتاة في مجتمعنا تراقب تناقضات الواقع ومتغيراته، وكنت أميل للمواد العلمية والشعر والأدب، تفوقت في كل مراحلي الدراسية، ولم يكن هدفي التفوق بقدر ما هو الفهم، وكان للقدر والحظ مشيئته في رسم خياراتنا، في الثالث الثانوي وبسبب ظروف صحية قاهرة لازمني مرض أقعدني بالفراش لمدة 8أشهر، وهنا بدأ التحدي، ومراقبة المفارقات المجتمعية بين الاستسلام والمتابعة، وتحول الطموح من الطب إلى معهد إعداد المعلمين، متخلية عن الهندسة، لأبدأ مسيرتي مع الزواج والطفل الذي كان معلمي كما كانت الطبيعة، وتابعت مهنة التدريس مع متابعة دراستي الجامعية والماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع، متحملة أعباء ومسؤولية العمل والأمومة والنشاطات الثقافية الخاصة بطموحي، والعمل توزع بين تدريس وإرشاد نفسي اجتماعي ونضال نسوي ونشاطات ثقافية متنوعة في المدارس والمراكز الثقافية وفرع طلائع البعث، وزوجي يدفعني للنجاح، استوعب وتقبّل طموحي ونشاطي في المنزل والمجتمع، وكذلك مع الأبناء وكان دعماً وعوناً لمسيرتي، وكل صعوبة واجهتني ساهمت في صقلي، وكنت كلما أتجاوز عثرة أزداد رضا وأملاً بعد الألم، واستخلصت نتيجة مهمة وهي الامتنان والشكر لآلامنا وآمالنا ولحزننا وفرحنا ولمن وقفوا معنا ولمن وضعوا العصيّ في الدولاب فهم علمونا فن القيادة في الحياة، وقد كانت الأبحاث العلمية من صميم عملي وألمي وأملي ومنها ما يخصّ الطلبة وتدني التحصيل الدراسي وتحمل المسؤولية الاجتماعية لطلبة البكالوريا واتجاهات الرجل والمرأة نحو الاستهلاك وأجهز بحوثاً أخرى للنشر وأكتب النثر وشعر التفعيلة، حققت بعضاً من طموحي على المستوى الشخصي والمهني، ولدي ابنتان في الطب والهندسة، وابنتان في المدرسة، وأشعر بالرضا وسط محيطي الاجتماعي وفي مساعدة الآخرين بعملي والدعم (تعليم، نفسي، اجتماعي) في جمعية تنظيم الأسرة، والتدريس خصوصاً للطلبة الذين حملوا كرة النور لتنمية أنماط تفكير إبداعية تتجاوز التقليد المعاش، وخلال سنوات الحرب لم أفكر بطموحي بقدر تفكيري كيف سنواجه الصعوبات والعوائق التي تحدّ من إنسانيتنا، وكيف سنواجه الجهل الذي يعيق الكبير والصغير في تخطي مشاكله الشخصية والمستحدثة من واقع الحرب، وبدأ العمل يتجذر في الميدان الاجتماعي، بالإضافة لعملي الأكاديمي، فقد عملت مع الطلبة في قسم الإرشاد النفسي والتنسيق مع جمعية تنظيم الأسرة ودعم الوافدين والمتضررين من الحرب، وكانت نقلة نوعية لربط النظري بالعملي، وتعميق تخصصي في علم الاجتماع التربوي، وأشغل اليوم مديرة مكتب المصالحة باللاذقية الذي تم إحداثه في أيار 2018 وهذه نافذة عمل جديدة للتعامل مع ذوي المخطوف والمفقود والمتضرر من الحرب وحالات أخرى، كل شيء تأخذ منه ينقص إلا الطموح كلما حققت منه وأخذت كلما زاد، وطموحي تشكيل جمعية خاصة بالإرشاد الأسري والصحة النفسية، جمعية تختص بالطفل والأم والأبناء لأن الأسرة هي دعامة المجتمع الأولى والأم نواة الأسرة وقضية المرأة تتجاوز الأميّات الثلاثة الأمية (الحضارية والتعليمية والمعرفية) وتشغل طموحي المستقبلي.

 

* لينا اسكيه دار الشفاء الطبيعي: لكل امرأة طموح تسعى لتحقيقه بإرادة قوية حتى لو كانت من أضعفهن، بدأ الحلم بي منذ تخرجت من جامعة تشرين عام ألفين وسجلت ماجستير آثار قديمة، لكن فرصة وجدتها عندما سافرت وانتسبت للأكاديمية البريطانية napc ودرست فيها لأنال الشهادات العليا الدبلوم والماجستير وأحضر للدكتوراه في مجال العلاج الطبيعي والتغذية وهو ما كان في تفكيري، حيث هي من العلوم الصحية وثقافة حياة، ويجب على كل فرد أن يتقنها على الأقل لأجل نفسه ويتعاطى مع حياته وجسده بالشكل الصحيح، وبدأت عملي باختصاصي في معالجة أمراض العمود الفقري وغيره في مركز أقمته للعلاج الطبيعي بعيداً عن الدواء والأدوية الكيماوية التي تترك آثاراً سلبية عند تصريفها عن طريق الكبد أو الكلية، وتلبسني خوف عند البداية لكن الخوف كثيراً ما يولد النجاح وبدأت خطوات النجاح تبدو واضحة لي عندما اكتسبت ثقة مرضاي وبدأت نتائج عملي عليهم ولهذا استبدلت اسمّ المركز بدار الشفاء الطبيعي وأبعدت معالجة لأحسن نفوسهم وأجسادهم أيضاً، وخلال ستة أشهر فقط وبزمن قياسي قطعت مرحلة جيدة في هدفي والذي وضعت له أكثر من سنتين وثلاث لأتبين نجاحاً فيه، وأشكر الله الذي أعاني وصديقاتي اللواتي أحبوني لأصل إلى بعض طموحي، لقد عملت كثيراُ سهرت وتعبت لأنال الشهادات العليا وقد تسلمت آخرها منذ أيام فقط من جامعة نيوجرسي بالتعليم المفتوح وقد نلتها أنا ودكتور من دمشق فقط في حفل تكريم بلبنان، كما نشر لي كتاب عن الثقافة البدنية وأثرها على الفرد والمجتمع، وهو الكتاب الأول بالوطن العربي يدرس اليوم لصالح أكاديمية صناع القادة .
تضحك وتقول: طموحي كبير، وأتمنى أن يكون لدي أكبر وأهم مركز على مستوى سورية وأتمنى أن يجد عندي كل مريض الشفاء التام، ليس بالأجهزة الموجودة بالمركز واعتمادي على المواد الطبيعية هو ما أوصلني لحلمي بل القيمة المضافة عليه من الخبرة والتعب والدرس المستمر والاجتهاد، ولا يقف طموحي عند هذا المركز أود أن أشغّل أكبر قدر من الأيدي العاملة وتعليمهم لتقديم قيمة معرفية ومادية بالإضافة لقيمة إنسانية ومساعدة أهل بلدنا وخاصة الفقراء والجرحى وندخلهم في مجال خدماتنا المجانية ليكتمل بهم جزء من الحلم بشفائهم الذي يدفعني للأمام، وأيضاً تجاربي معهم تفيدني في صقل معرفتي وتزيدني علماً يفيدني في دراستي وبحثي، قدمت أول سيمينار لرسالة الدكتوراه وبعد ثلاثة أشهر المناقشة العلنية بجامعة ن بي سي البريطانية، وأنا المعتمدة الوحيدة في سورية من الاتحاد العربي للثقافة البدنية بالإضافة لشغلي مستشارة لرئيس الاتحاد العربي للثقافة البدنية في الوطن العربي.
* كفى كنعان، تربية وعضو مجلس محافظة: كنت في قريتي الجميلة أبحث عن ذاتي فأجدها غارقة بين الكتب ولم أكن أتجاوز العاشرة من عمري، لم تشغلني في مرحلة الصبا هموم قريناتي وأحلامهن من عشق وتسلية، وأدركت أن عشقي للوطن له طقوس أقدسها مسبوقة بعمل وإنجاز فكان عملي التطوعي في طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة وعملت بمهام التدريس والأنشطة اللاصفية وتعليم محو الأمية لكبار السن ومارست العمل الإداري بحكمة ودراية وحصدت جوائز عديدة وبعد استشهاد ولدي كان خياري العمل التطوعي الإنساني لأكون في تجمع سيدات سورية الخير ومجموعة أم الشهيد مع سيدات المجتمع من كافة المحافظات ومرت الأيام بين أمل وطموح ومهام كثيرة خدمة للوطن والإنسان، وفي ظل الحرب وجدت نفسي مسخرة بالتعاون مع جمعيات مجتمعية ومؤسسات بتقديم العون للأطفال والجرحى وبلسمة الجراح، محطات عظيمة ومضيئة تركت بصمات لا تمحى في حياتي، أكرمني الله بنعمة عظيمة وهي القدرة على خدمة الناس، حققت هدفي وتحملت الصعاب والمتاعب من أجل زرع السعادة في قلوب أضناها الوجع، ومؤمنة أن السعادة تكمن في العطاء، ولا حياة دون هدف ولا معنى لها ولطالما كان زوجي إلى جانبي في ميدان العمل والحلم، وكما يقال وراء كل رجل عظيم امرأة أو قول وراء كل امرأة ناجحة رجل عظيم، وجل آمالي وطموحي اليوم أن يرجع وطني معافى خالياً من الإرهاب والتكفير.
* كنانة عدرا، مديرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من تجربتها الميدانية والإدارية كانت أن خلصت إلى احتضان دور المرأة وتفعليه في المجتمع ومساعدتها والأخذ بيدها لخوض جبهاتها ومجالاتها وأنشطتها في الحياة وهي مديرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في اللاذقية فكان لها طرقها في جذب النساء بدورات مهنية واقتصادية لأخذ فرصهن في مجالات متنوعة ومختلفة وتمكينها منها وهو ما شكل طموحها وأملها ومحور عملها لسنوات (المرأة) تقول: انطلاقاً من الإيمان المطلق بأهمية دورها الحساس في بناء المجتمع والإنسان كان لا بد من تسليط الضوء على واقع المرأة ودورها وتشجيعها على ممارسة دورها المتوازن في دعم ريادة الأعمال ووضع كل المعوقات التي تعترض طريقها تحت مجهر المعالجة الحثيثة الميدانية لكل مشاكلها التي تعيقها من خلال تنمية الجوانب المعرفية واستثمار الإمكانات المعرفية والتكنولوجية لتحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية والوصول بها إلى امتلاك خدمات مبتكرة وريادية تضمن استدامة الاقتصاد المعرفي بوصفها عنصراً فعالاً في المجتمع وذات مساهمات فعالة في تحقيق الرؤية الوطنية، كما أن الأمومة لا تنقص من المستوى المهني للمرأة العاملة بل تشعرها بمكانتها وأهمية دورها الريادي برفع عجلة التنمية واعتمادها على ذاتها واتخاذ القرارات وتسيير مهامها الموكلة إليها ويجب تعزيز مشاركة المرأة في كافة النشاطات الأكاديمية والمجالات التنموية والاقتصادية التي تنعكس على ازدهار المجتمع ونهضته منوهة بضرورة إلمام المرأة بأدوارها المهنية والتنسيق بينها وبين واجباتها الأسرية من خلال بناء جيل يقود سورية إلى أعلى مستويات التقدم، ومن خلال عملي وجدت أن الفكر المزدهر يولد النجاح والازدهار العملي وهو البيئة الملائمة لتمكين المرأة مجتمعياً ومساعدتها من خلال برنامج تعزيز قدرات المرأة، وفيه تقديم الدعم اللازم للمرأة الباحثة عن فرصة عمل من خلال تأهيلها وتدريبها في المجال الذي تطلبه أو من خلال دعم مشروعها القائم بتقديم ما تحتاجه من خدمات دعم أعمال على اختلافها وتنوعها.

هدى سلوم- معينة جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار