عاد السنونو

العدد : 9548
الأربعاء 11 آذار 2020

 

لدي أخية لها مع السنونو حكاية، تنتظر قدومه كل عام كمن ينتظر غالياً عاد من سفر، فإذا رأت أسرابه العائدة توّشي قرص الشمس الغاطس في لجة اليم عرفت أن الربيع يبشرها بقدومه وأنه على العهد وكما في كل عام، في الماضي كانت تهنئ أفراد العائلة جميعاً بقدوم السنونو وكأنها تحتفل بقدوم العام الجديد حتى صار الأمر سنة عائلية مفروضة وأضحى أفراد العائلة يتسابقون كل عام لتهنئتها مع قدوم طلائع السنونو وارتبط في مخيلة الجميع مشهد الطيور العائدة بمشهد أختهم على شرفة منزلها تستقبل مواكب الربيع الآتية من مجاهل الأفق.

حكاية أخيّتي مع السنونو حكاية بسيطة لا تعقيد في حبكتها ولا تراكب في متنها لكنها تتميز بتجدد فريد رغم تكرارها كل عام، كم هو رائع أن يجترح المرء حكاية لسعادته وسعادة أحبابه حولَه من مشهد يعتبره الكثيرون اعتيادياً يمر كما تمر أسراب السنونو في السماء، لكنها النفس حين يفعمها الأمل بغد أفضل تبدع في رسم لوحات السعادة دون حاجة إلى الريشة وألوانها، تتألق في نسج حكايات الطمأنينة دون استعانة بالقلم وورقه، تحيك أعراس الفرح دون أن تتكلف بهرج الزينة والموائد، حكاية أختي مع السنونو تختصر في طياتها حكاية كل سوري مع الأمل، جميعنا ننتظر على شرفات الأمل قدوم الربيع الحقيقي بأزهاره وتلاويح البهجة في فراشاته لا ربيعاً تم اغتصاب اسمه زوراً وبهتاناً للتغطية على أسراب الجراد الملوث بالدم والقار، جميعنا ينتظر أسراب السنونو في السماء تحلّق فوق أرض مطهرة من رجس الموت والدمار.
أبشري أخيّتي ربيع الوطن الحقيقي قادم لأن رجالاً حقيقيين نذروا أنفسهم قرابين قدومه، أسراب السنونو في السماء حلّقت فوق مواكب النصر الزاحفة إلى الشمال، أسراب السنونو في السماء واكبت مواكب الرجال العائدين ليزرعوا أجداثهم الطاهرة أزهاراً توّشي ربيع الأمل القادم.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار