العدد 9538
الأربعاء 26 شباط 2020
طلاب: الأسـئلة الوزاريـة في الفصل الأول من خـــارج الكتـاب … مدرسون: الحفظ البصــم في المنهـــاج الحديث غير مطــلوب
تغيير في كتابي التاريخ والجغرافيا للصف التاسع من مرحلة التعليم الأساسي وفق المعايير الوطنية للتعليم ما قبل الجامعي والتي أقرها المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية ضمن خطته الشاملة للتطوير التربوي وقد خلق هذا التغيير اضطراباً واضحاً بين صفوف الطلاب والأهالي وحتى المدرسين حيث بدا الطالب مشتتاً في الآلية التي سيعتمد عليها في حفظ المعلومة من جهة ومتخوفاً من الأسئلة التي ستطرح عليه في الامتحان النهائي من جهة أخرى وبين هذا التشتت وذاك التخوف هل نجحت محاولات المدرسين في خلق طالب يتناسب مع المنهاج الجديد ولن نقول العكس فالطالب في مدارسنا اعتاد منذ دخوله الروضة على تلقي المعلومة الجاهزة وتسجيلها في ذهنه وحفظها إلى أن يحين موعد الامتحان لينسى بعد ذلك كل ما تعلمه خلال السنة الدراسية ولعل أكثر ما يقلق طلاب الصف التاسع – كما ورد على لسانهم- أسئلة الامتحان النهائي والتي ستكون من خارج الكتاب كما حدث في الامتحان النصفي.
إذاً الحفظ الببغائي أو الحفظ البصم كما يقال، سمة طالب مدارسنا فكيف سيتعامل الطالب مع المنهاج الجديد الذي يعتمد اعتماداً كلياً على الفهم والاستنباط والتفكير الناقد ؟ وهل تمّ إعداد الطالب القادر على ذلك في مدارسنا؟ ثمّ هل تمّت تهيئة المدرس لإعطاء هذا النوع من الدروس؟ ما هو رأي الطلاب والمدرسين بالمنهاج الجديد لمادتي التاريخ والجغرافية؟ هذا ما سنعرفه من خلال التقرير التالي.
زرنا عينة عشوائية من المدارس والتقينا عدداً من طلاب الصف التاسع وسألناهم عن مادتي التاريخ والجغرافية فكانت الإجابات التالية:
محمد حسن من مدرسة سومر الوزه: أكثر المواد صعوبة في منهاج الصف التاسع الأساسي هما مادتي التاريخ والجغرافيا، فالأسئلة الوزارية لهاتين المادتين في امتحان الفصل الأول كانت من خارج الكتاب ورغم إنّني درستُ المادة جيداً وحفظتها عن ظهر قلب ولكنني فوجئتُ بالأسئلة الصعبة والتي لم أجد جواباً لها في الكتاب وكانت علامتي سيئة حيث حصلت على 350 علامة من 600 نغم الجندي من مدرسة لؤي سليمة: أشعر بالقلق والخوف من مادتي التاريخ والجغرافيا، فالآلية الجديدة لا تعتمد على الحفظ البصم للمعلومات وإنما تعتمد على الفهم واستنتاج الإجابات وهذا ما لم نعتد عليه سابقاً.
جيداء قرقماز من مدرسة نديم رسلان: تعودنا في السنوات السابقة على حفظ المعلومة كما وردت في الكتاب لتكون الأسئلة في الامتحان كما وردت أيضاً في الكتاب وبالتالي كنّا نحصل على العلامة الكاملة ولكن اليوم تغيّرت آلية طرح الأسئلة وآلية الحفظ، فمدرّسة المادة دائماً تطالبنا بفهم الدرس والأفكار الواردة فيه وتؤكد لنا أن أسئلة الامتحان لن تأتي كما وردت في الكتاب وإنما على نمطها وهذا يعني أن الأسئلة تعتمد على الفهم وليس الحفظ كنّا نتمنى لو أن الأسئلة في الامتحان النهائي تأتي من الكتاب حرفياً.
شهد نزهه من مدرسة نديم رسلان: أطمح للحصول على العلامة الكاملة في الصف التاسع الأساسي ولكن مادتي التاريخ والجغرافيا تشعراني بالقلق والخوف فالأسئلة ستكون من خارج الكتاب وتعتمد على الفهم والتحليل وهذه الطريقة جديدة علينا، في السنوات السابقة كنا نحفظ المعلومات كما وردت في الكتاب ونأخذ العلامة الكاملة في الامتحان، آمل أن نتمكن من الإجابة على الأسئلة في الامتحان النهائي والحصول على العلامة الكاملة.
كما التقينا مجموعة من المدرسين والمدرسات من أصحاب الخبرة والاختصاص ليحدثونا بدورهم عن المنهاج الجديد في مادتي التاريخ والجغرافية ويسلطوا الضوء على الإيجابيات والسلبيات علّ كلامهم يكون برداً وسلاماً على قلوب أهالٍ وطلابٍ يشعرون بالقلق والخوف من مادة تصل علامتها إلى 600 درجة من أصل 3100 درجة.
المدرّسة جواهر محمود (سومر الوزه): اعتاد طلابنا في السنوات السابقة على حفظ المعلومات الواردة في الكتاب حفظاً ببغائياً وكانت الأسئلة في الامتحان النهائي تأتي كما وردت في الكتاب تماماً (عدد- اشرح- علل) أما في المنهاج الجديد لمادتي الجغرافيا والتاريخ صار الأمر يعتمد اعتماداً كلياً على الفهم والتحليل والاستنباط والاستنتاج ولا سيما في مادة التاريخ إذاً لم يعد الأمر يتوقف على قدرة الطالب على الحفظ البصم وإنما يتوقف على قدرته على استنتاج واستخراج الجواب فمثلاً في مادة التاريخ مجموعة من النصوص التاريخية في مجالات متعددة: كالزراعة والصناعة والتجارة والنقل وغير ذلك قد يأتي في الامتحان نص تاريخي يجمع بين الزراعة والتجارة مثلاً وتأتي الأسئلة على هذا النص الجديد غير الموجودة بحرفيتها في الكتاب وإنما تعتمد على فهم الطالب لهذا النص الجديد قد يطلب من الطالب إعطاء عبارة تدل على الفقر والقهر من النص وقد لا يكون في النص عبارة حرفية لهذا السؤال ولكن هناك ما يدل على الفقر والقهر وهنا نعمل على تشغيل مهارات التفكير العليا لدى الطالب برأيي أصبح كتابي التاريخ والجغرافية أكثر متعة وتشويقاً وسلاسة من المنهاج القديم ولكن المشكلة في الطالب الذي لم يُعدّ إعداداً مناسباً لهذا النوع من المناهج فقد اعتاد الطالب على تلقي المعلومة الجاهزة وحفظها سواء فهمها أم لم يفهمها وهذا برأيي من سلبيات المنهاج الحديث علماً أننا كمدرسين نعمل منذ بداية العام الدراسي على خلق الطالب القادر الاستنتاج والتحليل والنقد وإعطاء الرأي بكل قضية وقد نجحنا إلى حدّ كبير في ذلك طبعاً الأمر يتوقف على مدى قدرة كل طالب وتجاوبه معنا وبالفعل هناك طلاب تمكنوا من التأقلم مع المنهاج الجديد.
المدرسة تغريد ساحلي: سابقاً كان منهاج مادتي التاريخ والجغرافيا ضخماً والمعلومات جامدة واعتاد الطالب على الحفظ البصم وأسئلة الامتحان كانت تأتي بحرفيتها من الكتاب أما المنهاج الجديد فيعتمد على الفهم والتحليل والقدرة على استنباط واستخلاص الحقائق وجعل المتعلم محور العملية التعليمية بحيث يصبح المعلم أكثر تركيزاً على إدارة عملية التعلم بهدف ترسيخ الوعي بالذات والتواصل مع الآخر وتعزيز المواطنة والتنمية المستدامة ليكون المتعلم مواطناً فاعلاً ذا شخصية واثقة تتعلم ذاتياً استناداً إلى مبدأ أن كل الأفراد قابلون للتعلم وقادرون عليه.
ولكنّ المشكلة في الطالب ذاته حيث اعتاد على الحفظ البصم وعدم إعمال عقله في الاستنتاج والحل والاستنباط لأنه تعود في المدرسة على تلقي المعلومة جاهزة والأجوبة مستنبطة والأسئلة محلولة وهذا ليس ذنبه وإنما تعود ذنب الآلية القديمة في التعليم والتي تعتمد على جلوس الطالب على مقعد الدراسة والاكتفاء بالتلقي والحفظ حاولنا أن نخرج الطالب من هذه الآلية في التعلم وقد نجحنا إلى حدّ كبير وإن كان الأمر يتطلب بناء الطالب منذ السنوات الأولى للدراسة ولكنّ الأمر ليس مستحيلاً والطلاب تأقلموا مع المنهاج الحديث وهناك طلاب أبدعوا في استنباط الإجابات واستخراجها.
المدرّسة آية عبد الكريم (مدرسة أجيالنا): المنهاج الحديث يعتمد على التعلم الذاتي والتعلم بالبحث والاستقصاء وكتاب الجغرافية يوفر مساحة حرة للمعلم والمتعلم لعرض معلومة جغرافية يرغب في تقديمها بأسلوبه الخاص، فمثلاً في كتاب الجغرافية هناك دراسة على موقع البصة في محافظة اللاذقية لاستثمارها في مشروع اقتصادي ولكن في الامتحان قد يأتي سؤال عن موقع آخر غير موجود في الكتاب قد يكون هذا الموقع موجود في دمشق أو حلب أو حتى لبنان ويطلب من الطالب إجراء دراسة لقيام مشروع في هذا الموقع لذلك فالموضوع يعتمد على الفهم وليس البصم كما يعتمد على الاستنباط والاستنتاج والاسقاط وغير ذلك من أساليب التعلم وهذا ما يجعل الطالب متخوفاً من أسئلة الامتحان فنحن نسعى من خلال هذا الكتاب إلى الارتقاء بمهارات التفكير العليا لدى الطالب وتطوير قدرات المتعلم على استعمال الأدوات والتقانات الجغرافية وتوظيفها في تحليل الظواهر وحل المشكلات والتنبؤ بالمستقبل.
ربا صقر