هل حقاًّ هناك حبّ في هذا العالم؟

العدد: 9528

الأربعاء: 12 شباط 2020

سألتني إحدى الصّديقات ونبرة صوتها ونظرتها المتوقّدة كانتا تخفيان سيلاً جارفاً من التّفاصيل.. كان وقع السّؤال ثقيلاً ومفاجئاً.. لم يكن الموقف مناسباً للتّهرّب من الإجابة أو الاستهانة به.
شرد ذهني لثوانٍ معدودات، أستجمع معها أفكاري المشتّتة، أحاول جاهدة مجابهة أسئلة ملحّة تضجّ في رأسي:
هل هي ضحيّة أخرى من ضحايا الحبّ؟ هل تقطّعت بها الدّروب في سراديبه؟ أو ربّما يئست من لقاء شريك في الغرام يلهج به قلبها السّاكن.
الحبّ يا عزيزتي عالم خاصّ منفلت من قوانين الكون، متحرّر لا يحدّه منطق الأشياء، تهوي في حضرته كلّ القواعد والنّظريّات التي اختطّها البشر عبر آلاف السّنين.
في الحبّ نعشق ما تكرهه النّفس بطبيعتها، نعشق الألم، الجنون، الانتظار، الخوف، الوحدة، العبوديّة.
في الحبّ يمتزج الألم مع السّعادة، ترقص روحك على عتبات الجنون بكلّ فرح، تألف الانتظار للهفة قادمة..
مع الحبّ تدمن الوحدة، تخلو إلى طقوس عبادتك مثل ناسك يعتكف آناء ليله دون العالمين، تركن إلى من تحبّ، تهدي إلى أيقونته ثواب أحلامك وعوالم عبوديّتك بكلّ امتنان تهبه نفسك.. تمنحه وهي توّاقة إلى سجن لا فكاك منه.
ربّما هو ذا الحبّ بجلّ تداعياته، حيث لا تستطيع التمييز بين الوهم والمنطق، ولا يتبيّن لك الخيط الأبيض من الأسود، ويتوارى الحدّ الفاصل بين الحقيقة والخيال، بين الممكن والمستحيل، بين الموت والحياة.
هكذا كانت تلك الحكايات في غابر الأيّام، كليوباترة وأنطونيو، روميو وجولييت، قيس وليلى.. ولكنّ السّؤال الأمضى هنا: لماذا اختفت قصص جنون الحبّ هذه منذ أمد بعيد؟
هل يمكن أن يكون هذا السّؤال الوجه الآخر لسؤال صديقتي؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب نكون قد أصبحنا أمام حيرة جديدة ومتاهة أخرى، ليستمر الجدل في حلقات غير منتهية بين الصارخين أبداً في فضاءات الحب ومتاهاته.

رنا عمران 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار