العـــــدد 9526
الاثنيــــــــــن 10 شــــــباط 2020
توهمتُ، يالغباء الرجل أحياناً، أن كأساً من النبيذ سيحررني من الصقيع، أو يأخذني إلى مهرجان الدفء الموعود..
كان صوت (دحرجة القنينة) أشبه بموسيقى أطربتني إلى حين، لكن في نهاية (السكرة) أُلقي كل شيء في حاوية القمامة جانب التّنور المهجور، هناك كان زوجان من القطط يتبادلان مواء تقليدياً لا يكون بهذا الأثر الشجيّ إلا في شهر شباط.
على ذكر شباط، ثمة يوم زائد فيه هذا العام تُرى من نطالب بتحمل أعبائه الإضافية، وماذا سيفعل أولئك الذين ولدوا أو سيولدون به، وهل سيكتفون بالاحتفال بأعياد ميلادهم مرة واحدة كل أربع سنوات؟
ما زالت في كأس النبيذ إياه شفّة، أأعلق عليها إكمال الوهم أم (أفضّها سيرة) وأقتنع أن من برد قلبه لن تدفئه كل منابع الحرارة!
أنتِ أيتها الشتاء الغريب، ماذا فعلتِ بتفاصيلي، لماذا تعتقدين أني سأتوجكِ أميرة دون شروط، أعترف أني أكاد أن أفعل ذلك، لكني حتى هذا السطر ما زلت قادراً على التحكم ببوحي وبجنون حروفي، لكن لا أعرف على أي إيقاع سأقلب الصفحة..
البرد يحرقني يا سيدتي، يأخذني إلى ارتعاشات لا تليق برجل، يحفر في أعماقي حكايات مبللة بالخزي حيناً، وبالخجل أحياناً، ّإذ كيف لفارسِ حرفٍ أن ينهزم أمام صمت يشبه سبات أفعى!
في هذا الشتاء الذي يشبهك أضبط الحرف على وقع صقيعك، أضعك في مقلاة تأففي فتموجين كهدير رعد لا أعرف من أين يأتي، ولا كيف يخبو، أتعثر بخطواتي، بل أكاد أجزم أنها ليست خطواتي، هي أشبه بقدر يقودني من (غرّتي) باتجاهك وأعرف أنك الموت المجمّد في دفتر شباط الملوّن…
اخلعي حمرة شفاهك، اخرجي إليَ بلا أقنعة، بلا مساحيق.. بلا عطر مغشوش، تعالي غيمة حبلى بفتنها وبسخيّ دفقها، سأكون تلك الأرض المتشققة عطشاً وشوقاً إليك وما عدا ذلك لن تكوني أكثر من (صحن مازة) لا قيمة له بعد أن يفرغ ما بكأسي من نبيذ…
غانم محمد