العـــــدد 9522
الثلاثـــــاء 4 شــــــباط 2020
نوقشت في جامعة تشرين (كلية الهندسة المدنية) رسالة ماجستير في قسم الهندسة البيئية بعنوان: (تحديد المواقع المثلى لتوزيع مياه الجفت باستخدام طريقة صناعة القرار متعدد المعايير ونظم المعلومات الجغرافية) لطالب الدراسات العليا فراس محمد خليل وذلك بإشراف كل من أ.د. عادل عوض ود. رائد جعفر, وبعد انتهاء المناقشة تداولت لجنة الحكم المؤلفة من السادة د. عادل عوض د. هيثم شاهين د. حنين سليمان, وبموجب المداولة منح م. فراس خليل درجة الماجستير بتقدير امتياز وعلامة قدرها 89%.
عرفت زراعة أشجار الزيتون, وانتشر إنتاج واستخدام زيت الزيتون في منطقة البحر المتوسط منذ أكثر من (7000) سنة ويرجح أن تكون المنطقة الممتدة من جنوب القوقاز إلى الهضبة الإيرانية وسواحل البحر المتوسط في سورية وفلسطين هي الموطن الأصلي لهذه الزراعة, ومنها قام الفينيقيون بنشر زراعة الزيتون إلى الجزر اليونانية, وذلك في القرن (16ق.م) وقد حظيت زراعة الزيتون وصناعة زيت الزيتون باهتمام عالمي لما لدى زيت الزيتون من قيمة غذائية وطبية عالية المستوى, وازداد الاستهلاك العالمي لزيت الزيتون بشكل مطرد، وبشكل عام تحتل سورية مكاناً مرموقاً في مجال زراعة الزيتون على الصعيدين العربي والدولي، وتبلغ المساحات المزروعة بالزيتون على صعيد القطر حوالي (414) ألف هكتار تضم أكثر من (52) مليون شجرة، وقد بلغ إنتاج سورية من زيت الزيتون في موسم2018-2019 حوالي 100 ألف طن من زيت الزيتون، هذه المعلومات تعكس أهمية قطاع زيت الزيتون في منطقة البحر المتوسط وكذلك مقدار المشاكل المرتبطة بالتخلص من كميات كبيرة من النفايات المنتجة, وخاصة السائلة منها (مياه الجفت) خلال عملية إنتاج زيت الزيتون, والتي تعد (مياه الجفت) من الملوثات الرئيسة التي تهدد مصادر المياه في أماكن الإنتاج, وذلك بسبب نوعية الملوثات وتراكيزها العالية, والتي تصعب معالجتها بصورة فعالة ضمن محطات المعالجة، إلا أن الأسلوب المتبع في إدارة هذه الملوثات هو توزيعها على الأراضي الزراعية بطريقة الري التسميدي وفقاً لمجموعة من الشروط والمعايير، وتأتي أساليب صناعة القرار متعدد المعايير MCDMلتقدم أداة علمية فعالة تساعد وتدعم عملية اتخاذ القرار في تحديد المواقع الأكثر ملاءمة لتطبيق هذه الطريقة.
تم في هذا البحث مراجعة الأساليب والطرق المتبعة في معالجة مياه الجفت, وكذلك مناقشة أبرز الأساليب والطرق المتبعة في صناعة القرار متعدد المعايير، ولاحقاً تم تحديد معايير الدراسة والاستعانة بآراء الخبراء لتثقيلها، وتم جمع البيانات اللازمة وتحليلها باستخدام نظم المعلومات الجغرافية لتوليد خرائط تصنيفية, وتم تجميع هذه الخرائط, وإجراء عملية التراكب الموزون لتوليد خريطة الملاءمة المطلوبة، انتهت الدراسة بالحصول على خريطة تبين مدى ملاءمة المواقع لتوزيع مياه الجفت ضمنها، إذ بلغت مساحة الأراضي التي يمنع توزيع مياه الجفت ضمنها ما يزيد عن 85% من مساحة منطقة الدراسة (مدينة صافيتا) وبلغت مساحة الأراضي الأكثر ملاءمة حوالي 9,7% من مساحة منطقة الدراسة, والتي رغم صغرها نسبياً تعد كافية لاستيعاب كميات مياه الجفت المتولدة في منطقة الدراسة، وتجدر الإشارة إلى أن الأسلوب المتبع حالياً في الجمهورية العربية السورية بالتعامل مع مياه الجفت هو توزيع هذه المياه على الأراضي الزراعية بطريقة الري التسميدي، وتخضع هذه الطريقة لاعتبارات واشتراطات تخص المواقع التي يسمح بتطبيق هذه الطريقة ضمنها, وهي معايير مشددة, وعادة يتم اتباعها في اختيار مواقع التخلص النهائي من مياه الجفت، وبسبب النقد الكبير الذي تتعرض له طريقة التخلص النهائي من مياه الجفت من وجهة النظر البيئية والزراعية لذلك تبقى طريقة الري التسميدي مع الالتزام بشروط اختبار الموقع, وكذلك الاعتبارات الفنية لعملية التوزيع هي الأجدى اقتصادياً وبيئياً في حال الالتزام الكامل بالاشتراطات والقيود المعمول بها. وكذلك زراعياً حيث إن تطبيق هذه الطريقة من شأنه خفض كلفة تسميد الأراضي. ويرتبط بالاستفادة من هذه المياه لجهة غناها بالعناصر المغذية من آزوت وفوسفور وبوتاسيوم.

ولاتزال الأبحاث الزراعية تبحث في إمكانية وكيفية تطبيقها على العديد من الزراعات والمحاصيل وغالباً ما تأتي هذه الأبحاث بنتائج إيجابية، وينبغي أن يخضع تطبيق طريقة الري التسميدي لرقابة بيئية مشددة تحول دون حدوث أي تلوث محتمل مرتبط بأي خلل في عملية النقل والتوزيع, وينبغي اعتماد خطط للتصرف في حال حدوث أي طارئ، كما يجب البحث دائماً في طرق معالجة فعالة لهذه المياه ليصار إلى اعتمادها كمحطات معالجة فردية ومركزية، وأن يعد توفر محطات المعالجة في المعاصر أو التجهيزات اللازمة لتخزين مياه الجفت ونقلها شرطاً أساسياً للسماح بتشغيل هذه المعاصر واستثمارها.
إن مياه الجفت ورغم حمولة التلوث العالية فيها هي مياه موسمية يرتبط إنتاجها بموسم الحصاد الذي يمتد فقط لبضعة أشهر, وإخضاعها لمعالجة أولية بسيطة قبل استعمالها أو استعمالها مباشرة مع الالتزام التام بالشروط البيئية والفنية لعملية التوزيع من شأنه رفع التلوث الحاصل في مجاري الأنهار والأودية والضرر في نظام الصرف الصحي والمرتبط بالتخلص العشوائي من هذه المياه بصورة مخالفة، كما يسمح تدوير هذه النفاية بالأرض بالاستفادة من خصائص هذه المياه التسميدية, وبكلفة اقتصادية قليلة.
أخيراً: ينبغي سن قوانين وتشريعات ناظمة لعملية توزيع مياه الجفت بطريقة الري التسميدي لمنع التجاوزات الحاصلة بخصوص التخلص من مياه الجفت بصورة عشوائية ضمن أودية الأنهار وشبكات الصرف الصحي خاصة أن هذه الطريقة هي المتبعة حالياً في التعامل مع مياه الجفت.
رفيدة يونس أحمد