العـــــدد 9512
الثــــــلاثاء 21 كانون الثاني 2020
مواضيع المزارع مادة دسمة كل عام تتصدر الجرائد ومحطات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، وأصحاب القرار يمرون عليها مرور الكرام دون حراك، ماذا ينتظرون أن تنعي تلك الوسائل المزارع.
يعتبر سهل عكار أحد الخزانات الزراعية الأساسية في سورية ويمتد على رقعة واسعة من الأراضي جنوب محافظة طرطوس وصولاً للحدود اللبنانية ويضم عشرات القرى موردها الأساسي والشبه وحيد (الزراعة).
ويتساءل معظم من قابلتهم الوحدة عن دور وزارة الزراعة وما ينتج عنها من مديريات ووحدات إرشادية وجمعيات فلاحية واتحاد فلاحين ، وحسب زعم الفلاح شريف أن هذه الوزارة للمؤتمرات والاجتماعات والمهرجانات ولم تعد بالنفع على الواقع فقط فواتير تنظم وتصرف.
والمهندس ياسر يستنكر، هل من المنطق أن يبقى عمل خريجي الهندسة الزراعية على جولات تفقدية لوصف حال المزارع الذي يغرق بأوجاعه، أو على معاملات ورقية تتصدر مكاتبهم ويطالب بإنتاج محلي للبذار.
في حين يقول مدين: في هذا الزمن ازداد بشكل كبير عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه في كل المجالات، أين هي أبحاثهم على أرض الواقع خاصة في هذا الزمن الذي وصلنا إليه فهل هذه الشهادات للقب أم أنها مشروع استثماري لعائلته (كون أبناؤهم يخضعون لمفاضلة خاصة بهم) ويتابع مدين: نحن الآن بحاجة لترجمة علمِنا وكوادرنا على أرض الواقع.
ويتحدث صفي: بعد هذه السنين قرروا إنشاء معمل للأدوية الزراعية والسماد والله أعلم متى يبدأ العمل فأين هم خريجو العلوم الطبيعية والكيمياء، من النادر جداً أن نجد من يعمل بشهادته غير الطبيب، الذي غالباً ما يتعدى على الزراعة أيضاً.
غضب الطبيعة ضاعف معاناتهم
عيسى خسر موسمه بالكامل جراء الأمطار التي شهدتها بلدته حيث ارتدت مياه (السارود) على أرضه منذ عشرة أيام ، أرضه بمساحة ٤ دونمات زرع فيها ما يقارب (٤) بيوت بلاستيكية من الباذنجان وكانت التكلفة للبيت الواحد ٤٠٠ ألف ليرة حيث تم شراء الشتلة الواحدة من الباذنجان بسعر (٢٦٠) ليرة بعد أن استصلح ما أفسدته الأمطار اضطر لاقتلاع الشتل بالكامل واستبدله بزراعة الخيار وسعر الظرف الواحد الآن (١٠٠) ألف ليرة سورية.
جاره الذي لم يفصح عن اسمه دفع أجور تركيب النايلون مرة أخرى بعد أن اقتلعه الهواء وجزء من شرائح البلاستيك مزقت مما اضطره لتبديلها وهذا كله يصب في زيادة التكاليف التي لم تكن بالحسبان.
واشتكى حيدر من غياب الاهتمام الرسمي الفعال وعدم وضع خطة للنهوض بالزراعة في منطقتهم من تأمين المستلزمات وتحديد أسعار منصفة والأهم تأمين صرف مطري، وكما استنكر استيراد الخضار والفواكه من الدول المجاورة وطالب معظم الفلاحين عدم تكرار هذه المعاناة كون المعنيين يستطيعون أخذ القرار بينما لا يمكنهم رد سخط الطبيعة.
الأسعار متذبذبة
وتتأرجح مشاكل الفلاح في هذه المنطقة بين الظروف المناخية الصعبة وارتفاع تكاليف الزراعة ليزيد الأمر سوءاً هو الغش في المادة الفعالة بالإضافة لانقطاع الكهرباء وصعوبة تأمين المازوت وارتفاع الأسعار إلى مالا نهاية.
واستمراراً لجولة (الوحدة) التقت مع المزارعين للوقوف على صعوبات يعانونها كل عام.
أيمن وأخوه زرعا أرضاً بمساحة ٧ دونمات من البطاطا بتكلفة مليون و٢٠٠ ألف ليرة سورية ثمن البذار للطن الواحد بالإضافة ما يزيد عن ٢٠٠ ألف ثمن أسمدة كيميائية و١٠٠ سماد عضوي عدا أجور الزراعة والمبيدات والأدوية يعاني من غياب تصريف الأمطار مما يسبب في غدق الأراضي واحتمال خسارة جزء أو كل المحصول وعند جني الموسم الأسعار لا تتناسب مع التكلفة ومعظم التعب إلى جيوب السماسرة والتجار.
أحمد مساحة أرضه ٦ دونمات مزروعة برتقال (أبو صرة) عمر شجر ٢٠ سنة سعر الكيلو ما بين ٥٠ – ٧٥ ليرة وهو سعر أقل من التكلفة حيث يحتاج الموسم للتقليم والأسمدة والمبيدات والنقل وغلاء الصناديق المستمر مع كل شروق.
يوسف يقول وجع البيوت المحمية خاص معظم العاملين فيها ليس لهم أي وسيلة دخل أخرى وتحت رحمة السماء والسماسرة والتجار.
وأجمع فلاحو سهل عمار على أن مصاريف الزراعة للبيت البلاستيكي الواحد تكون على الشكل الآتي:
ثمن البيت الحديد (٨٠٠) ألف وتجهيزات من تنقيط وأسلاك (١٥٠)، ظرف البندورة ١٠٠ وظرف الخيار ١٠٠ وثمن شتل الباذنجان ٢٦٠، لفة النايلون ٨٠ م سعرها الحالي ٢٥٠ ألف ليرة هذا عدا الأسمدة ونايلون التعقيم والزبل وغيره.
يختم مسلسل معاناة المزارع عند السمسار
ويختم المزارع مسلسل معاناته في سوق الهال حيث تكون الأسعار مزاجية بدون أي ضابط ويتم حسم ٣٪ من الوزن بدون أي وجه حق إضافة إلى نسبة السمسار التي تتراوح بين ٧ و ١٠٪ يضاف لها أجور العتالة!
وأخيراً نوجه نداء إلى كل الجهات المعنية في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها بلدنا الغالي سورية أن نأخذ بيد من يطعمنا وله الفضل علينا في زمن الشدة إن لم يهجر أرضه فهذه المشاكل ليست وليدة اليوم بل ورثت لنا فهل نورثها لأبنائنا مزارعي عكار يعيشون حالاً من الإحباط فلا أمل يلوح في الأفق.
ربى مقصود