وراء دُر

العـــــدد 9511

الإثنيــــن 20 كانون الثاني 2020

 

كمن يقف في باحة المدرسة يتلقّى تدريبات (الفتوة العسكرية) قبل عقود ثلاثة من الزمن: (وراء در)، آن للتعليمات الوزارية أن توعز (وراء در) إلى التعليمات الأسبق.
(من يوم منعوا الضرب في المدارس خرب التعليم) تقول العجوز لجارتها، أم إبراهيم الثمانينية تمنح أقدم لجوء أسروي عرفته البشرية، فهي لا تلبث أن تفرد ذراعيها كجناحي إوزّة لتخبّئ حفيدها الذي فرّ من أمام أبيه إليها، (لا تضربه)!، لكنّها تتجرّد من عاطفتها حيال تلميذ وأستاذه، قناعات، تبلورت لدى الجيل القديم بثوابت لم تثنها عنها متغيرات الحياة العصرية، تطفّل عليها أسلوب حياة أنشأ قطيعة بين أكثر من جيل متعاقب ضاعت فيه تلك المفاهيم، بين أب وابن، ابن وحفيد، لا نعلم أين انقطعت السلسلة، يشبه الأب الجد والابن منفلت من مُثل يسميها قيوداً.
كادت المدارس أن تتحوّل إلى ساحات عراك، بين مدرسين وطلبة، تمادوا بفعل تأييد الأهل لشذوذ أولادهم بدل كبح جماح طيشهم، بات المدرّس ندّاً للطالب وليس قدوة، اختلّت الموازين، وصارت المقاييس بحاجة للمعايرة من جديد، وزارة العدل حفظت للمدرّس جزءاً من كرامته المهدورة، ومنعت مثوله أمام محاكمها لأسباب غير جنائية، وأعادت الشكايات المسلكية إلى داخل الحرم التربوي، وليست التربية من ارتأت هذا وإلّا لاتهمت بلفلفة أمورها خشية نشر غسيلها عندما يكون متسخاً، لكنّها (العدل) التي حصرت البت في القضايا التربوية بالمحامين العامين متابعة أو إشرافاً على الضابطة العدلية ومساعديها في التربية المعنية، مشروطة كل الإجراءات بعدم المساس بالعملية التربوية.
تجري التربية بين الفينة والأخرى نسخاً لصقاً لقرار وزارة العدل الأخير، تعمم المنسوخ والملصوق على مدارسها وتجمعاتها وتذكّر بالجملة الأنيقة (ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺱ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ، ﻭﺟﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ).
لوت التعليمات التربوية من عشرين عاماً حتى اليوم عنق التربية على حساب التعليم باتجاه الطالب (كسراً) على حقوق المعلّم وتنمّراً على الأعراف والتقاليد، شُغل بها الشارع، كثرتها وجنوحها إلى عالم الجنحة الجنائية، كان غريباً عن جسد المجتمع التربوي، مقلقاً للمربين، أذهبت هيبة المدرّس، التي لم تلملمها ضابطة عدلية في مديريات التربية فكانت عصا لم تجد مسكها من المنتصف، هذه أحوالنا لا قمنا للمعلّم وفيناه التبجيل، ولا كنا عبيداّ للحرف!

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار