العـــــدد 9507
الثلاثـــــاء 14 كانون الثاني 2020
عندما يناقش الأطفال فيما بينهم ارتفاع أسعار بعض الألعاب بسبب غلاء الدولار تجد نفسك مضطراّ لاستراق السمع، ثلاثة أطفال يتفقون على شراء لعبة ما فيقول أحدهم وهو في الصف الرابع كان سعرها كذا قبل ارتفاع الدولار وربما لن نستطيع شراءها الآن، فهل تسلل غلاء الأسعار إلى عقول أطفالنا؟ وهل سيحرمهم متعة الحصول على بعض مما يحبون؟
تقول أم علي عند عودة ابني من المدرسة كان أول ما أخبرني به أن مصروفه لم يعد كافياً لشراء (بسكويته) المفضل، لم أستطع الإجابة ووقفت حائرة هل أعده بزيادة مصروفه وأنا غير قادرة على ذلك، أم أتركه يبحث عن البديل؟ كذلك تقول هنادي عندما يسألك طفلك الذي لم يتجاوز العاشرة لماذا ترتفع الأسعار؟ ومن يقوم برفع سعر الدولار؟ تقف حائراً عاجزاً عن الإجابة؟
هي بعض من حالات كثيرة يعاني منها الأهل اليوم ولطرح بعض الحلول التقينا الاختصاصية التربوية ريم محمد و كان لنا الحوار الآتي:
* ما تأثير رفض الكثير من طلبات الطفل عليه؟
** أطفال الجيل الحالي يسمعون كثيراً عن أزمة ارتفاع الأسعار ويعاصرون المشكلة بأنفسهم من خلال الفرق الواضح في أسعار الأشياء التي يشترونها، ومن الطبيعي أن يتأثروا بها ويدركوا معنى الغلاء وأنه سلاح موجه ضد مشترياتهم أيضاً، فالصعوبات المالية قد تؤثر على حياة الطفل في نواح كثيرة، ولذلك يجب أن يعرفوا ما يجري حولهم بدون إشراك الطفل في مشاكلنا المادية الخاصة وإلا سنضع أطفالنا أمام تحديات غير قادرين على فهمها والتعامل معها مما يؤدي لأذية نفسية حقيقية ممكن أن تكون سبباً في أمراض جسدية أو نفسية قد يعاني منها الطفل أو أن تكون بداية لتشكل سلوك آخر غير آمن للطفل كاللجوء للسرقة أو الاستجداء أحياناً أو التصرف بعدوانية مع الرفاق الذين يتمتعون بامتيازات أكثر منه مادياً ..
* متى يمكن شرح الوضع المادي للطفل؟
** لا يجب إرهاق الأطفال بمتاعب الكبار قدر الإمكان، فالأطفال في أعمار صغيرة لن يفهموا معنى الغلاء، كما أنهم لن يستطيعوا فهم فكرة الدخل المحدود للأهل لذلك ينبغي التعامل معهم بحذر وعدم الحرمان بشكل كامل فلعبة صغيرة أو قطعة شوكولا وبسكويت مفضلة بين الفترة والأخرى من دون أن تكون الأغلى ثمناً لا غنى عنها، ولكن الأطفال في أعمار أكبر بدءاً من عمر المدرسة من الممكن أن نشرح لهم ببساطة ضرورة التخفيف من مشترياتهم و تعليمهم الاختيار بين الأشياء والمقارنة بينها والاكتفاء بشيء أو عدة أشياء ضمن الحد المسموح به وذلك بأسلوب محبب وقريب من الطفل وبدون تفاصيل مع تعويض ذلك من فترة لأخرى.
* وما الكلام الذي يجب أن يقال للطفل؟
** على الوالدين إحاطة الطفل بالحب و جعله يتأكد بأن حبهما له لا يتأثر بهذه الصعوبة المادية وأنهما يبذلان كل طاقة ممكنة لإعطائه البعض من رغباته وليس حرمانه مما يحب، وذلك بفهم رغبات الطفل وما يحتاج وإيصال ذلك بأسلوب تربوي بسيط ، ومما يجب أن يعرفه الأهل أن الطفل لا يحتاج أن تشرح له كثيراً وإنما بتدريبه قليلاً تكون النتائج أفضل.
* عندما يقول الطفل (صديقي يحصل على مصروف أكبر لم لا أكون مثله) ما التصرف الصحيح؟
** من أصعب المواقف على الوالدين أن يقارن الطفل نفسه برفاقه ممن يحصلون على امتيازات أكثر منه في ظل عدم القدرة على إعطاء مصروف أكبر في جميع مراحل حياة الطفل ويحتار الوالدان كيف سيفهم طفلهما أن الأوضاع المادية لكل عائلة مختلفة لذلك من الضروري مناقشة الطفل على الفور وإعلامه أن هذه الإمكانيات المتاحة وأن الوضع سيكون أفضل فيما بعد، كما أن كثرة المطالب والأشياء والرفاهية ليست ذات فائدة وهذه الأشياء بحد ذاتها تشكل خطراً على صحته فهي ضرر له، وهنا يجب تعويضه بشيء يحبه كل فترة، مع تعليم الطفل كيف يستفيد من مصروفه بأفضل شكل وتعليمه الادخار.
* هل تلبية كل رغبات الطفل عمل صحيح؟
** لم تنصح معظم الدراسات النفسية بتلبية جميع رغبات الطفل حيث أن تلبية كل طلبات يضره أكثر مما ينفعه، فالطفل الذى اعتاد الحصول على كل شيء بدون مقابل يصل لمرحلة من الزهد ويفقد الإحساس بالإعجاب، كما ينمو لديه طباع غير محببة مثل الطمع والأنانية وينشأ إنسان غير قادر على العطاء وراغب دائماً في الحصول على الأشياء، لذلك من الأفضل أن يعتاد الطفل على إهمال بعض طلباته، ويجب البدء من عمر الستة سنوات تشجيع الطفل على الادخار حيث أن الطفل يدرك معنى الادخار وقيمة النقود في سن التاسعة.
كلمة أخيرة
هي رسالة لكل أم بضرورة تعويد الطفل التكيف على الوضع الاقتصادي الخاص بالأسرة وضرورة مراعاة احتياجات أطفالها وإعطاء المساحة الكافية لهم باختيار ما يأكلونه في متوسط إمكانيات الأسرة والبيئة التي يعيش بها الطفل وعدم الحرمان بشكل كامل وعدم إعطاء الطفل كل شيء أيضاً..
رنا ياسين غانم