العـــــدد 9505
الأحــــــد 12 كانون الثاني 2020
زخمٌ كبيرٌ من المسلسلات الدرامية تعجّ به شاشات الفضائيات العربية والمحلّية خلال الموسم الرمضاني، مع تضاربٍ في مواعيد العرض وتنافسٍ كبير لجذب أكبر عدد من المشاهدين وجرّهم إلى المحطة الأكثر تميزاً، عدداً وكمّاً ونوعاً، فيضيع المشاهد ويقع في حيرة المتابعة خاصّة مع أيام العرض الأولى، ويتخبّط بين هذا وذاك، إلى أن يرسو على برّ الحضور والمشاهدة لما يجذبه ويثير انتباهه أكثر من غيره من المسلسلات.
هذا بعضٌ مما يصيب أيّ متابعٍ دراميّ خلال موسم شهر رمضان المبارك، الذي أصبح سوقاً للتنافس وعرض البضائع الدرامية وآخر وأهمّ النتاجات الفنية، حتّى أنّ بعض الممثلين والفنانين أصبحوا يكتفون بالمشاركة في عملٍ واحدٍ أو اثنين على أكثر تقدير خلاله، كنوع من التميّز والتفرّد.
إلا أنّ هذا الازدحام والتنافس يقابله شحّ وجفاف دراميّ باقي أيّام العام، وكأنّ المشاهد محصورٌ بموسمٍ واحد فقط، وماذا عن باقي المواسم؟
تقوم معظم إن لم نقل كل الفضائيات بإعادة عرض نفس المسلسلات أو بعضاً مما كان محتكراً لصالح إحداها دون سواها في عرضٍ أوّل خلال الشهر الكريم، محاولةً استقطاب من فاته شيءٌ ما بسبب تضارب المواعيد وتقاطعها مع بعضها، كما تحاول بعضها الأخرى الاستحواذ على مسلسل لم ينل قدره الكافي والوافي من المتابعة الجماهيرية، مسوّقةً إياه بحملةٍ ترويجية مميزة على محطتها، بينما تعمد بعض الشاشات إلى عرض المسلسلات الأكثر جماهيرية ومتابعة خلال الموسم الرمضاني أكثر من مرّة، في محاولةٍ متجددة لاستقطاب جمهوره الأوّل على أقلّ تقدير وصنع قاعدة جماهيرية جديدة له لمن فاته قطار المتابعة الأولى.
وهنا تُظلم بعض الأعمال الدرامية وتضيع جهود القائمين عليها من ممثلين ومخرجين وفنيين وتقنيين و….، إن لم تلفت انتباه المسوّقين أو إن لم تكن ذات سويّةٍ عالية تنافس الكبار، وربّما هذا الظلم أكثر ما يقع على المسلسلات التاريخية أو مسلسلات السيرة الذاتية، أو الكوميدية غير السّاخرة، لأن الساخرة تحظى بصدارة العروض وتفتح لها الأبواب على مصراعيها كما هي حال الدراما الاجتماعية المعاصرة التي تحتلّ مراتب المشاهدة الأولى دون منازعٍ حسب إحصائيات ما بعد العرض الرمضاني.
فلمَ لا تحظَ الدراما بانتعاشٍ حقيقي خارج السّرب الرمضاني، مع الرعاية والدّعاية الإعلانية والترويجية لها، فينصرف المشاهد إلى متابعتها بدلاً من متابعة الدّراما التركية التي تنال قسطاً وافراً من الحضور والمتابعة على مدار أيّام العام وتختفي خلال الشهر الكريم، ولا نغفل القاعدة الجماهيرية العريضة لها، مهما اختلفت أوقات العرض وتباينت فالفرصة متاحة لمتابعتها أكثر من مرّة وعلى مدار اليوم.
وربّما يتّجه المشاهد إلى الدّراما الخليجية أو المصرية أو حتّى اللبنانية التي تلقى كلّ الدّعم والترويج خارج الموسم الدّرامي، ما يبعده عن درامانا المحلية ونجومها الذين أسّسوا تاريخاً عريقاً تشهد له أجيالٌ وأجيال، ولا يجوز بأيّ حالٍ من الأحوال نسفه وخسارته وتقويض أساساته التاريخية التي تعب أهل الفنّ وأفنوا عمرهم في صناعتها وما على الجيل الجديد سوى المحافظة عليها من الانقراض، وأن تعود لاعتلاء الصّدارة وإزاحة المتطفّلين عليها، وعدم منح الآخرين فرصة التّميز والظهور على حسابها، لتبقى محلّقةً ضمن السّرب الرمضاني وخارجه.
ريم جبيلي