رقــم العــدد 9498
الاثنـــين 30 كانون الأول 2019
خلق الواقع الجديد رؤى ومفاهيم وعلاقات اجتماعية جديدة، حيث أصبحت شاشة التلفاز نافذة سحرية حملتنا إلى فضاءات غير محددة الأبعاد، ويمكن اعتبار السلوك تجاه هذه البرامج أهم سمة تميز الأطفال انفعالياً، فهي تظهر استجابة انفعالية غير متوقعة منهم.
ويبدو أن مشكلات برامج الأطفال لا تعد ولا تحصى وعدد كبير من المحطات الفضائية مخصصة لتلك البرامج لا تسعى إلا إلى الناحية التسويقية، فمن الملاحظ أن هناك نقص واضح في التوعية ومكملات الطفولة كون برامج الأطفال والرسوم المتحركة تطورت وتغيرت بشكل ملحوظ خلال السنوات السابقة، فبعدما كانت تقتصر على ساعة أو بضع ساعات يومياً أصبحت هذه البرامج تعرض على مدار الساعة.
أهداف البرامج المقدمة
إن الكم الهائل من البرامج المقدمة أفرزت اتجاهات جديدة في ثقافة الطفل وتربيته، وإن القائمة في هذه المشاهد يكون العنف سيد الموقف بشكل ملحوظ مما يفتح الجدال حول الأهداف من ماهية البرامج والمواد المقدمة وطرق تقديمها.
وفيما يخص هذه المادة أجرينا استطلاع مع بعض المعنيين لمعرفة آرائهم حول برامج الأطفال فقد ذكرت /سوسن حاتم/ مدرسة تعليم أساسي في مدرسة سمير ياسين: إن انتشار برامج الأطفال عبر وسائل الإعلام سوف تحدث خرقاً في حياة الأطفال ويمكن أن تحدث ضرراً واضحاً على عملية الحياة الاجتماعية وهذا يؤدي إلى اضطراب لدى الأطفال، وهنا يمكن أن نحدد نوعين للاضطرابات الانفعالية تجاه برامج الأطفال، النوع الأول هو بسيط ومتوسط ويمكن معالجته بقليل من التعاون بين الأهل والمدرسة، والنوع الثاني شديد قد يستمر مع الطفل حتى سن الشباب، ومما لا شك فيه أن برامج الأطفال تسهم بشكل لافت للنظر بانتشار عدد البرامج وتوفر فرصة سهلة لمن يود التعبير عن نفسه ومشاركة الأخرين والتفاعل معهم، وأنا كمعلمة أقول أن لبرامج الأطفال مشاكلها وصعوباتها وسلبياتها.
المعلمة /ليلى بركات/ من مدرسة يوسف فارس أوضحت:
أمام الفضائيات الكثيرة الخاصة ببرامج الأطفال فقد تغيرت بشكل كبير خلال العقدين الماضيين ابتداءً من الشكل و المضمون والخطط لتربوية، وغالبية هذه البرامج يكون العنف سيد الموقف فيها، فقد أظهرت هذه البرامج اتجاهات مختلفة في ثقافة الطفل وتربيته وكثرت مشاهد العنف والقتل بشكل ملحوظ وتقول عبر هذا الكم الهائل من الفضائيات و الذي قدمته وتقدمه هذه الفضائيات فهي ليست بالمستوى المطلوب لإغناء مدارات الأطفال وملكاتهم العقلية.
وأيضاً التقينا /ندى حمودي/ موجهة تربوية في مديرية تربية اللاذقية فقالت:
تعد برامج الأطفال من الأساليب التربوية الناجحة لتحفيز الطفل على المبادرة الذاتية، فالأولاد الذين يجدون من أهلهم ومدرستهم عاطفة واهتماماً يجذبوه نحوهم فيصغي إليهم ويحرص على متابعة البرامج بطريقة إيجابية.
فلا بد أن يحدثنا الأولاد عما يجري معهم في الشارع و المدرسة وأن لا نضرب بما يقولون عرض الحائط فهم يريدون أن يقولوا ما يشعرون به من أحاسيس بل وربما يريدون أن يعبروا عن أشياء تعرضوا لها، وهنا لا بد للأهل من إعطاء أهمية وأن يتحول الكلام إلى حوار حتى لا يبحث الطفل عن شيء يلجأ له كالكمبيوتر أو برامج الأطفال ويصر على متابعتها بشكل مستمر.
تطوير المناهج لرفع المستوى العلمي:
ولمعرفة دور مديرية التربية في تنشئة التلميذ وفقاً للمعايير والقيم الاجتماعية حدثنا الأستاذ معين أيوب رسلان موجه اختصاصي لمادة المعلوماتية في مديرية التربية قائلاً:
للتربية دور رئيسي فقد قامت بتطوير المناهج لرفع مستوى الطلاب العلمي والمهاري والأدائي من خلال امتلاكهم المعارف واتقان طريق التفكير وكيفية ممارستها وحل المشكلات وما يتطلب ذلك من مهارات عامة في التفكير والتكيف المعرفي والنفسي للتعامل مع المتغيرات والحصول على المعلومات ومعالجتها بأسلوب تفاعلي يكتسب المتعلم فيه مهارات التواصل والتعلم التعاوني والذاتي وينمي دافعيته للتعليم المستمر في عالم يشهد ثورة في تقديم البرامج والحواسيب وما رافق ذلك من طوفان المعرفة وانفتاح على ثقافات الآخرين من خلال الفضائيات.
وعن خصائص التلفاز في التأثير على ثقافة الأطفال وشخصيتهم ذكر رسلان: يعتبر التلفاز منافساً رئيسياً للأسرة والمدرسة لأنه يقدم الموسيقى والرياضة والفكاهة معا فالتلفاز هو متعة الاستعراض والمشاهدة واللعب والتفاعل لذلك يجذب الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أمامه على حساب الأنشطة الأخرى الأساسية لبنائهم البدني والفكري والاجتماعي…؟
وإن صرف أوقات طويلة أمام التلفاز يعني عملية كبح للتطور النفساني والفكري العادي عند الطفل وحدوث مشاكل اجتماعي مثل /الخجل- التوحد- الانطواء/ إضافة إلى مشاكل ناتجة عن أوضاع الجسم والهيكل العظمي من آلام /الرسغ- والرقبة- والسمنة المفرطة وإجهاد النظر والصداع/ وذلك على المدى الطويل.
لذلك لابد من التوجيه أولاً وخلق وعي داخلي عند الطفل لأهمية الفضائيات من جهة وخطورتها وأضرارها من جهة ثانية ويجب أن لا ننسى دور الأهل في المتابعة والتوجيه أيضاً.
وأضاف رسلان: أن نشر الوعي التربوي لدى شرائح المجتمع واطلاعها على مستجدات العصر وأثرها على الناشئة والعمل على صياغة منظومة قيمة تقي الأجيال من التأثيرات الخارجية وتعبر عن وعيها وضميرها واجب وطني على جميع الجهات الوطنية الموجودة نهاية نؤكد على دور الأسرة في توجيه الطاقة الموجودة عند الطفل إلى الحركة والانطلاق بالاتجاه الصحيح فعلى الآباء أن يصادقوا أبنائهم ويقوموا بالتحكم في مدة اللعب أو مشاهدة البرامج واختيار ما يكون مناسباً للطفل في عمره ويبتعد عن كل ما يخل صحته ونفسيته ومراقبة القنوات التلفزيونية ضمن مهامهم وأن يتحكموا بالمدة الزمنية.
زين اسماعيل أحد تلاميذ المرحلة الأساسية حدثنا عن برامج الاطفال فقال:
إن التلفاز والكمبيوتر يلعبان دوراً هاماً في حياتنا فحكماً أن برامج الأطفال مهمة جداً فهي تساعد على تنشيط مخيلتي وتوسعها بشكل أفضل ولكن هناك تزايد كبير في البرامج والمسلسلات التي تقوم على العنف بشكل عام ومن يظن أننا لا نستفيد من برامج الأطفال فهو مخطئ فلا شيء أجمل وأروع من رؤية أفلام الكرتون واللعب بالكمبيوتر فهي تزيد من نشاطنا وموهبتنا، حيث تعتبر هذه البرامج والألعاب من المؤثرات الأساسية في حياتنا.
تنظيم الوقت أثناء المشاهدة:
وفي سياق هذا الموضوع كان لنا وقفة مع إحدى المرشدات الاجتماعيات السيدة غيثاء أبراهيم والتي أوضحت من خلال متابعة الأطفال للبرامج لا بد من تحديد المشكلات النفسية التي تعترض الطفل من جراء متابعة البرامج ومن خلال التحديد يمكن استخدام صفات هذه البرامج وتنظيم الوقت اثناء المشاهدة أو اللعب على الكمبيوتر والأنترنت بهدف الترفيه وتخفيف الضغوط النفسية عند الأطفال حيث تقسم الأنشطة وأنماط المشاهدة والعنف واللعب والأنشطة الإبداعية المستخدمة إلى فئات عمرية من /5-10 سنوات/ تتضمن ألعاب الكمبيوتر والألعاب التلقائية والتركيبية والثقافية التي تساعد الطفل على التعبير عن ذاته وما يجول في مشاعره في حين أن الألعاب الحربية وغيرها هي التي تؤدي إلى سلوكيات نفسية سلبية حيث يصعب على الأطفال استخدام كلماتها للتعبير كونها الأكثر ضرراً لهم والتي تسبب العدوانية لسلوكهم اليومي والأمر ينطبق كذلك على برامج الأطفال شديدة الارتباط بحياتنا اليومية للأطفال.
وأضافت ان غالبية تلك البرامج في الحقيقة لا تخدم غرض المتابع لها وهي لا تزال صعبة التغيير والدعم الخارجي باعتبار أنها موجهة من قبل عناصر أجنبية إلى الوطن العربي لما يمكن أن تؤثره على عقول أطفالنا فهي مؤذية بدوافعها السلبية إلى السخرية لأنها لا يمكن أن تسبق تطوير إطار اجتماعي للأطفال فهذه البرامج والألعاب لن تستخدم بنجاح وتقديم المساعدة للأطفال من اجل تنظيم حياتهم اليومية والتعليمية فغالبية تلك البرامج منسقة بنشر كثير من السلبيات.
ختاماً
في ظل العنف المقدم بالبرامج المخصصة للأطفال وطرق الاختبار المتبعة لابد من أن يكون هناك حلولاً ممكنة لتلافي العنف كون الطفل واحتياجاته تأتي في مؤخرة المعايير المتبعة في اختيار البرامج المقدمة للأطفال حيث أصبح العنف المادة الأساسية المقدمة وأصبحت القيم والتربية تأتي بعد المقدمة الربحية للشركات العالمية.
بثينة منى