العدد: 9491
الثلاثاء: 17-12-2019
الفساد سوس نشيط لا يكف عن النخر في مفاصل المؤسسات والإدارات، ينشأ من خلل يصيب آليات الإدارة في القطاعين العام والخاص ويعرقل التنمية والتطوير والإنتاج، كما أن الحرب الظالمة الإرهابية على سورية كرست العديد من المشاكل والتداعيات أهمها الفساد المالي والإداري وغياب النزاهة وكف الطرف عن الكثير من الممارسات المؤذية بحق المواطن والوطن والمجتمع والدولة.
النزاهة مشروع وطني رائد يحد ويلجم التجاوزات المالية والإدارية والتي تتم تحت غطاء ومظلة القوانين النافذة، وخطوة جريئة للحد من التلاعب والتحايل والكسب غير المشروع في القطاعين العام والخاص، والنزاهة قضية هامة تهم المجتمع بأسره وتمس الجميع، وهناك إجماع وطني على مكافحة الفساد المالي والإداري ويكثر الحديث هذه الأيام حول القيام بحملات تعزيز النزاهة ومكافحة التجاوزات وإغلاق كافة الأبواب المؤدية إليها، وهو ما يقتضي تسليط الضوء على الجميع تحت خيمة الرقابة الصارمة، والثواب والعقاب، وليس على جهة بعينها لتعبيد الطريق أمام قافلة التنمية وإعادة الإعمار.
من أولويات تعزيز النزاهة ضرب رأس أفعى الفساد ومكمن السم والنبع الرئيسي للخلل حيث أصبح سوء الإدارة جزء من الواقع الإداري والمؤسساتي في الكثير من مفاصل الدولة بمؤسساتها الاقتصادية والخدمية، وغالباً ما يكون المدير هو السبب الرئيس بالتجاوزات الحاصلة من مؤسسته من خلال ممارساته الخاطئة فيما يخص العمل والعمال والإنتاج والمال العام وابتعاده عن العدالة في تيسير أمور العمال وشؤونهم والتسبب بضعف ولائهم للمؤسسات التي يعملون بها وضعف الأداء وهدر الطاقات والامكانيات الوطنية، والمحاسبة الفورية والإقالة لمن تثبت إدانته، ووفق أهل الخبرة والمشورة والاختصاص يجب أن يشمل تعزيز النزاهة ويطول جميع العاملين في الدولة من مرتبة وزير إلى أصغر مدير له صفة التوقيع على صرفيات مالية في الوزارات والمحافظات وفي جميع السلطات التشريعية والقضائية والمحلية وكل من يحمل صفة آمر صرف من الذين يجرون العقود والمناقصات.
علينا اعتماد الشفافية والنزاهة في العمل داخل المؤسسات والتعامل مع الناس وكشف الأقنعة التي يتستر خلفها الفاسدون، وفض العروض والمناقصات أمام الجميع أو اعتماداً على التقنيات الحديثة ونقل الجلسات بالصوت والصورة لقطع الطريق على اللفظ والأقاويل وإغلاق الباب بوجه المحتالين على القانون وإلغاء الغموض والتشكيل والتجاوزات وراء الظهر والكواليس وقفل النوافذ بوجه الصفقات الجانبية والملحقات، وتحصين الموظف العام مادياً ومعنوياً من الانجرار لارتكاب الفساد عن طريق ضمان الحد الأدنى من المستوى المعيشي اللائق، وإقرار قانون الكشف عن الذمم المالية للأشخاص في موقع القرار، وهو ما يعد خطوة متقدمة جريئة في طريق الإصلاح الإداري ولجم الكسب غير المشروع.
قضية النزاهة وحماية المال العام والاقتصاد الوطني من أولويات النجاح في التنمية وتحتاج إلى إرادة وطنية وإصرار لكشف الممارسة الإدارية والسلوك الشخصي الشائن على أرض الواقع للوصول إلى نظام إداري اقتصادي وخدمي يحقق العدالة الاجتماعية للجميع.
نعمان إبراهيم حميشة