الإنسان الفاضل

العدد: 9294

18-2-2019

يعتبر الواجب واحداً من الركائز الأخلاقية التي تشكل قيم المجتمع وفضائله، وهو سلوك يلتزم به المرء معنوياً وما يتحتم على الشخص أن يفعله، وما تفرضه عليه قواعد اللياقة أو الأخلاق، أي الالتزام الأخلاقي أو التعهد والالتزام لشخصٍ ما بشيء ما، لأنه الدافع نحو الخير والإصلاح، واللازم والمفروض والمحتم من الأمور التي يجب على الشخص القيام بها، وهو ما يثاب على فعله ويُعاقب على تركه.
من لا يعرف الواجب ليس له إرادة، ومن ليس عنده ضمير لا يعرف الإرادة، وحتى الضمير لا يُعرف من قبل عديمي العقول، وما هي فائدة العقل إذا لم تعمل فيه يَدُ المعرفة ليست الإرادة هي الاستبداد بالسلطة، عندما يكون صاحبها من ذوي السلطات، وليس عليه أن يتمسك بكل شيء، من غير أن يُقدِّر أو يفهم هذا الشيء، وعندما يحدث ولا بد هذا الأمر، يكون الإنسان جاهلاً إرادياً، لأن الإرادة القوية التي يتحلى بها بعض الناس هي بسبب تهذيب العقل وسلامة الضمير، لأن هذا الرجل عَرِفَ كيف يستفيد من عقله وضميره، لأن الضمير هو ابن العقل المهذّب، وعندما يُترك العقل بدون تربية وتهذيب يموت الضمير بموته، وعندها تنقطع الأصوات الداخلية فينا، فلم نجد من يؤنبنا على فعلٍ سيء فعلناه، ولا من يَمْدَحُنا ويُشجعنا على القيام بالأفعال الخيّرة والحسنة، وبمعنى أصح نبقى بدون توجيه أو محكمة منظمة أنشأها الخالق لأنفسنا من أنفسنا، متخصصة بإرشادنا، وهذا أمر فظيع عند من لا محكمة لديه، والويل كل الويل للإنسان من هذا النوع، فإن لم تكن هذه المحكمة الصالحة، أو إن لم يسعَ إلى وجودها، فكأنه أقام الناس عليه حكاماً ينفذون عليه كل أحكامهم، وعندها يموت الضمير، ويصدأ العقل وتُصنف الحياة بين الإنسانية والحيوانية.
إذاً الواجب هو الذي يُلهمنا للوقوف بثبات أمام ما هو مفروض علينا، وعندما نكون على حقّ يزيدنا هذا الواجب ثباتاً، أمام هذا الشيء الواجب علينا عمله، دون خوف من أحد، الإخلاص للواجب من شيم الأحرار، لأنهم يفعلون ما يجب فعله، بإيحاء من ضمائرهم وعقولهم، وليسوا بعبيدٍ يفعلون ما يؤمرون.
فإذا كنا لا ننتظر من عمل الواجب شيئاً إلا أن نصل بفعله إلى ما نبتغي ونريد من آمال ومطامع، فكأننا نخدع أنفسنا بأنفسنا، لأن من يقوم بعمل الواجب مخلصاً في عمله، لا ينتظر شيئاً بعد ذلك، اللهم إلا تشجيع ضميره وهذا هو (الإنسان الفاضل) فأين هو في مجتمعنا؟

حسن علان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار