الخــــلافات الزوجــــية وجـــــبات يوميـــــة!

العدد: 9480

الاثنين: 2-12-2019

 

أن يتنازل أو تتنازل فذاك فعل يستعران به ويحلفان عنه أغلظ الأيمان، والصراع يحتدم لسانه بحلبة وجلبة، وقد يكون الموت فيها لحبهما دون أوهان، حيث الحق بينهما ينشطر لجانبين (يمين و يسار) دون جمهور ولا تشجيع، وتشتد أوتار عزفه بألحان تقرع طبلة الأذان، وتضرب العرض والطول لتعتلي الهتافات والدعوات والأوجاع، هذا وإن انحسر جانب أحدهما عن الآخر فإن الطرفين في خسران وبهتان.

الزواج السعيد ليس بصحي وصحيح بغير تلك الخلافات والاختلافات و(المصارين اللي ببطنك تتقاتل.. كما يقولون) فلكل منا شخصيته ومزاجيته وأسلوبه في الحياة، لكن أن تكون بغاية السعادة وأعلاها كما توصلت إليه دراسة جديدة (أن تنطبق صفاتك الشخصية وخلفيتك العلمية وآراؤك وأسلوبك ونهجك في الحياة مع شريك العمر) فإن هذا يكاد يكون من المحال، فلتحقيق السعادة وعدم الخلاف والقضاء على مشاكلهما يجب أن يتقاسما المهام والمسؤوليات وكيف لها ذلك اليوم وهي التي تقوم بكلها إن كانت مهاماً أو واجبات؟ وأن تكون السلطة بيد الطرفين، وهذه هيهات أن يتنازل عنها (سي السيد) أو يترفع بها (للمدام وإن كانت بأوزان)، وإن الذين لديهم أولاد من كلا الجنسين هم سعداء، لكن زماننا ينطق بالذي فيه ولد فقط، والأصغر سناً ممن يتزوجون هم أكثر سعادة كيف والعنوسة قد تفشت بشبابنا صبياناً وبنات، فكيف تكون بين الأزواج سعادة، وعلى قول (توفيق في خربة) مئة إشارة استفهام ونقطة على السطر لنهاية خلافات زوجية سعيدة ليس فيها دراسات.
تشير آية حلوم أن زواجها لم يمض عليه إلا شهران، وهي سعيدة والحمد لله لكن في بعض الأوقات يفتعل زوجها الخلاف والمشكلة ليبدو شخصاً آخر لا تعرفه ويصب حججه بالطعام يشكو ويلوم بأنه تزوج من بنت الدلال وليس بيدها أن تصنع طبخة، وإذا ما دلته أن يذهب للسوق ويأتي بما يرغب ويحب يرميها القول إن والدته تطبخ ما لذ وطاب وهي موظفة وتلحق بكل أعمال بيتها دون أن تنطق بالآهات وزوجته أن تسلق بطاطا لا تعرف ولا يسمع منها غير (تعبانة اتركني أنام) ويقع المحظور والذي تستهجنه وهو الصراخ والتوتر وانقطاع توليفته في البيت دون سبب معقول، ليسبقها للراحة ونيل قسط وفير من النوم ودون كلام، وهي تقرقع بالطناجر والصحون التي طارت منذ قليل لتلمها بغسالة الصحون وتلحق أن تقفل عليها الباب ويصيبها الصمم لا تجاوبه مهما أغاظها الكلام.
من أين تأتيك المشاكل مع الزوجة والخلافات غير من المصاريف ومحدودية الأموال والمقادير في مخزون البيت الاحتياطي الذي بات بدين خاص وعام، هذا ما أشار إليه المهندس علي إسماعيل.
وكذلك تؤيده الرأي سوسن علي، مدرسة وأم لولدين، تؤكد أن الخلافات تنبع حين تطلبين منه المال لدفع ثمن حاجات الأولاد للمدارس أو مصروفهم اليومي، تقول: يصرخ في وجهي أنه قد أنفق راتبه كله ولم يبق في جيبه منه شيء (هذه هي مشكلتنا الوحيدة) كنا زمان نتشاجر مرة إذا ما زادت النفقات والصرفيات على حجم الإيرادات والراتبين في شهر ما، أما اليوم فالشجار مستمر حيث لا راتب يفي بكل الحاجات والطلبات، والأولاد قد كبروا وزادت مصاريفهم كما كل أولاد هذا الزمان.
أبو محمود، صاحب دكان يستذكر الماضي ويقول: لا أذكر أني تشاجرت أو اختلفت مع أم الأولاد، فلطالما كانت بسيطة وتهون الأمور مهما كانت صعبة، كنت موظفاً وتقاعدت وهي سيدة البيت ولا زالت، ولا تطلب مني شيئاً فوق طاقتي وتساعدني في حل المشكلات التي تأتيني من التجار، وهي قد ربت الأولاد على القناعة وبهدوء، فصاروا آباء وأمهات، ولطالما أوصتهن بأزواجهن فلا يردن في وجوههم بغير الطاعة والكلام بالمعروف، والحمد لله يعشن باطمئنان وراحة بال، ولم تأتني إحداهن تشكو زوجها أو أسمع عن أحدهم في أنها اشتكته لأهلها، ولا أقول بأن ذلك فيه مغالطة بل الأمور تمام.
رغداء، موظفة تشير بأنها كانت صغيرة ولا يتجاوز عمرها العشرين عاماً، وكانت ترى في زواجها بمن أحبته السعادة وكثير من الأحلام كما في القصص والروايات والأفلام، لكن تلك الصور تبددت وتلاشت الأوهام لتصحو على الواقع والحقيقة في السنة الأولى من زواجها وكان في كل ساعة لهما خناقة ومشكلة حتى أمام الضيوف ولأتفه الأسباب، ليهرع كل منهما إلى غرفة ويغلق باباً عليه ويتركان الضيوف في الصالون، فيأتي الأهل ويطيبون خاطرها وسرعان ما ترضى وتكون له الزوجة المطيعة والحبيبة، وتقول: تلاشت تلك الخناقات مع العشرة الطيبة وأصبحنا بنفس واحدة بعد مرور سنوات العمر سوياً ولم يعد لتلك المشاحنات والخلافات مطرحاً في حياتنا إلا بالنادر والقليل بل اختلف وجهها وأصبحت مصبوغة بهموم الحياة والأولاد.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار