الولد الأوسط.. بأعلى صوته أنا هنا !!

العدد: 9463

الأربعاء:6-11-2019


(سامر اذهب واجلب لي من الدكان كذا وكذا، سامر افتح الباب، اذهب إلى الجارة أم بهاء …) أوامر، أوامر ولا أحد يهتم بي ولا يسألني ما أعانيه، فلست أحمد كأخي الكبير أول فرحة للعائلة ولست حلاً آخر العنقود المغناج المدللة، ذنبي أني أتيت بينهما، ولما يأتيا والداي من الدوام الشاطر بينهما يسأل عن حلا صغيرتهما، وأحمد إن حضر إلى البيت ولماذا تأخر، وأنا ولو تأخرت وتعمدت الأمر مرة لم أر أي ملامح استغراب على وجههما ولا حتى جاءني منهما سؤال وكان الوضع عندهما سيّان إن وجدت في البيت أو غبت، كما أنهما لا يسألا عن نتائج امتحاناتي مثل أخوتي، ولا يركزان على ما يلزمني أو ينقصني، فإن طلب أحمد النقود لأجل شيء يبتغيه كان الرد على الفور وباستعجال، وحتى الصغيرة حلا لا تنتظر والدتي منها الكلام وتأتيها بالحلوى والمقرمشات وغيرها كالمعتاد، وأنا بينهما لست أطال أرضاً ولا سماء معلق بالهواء، والجميع يصفعني مرة على خدي اليمين وأخرى على اليسار دون أسباب..هذا ما أشار إليه سامر_ صف سابع.

لكن ترد عليه والدته سمية العكش_ معلمة وتقول: بعد أن استغربت الحديث والكلام الذي جاء سامر عليه: لطالما كان سامر الولد العاقل والمطيع والصبور والمتفهم لكل الأمور والطالب المجتهد والأول على صفه كما يقول المعلمون ويسمعوني وعلاماته ممتازة، له شخصيته المتزنة ولا يلزمه منا الإرشاد والتوجيه والنصح، تربيته سهلة و أرى في عينيه كل الجد والاجتهاد والطموح الذي فيه حلمي وأبوه، نحبه كثيراً ولا أرى أمامي غيره في البيت ذاك الشاب الصغير، ودائماً اسمه على لساني أناديه فيسرع بالجواب، كما أنه في البيت صاحب الأفكار الجميلة والمواقف الطريفة ويحبه الجميع من أهل ورفاق وجيران، أرى أنه قد كبر
ويا ليت أحمد مثله، فأحمد عانينا من أوجاعه كثيراً ليكون محط رعاية واهتمام، وحتى لما كبر وأصبح في الصف العاشر اليوم ما زلت ووالده نخاف عليه وشخصيته ضعيفة وكل الأولاد يستقوون عليه، لهذا سامر يساعدني ويخفف عني متاعب الحياة، وحلا صغيرة في الصف الثالث وليس من العدل أن تلبي طلباتنا داخل البيت وخارجه، يكفيها مساعدتي في التنظيف وتقطيع الخضار، توقف حديثها وتقطعه بسؤال صارخ: لماذا سامر يشعر بالظلم ونحن كنا نظن بأنه سعيد بيننا ولم يشتك يوماً أو يرفض طلباً لأحدنا، نفتخر به فجميع من يدخل بيتي تعجبه شخصية سامر المميزة واستقلاليته، وله الكثير من الأصدقاء والأصحاب، ودائماً أقول لوالده (ألا ليت أحمد وحلا مثل سامر).
السيدة ختام بدور- علم اجتماع أشارت إلى صفات الولد الأوسط وشعوره الدائم بالإهمال ليكون فريسة ما يسمى بمتلازمة الطفل الوسط، فغالباً ما يعاني من قلة الاهتمام كما يظن ويشعر بالفراغ والغيرة والتقليل من قدره ليكون في ردة فعله الابتعاد والانطواء وقد يضع نفسه في المنافسة بين أخويه ليلفت الانتباه أنه (هنا)
من صفاته: يتأقلم مع الظروف المحيطة وماهر في التلاعب بألفاظه وسريع الفهم والاستيعاب، يتفهم الكبير ويراعي الصغير فيكون مؤتمناً على أسرارهما، يقدم النصيحة والمشورة بعيداً عن تهور الأكبر وعبث الأصغر، شخصيته مميزة فيكون مصدر سعادة الجميع، عاطفي وعادل في ردود أفعاله، متمرد ومرن وأكثر قدرة على مواجهة التغيير..
لعلاج أمر الولد الأوسط مع أخوته ووالديه عليك سيدتي استحواذه ببعض الاهتمام وإشعاره بأهميته وموقعه الطيب في العائلة التي هو ركيزة في بنائها، كما يمكنك الخروج معه ومرافقته في نشاط يحبه، كما عليك أن ترخي العنان للسانه وتسمعي ما يقوله ويوجه لك من رسائل مطوية في جنبات نفسه.
وأخيراً.. لك سيدتي نقول: إن كل طفل له أن يشعر بمدى حبك واهتمامك، وكل واحد منهم مميز وله شخصيته التي يستقل بها عن أخوته، فلتوزعي اهتمامك عليهم جميعاً بالأوزان والأمتار.
نشرت مجلة بارينتينغ الأمريكية تقريراً تحدثت فيه عن نقاط تمنح الابن الأوسط في العائلة بعض الميزات عن بقية أخوته على الرغم من أنه لا يحظى بالرعاية والاهتمام مثل الأكبر والأصغر، تقول الدراسة:إن الطفل الأوسط محظوظ، وهذه الحظوة تأتي في أنه: ولد في الوسط وقد سبقه أخاه الذي تدربا جيداً والديه في تربيته وتعلمّا طرق التربية الصحيحة والسليمة في تربية الأطفال بعيداً عن أخطائهما في الأول، كما أن لديه عائلة كبيرة بين أخوة وأخوات وأب وأم،ليكون موجوداً في مجموعة منذ ولادته، ولادته في بيت كان قد تهيأ لاستقبال الأطفال، والذي تتواجد فيه شاشة تلفاز لأجل برامج الأطفال وصندوق ألعاب، عدم مبالاة العائلة بآرائه ومواقفه، يتمتع بحرية التصرف والشغب دون قيود كالتي تفرض على الأكبر، عدم شعوره بالغيرة من أخيه الصغير ليكون صديقه في اللعب والمشاغبة، أما أخوه الكبير فهو قدوته، وعلى الرغم من أن الأوسط يعاني الإهمال إلا أنه قد ينمو بشخصية مستقلة وقادرة على التفكير خارج صندوق البيت.

هدى علي سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار