لماذا لم تعد وجوهنا تضحك «للرغيف السخن»!

العـــــدد 9461

الإثنين 4 تشرين الثاني 2019

 

كانت لحظة خروج رغيف الخبز من الفرن، وتناوله مغرية لنا، وكان هذا المشهد الجميل، يسرق ابتسامة مشرقة من وجوهنا بشكل تلقائي، فحمرة وجهه، ونفاذ رائحته الذكية، ومذاقه اللذيذ، يوطد لعلاقة حميمة بين الإنسان والرغيف، هذه العلاقة التي طالما تغنى بها الشعراء والكتاب، وحمّلوها أبعادا رحبة ورمزية مقدسة فالماغوط كانت رائحة الخبز لديه (شبيهة بالورد، كرائحة الأوطان على ثياب المسافرين)، وغادة السمان كتبت روايتها الخالدة (الرغيف ينبض كالقلب) فيما تغزّل ابن الرومي في مطلع إحدى قصائده قائلاً: (نظرت إلى الرغيف فردّ روحي)،
وها هو شاعر المهجر رياض المعلوف يناجي الرغيف مناجاة الحبيب فيقول: (يا رغيفنا، يا أب اللقمة الطيبة، لولاك ما طابت المائدة).
والخبز في الأدب العالمي كان حفيد الأرض والتراب، وابن النار واللهب، و(جان مالجان) في بؤساء فيكتور هوغو يقضي في السجن ما يقارب عشرين سنة بسبب سرقته لرغيف خبز.
نعم، هكذا كان رغيف الخبز، وجهاً جميلاً لا يقاوم، وكانت العامة وما زالت تنعت صاحب الوجه المتهجم العبوس بأنه لا يضحك حتى للرغيف (السخن).
اليوم فقد ذلك الرغيف دلاله، وتم تشويه معالم حسنه وفتنته، وأعطوه هوية جديدة ورائحة نتنة غريبة، فغابت حكاياته، ودفنت مناقبه، وأصبحت كل الوجوه ترفض الضحك للرغيف (السخن).

مؤتمن حداد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار