وقـال البحــــــر.. قبيل الحرب بقليل

العدد: 9436

الاثنين: 30-9-2019

 

فيما مضى، قبيل الحرب بقليل، بين خوف وليل، نستلهم حلاوة العيش، بين ترقب وحكاية، يدب النعاس في أرواحنا، منذ ستين عاماً وصوت الحكواتي ما يزال يرن في أذني: (من مبلغ الحيين أن مهلهلاً) لحظة أدرك أنه سيذبح كنعجة، أنشد وصيته في القتل، آه! يا لهذا المهلهل، كم كان يعشق الحروب!
***
أول خطوة في الحرب، وآخر صحوة في السراب، على مقربة من أغنية، عصفور ينتظر، امرأة تنتظر، قريباً من ضفة شوقها سقط برصاص الحرب، مضرجاً بالحنين.
***
بعد أن سرى بيننا ما يشبه لغط الحروب، جردّت السنابل والحقول، أحرقت السفن، وأغلقت مرافئ الحب، وهدمت ما بنيناه من عيش ومودة، ودفعتني للرحيل . .
إلى أين سأغادر؟ من أي ميناء سأرحل؟ وعلى أية سفينة سأصعد؟ أي الذكريات سأحمل معي إن بقيت حياً؟
إنها الحرب، إن بقيت حياً، فلا تأسف على أيامها المارقة..
فيما مضى، قبيل الحرب بقليل، كانت تطير في البياض، تسافر في خلايا الموج، وترتد باقة من رذاذ..
فيما مضى، قبيل الحرب بقليل، كانت تنام على صدره كفجر، وتصحو على تغريدة قبله، لا فرق بين من كان رقيقاً كالندى، وبين ذئب
لا فرق بين أن تسقط ببهاء كنجم، وبين حجر
ولا فرق بين أن يكون بيدك قطفة حبق، وبيده سيف، أن تكون سليل العصافير،
ويكون شبيه القراصنة.
هي الحرب
تسوقنا للذبح، يوم بيوم ندفن قتلانا
ويوم بيوم نسأل الموتى: من سيبقى ليدفننا نحن قتلى الغد القادم؟
هي الحرب
وقبل أن يمضي، قالت له: قبل أن تذوي كورقة على غصن يوم، قبل أن تدخل ردهة موتك، وقبل أن تصير من هباء الحروب، اقترب كي أودعك.

بديع صقور

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار