العدد: 9290
12-2-2019
نسبة الخطأ واردة في عمل البشر عموماً وحتى في العمل الآلي، ولكن العبرة كما أسلفنا والأطباء بشر يخطئون ويصيبون، ولا شك أن الحديث عن الخطأ الطبي لا يشمل ذلك الطبيب الذي يجتهد ويفعل ما يمكنه فعله بإخلاص ومع ذلك يخطئ سواء كان خطؤه تشخيصياً أو علاجياً أو جراحياً، ولكن الحديث هنا عن أخطاء أكبر من ذلك بكثير، أخطاء يطلق عليها تجميلياً (خطأ طبياً) وهي في الحقيقة جريمة سببها الاستهتار حيناً، وعدم الخوف من عقوبة رادعة حيناً آخر، وخلال جملة لقاءات مع أناس ذاقوا حرقة الأخطاء الطبية سمعنا قصصاً وحكايات تدمي القلب قبل العين، فقد أخبر والد الطفل أكرم أن ولده أصبح معاقاً منذ عشرة أعوام بسبب خطأ طبي أثناء العمل الجراحي، الأمر الذي أدخل الطفل في غيبوبة لبضعة دقائق أدت إلى توقف القلب، وقد أثر ذلك على الدماغ وبالنتيجة أصبح الطفل معاقاً، وأما العمل الجراحي فلم يكن عملية استئصال لوزتين، وإذا ما بحثنا طبياً وعلمياً عن تفاصيل هذه الحالة لا نصل إلى إجابات شافية حيث أن الجرّاح ألقى باللوم على طبيب التخدير، وطبيب التخدير ألقى باللوم على المادة المخدرة والمشفى الخاص الذي استورد هذه المادة، وحتى مع وصول الشكوى إلى نقابة الأطباء لم يتم اتخاذ أي إجراء عقابي بأي من الأطراف، علماً أن المشفى الخاص تواصل مع ذوي المريض وعرض عليهم مبلغاً من المال تحت لبوس مساعدة، وقد أكد الوالد أنه لم يقبل أي مبلغ منهم، وأخبرهم أن مال الأرض كله لا يعوضه فجيعته بولده.
والسؤال هنا: لماذا الأطباء فرادى قلما يشكر واحداً منهم بزميله أو يزكيه أو يذكره بكلمة طيبة، ولكن عندما يتم تشكيل لجان تحقيق أو تصل شكوى ما إلى لجنة مؤلفة من الأطباء لتحديد المسؤولية تجدهم قلباً واحداً ويداً واحدة يسعون جاهدين لتبرئة زميلهم متسترين بعبارات لا تغني ولا تسمن من جوع، مثال أن الطبيب يسيء إلى سمعته المهنية في حال الخطأ وهو لا يتعمد الخطأ وما يحدث هو قدر المريض ولا اعتراض على قدر الله، صحيح أنه لا اعتراض على قدر الله ولكن لماذا تتم محاسبة أي سائق في حال كان طرفاً في حادث مروري لاشك أنه لم يتعمد التصادم أو الصدم ومع ذلك تتم محاسبته وتحميله كامل أو بعض المسؤولية تبعاً للنتائج التي يسببها الحادث المروري، ألا يفترض أن ينطبق الكلام ذاته على الطبيب أو عكس الأمر فلا يتحمل السائق المسؤولية ونعود إلى حجج لجان الأطباء أنه قدر الله ولم يتعمد ولا يقصد، أم أنهم فقط الأطباء أخطاؤهم مبررة؟ حتى أن المهندس الذي تتم إدانته بمخطط أو دراسة أدت إلى ضرر واضح تتم محاسبته وكثيراً ما نسمع عن مهندسين دخلوا السجن بسبب أخطاء فنية ولكن لم نسمع عن أطباء تمت مقاضاتهم أو سجنهم علماً أن الخطأ الهندسي أخف وطئاً من الخطأ الطبي.
وبالعودة إلى ما سمعناه حول أخطاء الأطباء فقد لمسنا زيادة في حالات أخطاء الأطباء لجهة الجراحة التجميلية وذلك تناسباً مع زيادة أعداد هذه العمليات والإقبال عليها من كلا الجنسين، وعلى الرغم من الأرقام الكبيرة للتكاليف المادية لهذه العمليات نجد أنها في ازدياد مضطرد الأمر الذي يغري عدداً من الأطباء لدخول هذا المجال، وهم ليسوا من ذوي الخبرة، وقد شاهدنا صوراً وحالات أدت عمليات التجميل إلى نتائج عكسية الأمر الي أدى إلى تكرار العمل الجراحي على يد جراح أكثر خبرة.
هناك حالات يكون المريض مضطراً لدخول غرفة العمليات ولكن ذلك الذي أو تلك التي تدخل غرفة التخدير بكامل القوة والهدف فقط ربط المعدة للتنحيف أو شفط الدهون أو تجميل الأنف ونفخ الخدود، ماذا نقول لهؤلاء في حال حدوث خطأ طبي؟ ألا يستحقون إسماعهم ما قالته العرب حول (براقش)..
هلال لالا