هـــــنّ ظلمـــــنَ أنفســــــــهن !

العدد: 9423

الأربعاء:11-9-2019

 

تطرب أذنه حين يسمع منها (تعبانة) وقد تموت ولا تنطقها، ليرد عليها ويقول: أنت طالبت بحقوقك ونلتها، بل يزيد عليها القول: اليوم أنا أطالب بحقوقي، فقد سلبتني الكثير!

كيف لا وقد استوطنتها المهام والمسؤوليات، وساقتها الأيام لمزيد من الأعمال، لتكون منذ ساعات الصباح الأولى على أهبة الاستعداد، وليس غيرها في الجبهات ويفوق جهدها ما يقوم به الرجال، وليس غريباً أن نقرأ في الإحصائيات النفسية ما يؤكد على إصابتها بأمراض نفسية واكتئاب ليس يصيب الرجال اليوم، فنظرة واحدة إلى يومياتها وهي العاملة النشيطة في وظيفتها خارج المنزل كما داخله تتعارك مع الوقت والساعات.
تبدأ يومها في السادسة صباحاً حين يدق جرس المنبه معلناً بداية الماراثون والاستنفار، فتقفز من سريرها وكأنها ملسوعة وزوجها يغط بالأحلام في هدوء وسلام، لتبدأ بإعداد الفطور للأولاد، الذين توقظهم قبل السابعة حيث تودعهم على الباب بعد أن ناولت صغيرها ومحفظته لسائق باص الروضة، وأوصت الكبير الانتباه للدرس ومرافقة أخته لباب مدرستها، لتعود وتوقظ زوجها الذي انفلت عليها بالسؤال لماذا تركته نائماً إلى هذا الوقت؟ فقد تأخر ليحتسي قهوته على عجل ولا تنتظر منه الجواب لسؤالها إن كان سيحضر الخضار للبيت، لتسرع بارتداء لباسها وقد عقدت ربطة شعرها بترتيب أو دون ذلك لا يهم، تشغل الغسالة وتنسى أن تطفئ السخان، الرجل مرتاح وصافي الذهن يذهب لعمله وهي تذهب منهكة وخائرة القوى وفي ذهنها عشرات من مواضيع لا تنتهي عندها وأولها كيف لها أن ترجع قبل عودة الأولاد وخروجهم من مدارسهم، فلم تترك استراحة أو إجازة ساعية إلا ودونتها في سجلات دائرتها، تجري في الواحدة والنصف وقبل انتهاء الدوام لتلحق السرفيس فتصل بعد الأولاد كما كل مرة لتتأسف وتعتذر لهم عن التأخير فقد قصدت الدكاكين لتشتري لهم ما يحبونه، وفور وصولها تتجه للمطبخ لإعداد طعام الغداء وحينها يصل الزوج يبدل ملابسه ويسألها عن الغداء، وما إن ينتهي منه حتى يذهب للاسترخاء وأخذ قسط من الراحة وقيلولة الظهيرة الاستراتيجية إنه سيد المكان فلا صوت ولا ضجة سينام (أبوكم) بينما هي تسعى للم الطعام والصحون ورفعه عن الطاولة لتجليه بسرعة ،وتعود لفك المشاجرات بين صغارها كما تساعدهم في الدرس والواجبات المدرسية لتعمل مدرس خصوصي لهم، يستيقظ السيد في السادسة مساء ويراها على هذه الحال ودون كلام منه أو أي طلب تحضر الشاي ليغادرها ويلاقي بعض الأصحاب، وعندما يعود في المساء وحتى في ساعة متأخرة يلاقيها كالمكوك ولم تنته من الأعمال حيث الجلي والتنظيف وبعده تحضير ملابس وحاجيات الأولاد ليوم جديد، وما إن تجلس جانبه حتى يغلبها النعاس، فتنهار على الأريكة في غرفة الجلوس وتغفو دون أحلام، بل تسمع سخريته: ما هذه العيشة ؟ لا أراها إلا نائمة، هل لدغتها ذبابة النوم (تسي تسي) ؟

تصفح المزيد..
آخر الأخبار