الوحدة – سليمان حسين
أما آن الأوان لخروج أحد الشجعان من حيتان المال والإعمار فيقوم بإنشاء معمل لعصائر الحمضيات؟!، أما استقامت الأمور الاقتصادية في البلاد وتحرّرت الكثير من القيود المفروضة على إقامة هذه المنشآت.
صحيح أن مساحات الحمضيات لا تُقارن بالزيتون لكن للأخير معصرة في كل قرية أو أكثر، فمواسم الحمضيات من النوادر أن لا تُعطي إنتاجاً بينما شجرة الزيتون تخضع لقِصَّة المعاومة في أغلب المناطق، ومع ذلك منشآت استخراج الزيت موجودة على امتداد القطر وبالطرق الحديثة.
يبدو أن المقارنات لا تنتهي، فلدينا الكثير من الأمور المشتركة بين الزيتون والحمضيات، وأهمها المساحات الكبيرة لهذه الأشجار، لكن محاصيل الزيتون أخذت طريقها للمعالجة منذ الأزل، عبر معاصر بأشكال وأنواع دخلت الحجارة و”الدواب” في عملية تحويل الإنتاج إلى زيت يشبه الترياق، أمّا بالنسبة للحمضيات فكان من المفترض أن يكون هناك على الأقل معملان أو ثلاثة خاصة بالعصائر في محافظة اللاذقية – على أقلّ تقدير، لكن كثرة الطبّاخين أجّلت هذه المشاريع وباتت تدور في حلقة مُغلقة، مليئة بالمتناقضات التي كانت تتحكم في الأمور، وتُهيمن على القرارات، ليبقى هذا المحصول الاستراتيجي ومُزارعيه رهن الوعود الخلّبية والانتظار.
لكن مع الأسف تم مؤخراً القضاء على مساحات كبيرة من الحمضيات من أجل بدائل أخرى باتت مهمّة في الأسواق الداخلية والخارجية كأوراق الدوالي وكذلك الاستوائيات، والبعض وضع الزيتون بديلاً مهماً لصاحبه، عساه يُنجيه من الفقر لكن مزاجية نمو شتول الزيتون ستُؤخّر عملية التعويض والإنتاج كثيراً، أمّا المُزارع فأصابه الملل وقلّة الحيلة، فقد وصلت الأحوال إلى أن يسقط المحصول تحت الأشجار أفضل للمُزارع من تسويقه، حيث تُعتبر عملية القَطاف ومن قبلها تقديم سماد وعناية متواصلة هي خسارة بكل المقاييس، وبالتالي البحث عن مهرب آخر ينتعش منه قليلاً، فأصبحت الفاكهة الاستوائية هدفاً مشروعاً بديلاً عن الحمضيات، علماً أن هناك الكثير من الأقاويل تؤكّد أن أرضية مُنتَجات هذه الزراعة غير آمنة، وقد تتعرّض للسقوط المُذل في المستقبل.
لذلك نرى أن حمضيات الساحل قد تنحرف قريباًإذا لم يتم تدارك الوضع، وإعطاء الشجرة وصاحبها حقّهما المشروع المواكب لأهمية هذه الفاكهة كمحصول استراتيجي.
للتذكير، هذا العام تعرّضت جميع المحاصيل لشحّ المياه ومنها الحمضيات، وبات وجع المزارع مُضاعفا، ومن تيسَّرت أموره بالسقي وقع بين سندان التسويق وجودة المادة، وبالتالي انطبقت عليه مقولة: “كأنك يا أبا زيد ما غزيت”.

