الاختيــــار

العـــــدد 9421

الإثنـــــين 9 أيلول 2019

كل مخلوق في هذه الدنيا خلق حراً، ومن حقه أن يختار العيش بنعيمها وتحقيق كل أحلامه ورغباته وبناء مستقبله الأفضل المضاء بنور العلم والمعرفة يلتزم بإطاعة قوانينها وعاداتها وتقاليدها وظروفها ومناخ فصولها، يختار ما يناسب ذوقه وميوله وطموحه وبمن يشاركه الحياة في السراء والضراء والأفراح والأتراح كي لا يتوه بين كثبان الرمال، والجزر النائية، والشواطئ المهجورة، وهاوية الضياع مقصوص الجناح.
يختار الحياة البسيطة البريئة البعيدة عن الغش والخداع يستمتع بجمالها وبمناظر غاباتها ووديانها الرائعة وأنغام جداولها وهواء صباح مصايفها العالية وبزقزقة عصافيرها وتغريد طيورها وصوت شحرورة الوادي تتبارى مع صوت الحسون والدنور والحجل البري الذي يصدح في مخابئ جبالها، وبقبلة الشمس العذراء وهي تمتص قطرات الندى عن خد أوراق أشجارها وريش طيورها التي توحي لناظريها بأنها لؤلؤة تزين صدر الطبيعة خالية من أشواك الغيرة وخلع رداء الفقر والجهل والمرض عن جسدها.
يختار هدوء الطبيعة والسكينة وأحلام الليالي الوردية وصفاء الأجواء والماء والهواء وألوان الأزهار الجميلة، وأنغام الطرب التي تطرد من النفس اليأس والضجر وليالي السمر، أما وطني يختار ويحب العيش بسلام وبمحبة وأمان وباستقلال تام وتحقيق العدالة والمساواة بين الناس والإصلاح والإعمار وبناء حضارة الإنسان بافتتاح المزيد من المدارس والمعاهد والجامعات لأنها عنوان التقدم والتطور والإبداع وصنع جيل رائد في كل المجالات والمستويات والتمسك بالخصوصيات والمبادئ التي هي ركن أساسي في بناء الذات، والافتخار بهوية الوطن وبشعبه الوفي المغوار ورجاله الأبطال بصمودهم في وجه الغزاة وبتضحية شهدائه الأبرار لتحقيق الانتصار وبولائه وانتمائه وإيمانه العميق بقدرة الخالق في صنع المعجزات وبقدسية تراب الوطن الذي هو الحياة، والوفاء للعهد والقسم في قيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان، والرعاية والحماية والحفاظ على حقوق وحريات أبنائه الشرفاء.
ويكره حكم الاستبداد والغش والخداع، حكم الملوك والأمراء الذين يعتبرون سلطتهم أعلى من سلطة القانون، ولجم الأفواه وإسكات صوت الحق والكلمة الحرة التي تنقد أو تعارض قراراتهم الجائرة الموقعة بقلم التآمر والخيانة، وأحكام الإعدام بحق كل من تسول له نفسه بمعارضتها وتقطيعه بالمنشار إرباً إرباً، أو يحتج عليها بنفيه إلى أبعد القارات أو رميه دون محاكمة عادلة وراء قضبان السجون المظلمة حتى الممات.

عيسى موسى موسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار